كنت في الخامسة

الخميس 20 ابريل 2017 - الساعة 04:59 صباحاً

 

 

 

كنت في الخامسة حين دخلت المدرسة في القرية، دون ان اظهر استعداداً للتعلم. مدرسة مبنية بالزنك لا تزيد عن ثلاثة فصول، يجلس الطلاب على الارض، كنت في الصف الامامي. اتذكر يوماً حين انشغل المدرس بالكتابة على السبورة؛ قفزت اجري عبر الباب المفتوح الى الخارج بأقصى سرعة. احياناً يتصادف ان تلتقيني جدتي وانا خارج المدرسة؛ تعاتبني باستياء لأني تركت الدرس. "ايش عادكم تشتوا، درستولكم هكا." ارد بلكنتي الريفية، فاتحاً ذراعيّ لأقصى مدى خلفي، للتعبير عن الكم المهول لدراستي. ولأنها دللتني خاطبتها دون خوف. كان يحركها حباً تراجيدياً نحوي، كما سيخبرني ابي، شعور بالحزن وخيبة الامل ايضاً لما بدت لها الحياة. فكل ما افعله وسأقوله اما يثير سخرية او استهجان من حولي. اتذكر انها ظلت تقول لي بألم؛ اعقل يا بني، الناس يضحكوا عليك. "اعقل." ظلت اللازمة التأنيبية لي. كثيراً ما اثار تصرفا لي او حديثاً سخرية الآخرين. بينما كنت ارى ان ما اقوم به لا يستدعي ذلك. ربما اشعر بالخيبة، لكني اعود لتكرار نفس الاشياء دون حيطة، مدفوعاً بإحساسي العميق انها ناتجة عن طبيعتي انا. وكثيراً ما وجدت نفسي في مقارنات مع اطفال اخرين، كانوا يحبوني واعتقدوا ان ذلك لأجل اصلاحي، كنت افشل في المجمل؛ شوف فلان كُن عاقل مثله. انا الطائش دائماً، المتمرد على لوائح اللياقة العامة، عديم الفائدة ايضاً. الطفل الذي يضيع مصروفه، شنطته المدرسية. كنت افشل في شراء خضار من البقال لأني احملها على عماي بعضها فاسد. كنت اتفهم ايضاً هذا الخلل بي: جمال مش حاذق. وربما ينتابني الشك؛ كوني لست طبيعياً. وحين اكون مع الاطفال الذين فشلت دائماً بمقارنات معهم في تصور الكبار؛ اجد بيننا اشياء مشتركة، رغبات متوافقة، تلك الميول للعب والتحرر من قيود الكبار. لكن الفرق اني لم اكن متحفظاً فيما اقوله او افكر به، بينما على العكس مني داهنوا آبائهم، والأسوأ من ذلك لم اتمتع بحذاقة ازاء اصغر المهمات. سأعود لسنوات القرية: ذات يوم عدت من المدرسة؛ ولأكون دقيقاً قضيت معظم الوقت امام محل الحداد جالساً على التلة الصغيرة اتأمله ساعات وهو يعمل؛ عدت لحظة خروج الطلاب من المدرسة. وفي الطريق كان هناك جمل يقف قاطعاً الطريق الضيق والوعر. تشكل صف غير منتظم يمر فيه الناس خلف الجمل؛ البعض سار على الحافة العلوية لمسار حقل في تلك المدرجات. لم يعجبني البقاء في تلك الكتلة الخرساء للتدفق الجماعي. انحرفت متقدماً نحو رأس الجمل المزروعة على رقبة مقوسة. قررت السير من هناك. وقفت على بعد خطوة من عينيه، ربما استفز وجودي لأنه بدأ يحرك رأسه، لم يكن لجام يغطي فمه المدور، مع مناورتي التي بدأتها. يخترق الطريق الرملي المدرجات الزراعية، خلفي كان هناك ممر بجانبه شجرة سنط، وعلى بعد خطوات يمكنني الالتفاف يميناً بجانب شجرة الجميز (الطولق) محاذية لنتوء صخري واصعد الممر المتعرج بين احراش شوكية، حيث تظهر آكام صغيرة في الأعلى. بدأ الناس يحذروني حين لاحظوا عزمي ويصرخون بي لأعبر "مثلهم" خلفه. لطالما انتصبت في وجهي بأكثر الايماءات حزماً؛ لماذا لا تكون مثلهم. مازالت تستفزني تلك الصرخة التي شكلت اول دلالة قمع في وجودنا. ناورت الحيوان الضخم، ذو السنام بلونه الذهبي، النحاسي بعض الشيء، بعدة محاولات او مجازفات اخفض رأسي راكعاً، ثم انتصب، احرك جذعي كما في حلبة صراع او سباق. وبنفس ايقاع حركته الرتيبة تأرجحت رقبته صعوداً وهبوطاً؛ كما لو انه مستعداً ليدافع عن نفسه. حين وجدت الفرصة سانحة انزلقت من تحت رأسه بخفة في الواقع لم اجد صعوبة لذلك العبور؛ على الاقل ليس كما صورتها لي التحذيرات؛ والتي في الوقت نفسه عززت متعتي لما اقوم به. مع هذا كان بمقدور ذلك الحيوان الضخم الحاق الأذى بي. احسست حينها بشيء لم يفهمه احد؛ تحقيق ارادة صغيرة؛ تلك الارادة التي سأدافع عنها طيلة حياتي. غمرتني الخفة وانا اتجاوز ما بدا خطراً للآخرين، ومثيراً لي. تشكلت شخصيتي هناك؛ لأنني سأختار دائماً الطريق الذي لا يسلكه الآخرون. الطريق غير المكتظ بالجموع، حتى وإن ترتب عنه الخطر. الطرق الأكثر وعورة لا تحتمل ضمانات معتادة، بل تتماهى مع نزوع الحالم. يخوض الناس الدروب السهلة لأنها تضمن لهم بلوغ اشياء محددة. بينما نسير بلا ضمانات إلى المطلق في اعماقنا؛ لا مغزى للحصول على اشياء عينية؛ مجرد خروقات تحمل فيها كيانك الغريب عن هذا العالم المتداعي. وفي حياتي راهنت على اكثر الاشياء عرضة للخسران. فالكتابة تنبع من صميم ذلك؛ ان تتخلى عن اغراض الفوز. تنبع من ذلك الفتور والاستخفاف بدوافع اعتيادية؛ واحياناً تصورك مختلاً؛ عديم الفائدة في الواقع العملي. لكن الانغلاق ازاء تلك الدوافع يجعلك ايضاً منتقصاً ومرغماً على تلك الاستعارات المسفهة والتي تنطوي على التجاهل ايضاً. اعتدت دائماً ان اكون علامة استفزازاً صغيرة لكل ما هو مستعداً على املاء قيوداً او واجبات. لكني وضعت رأس الجمل الذي كان بمثابة عنوان منع او تحذير لي؛ نزعته منذ ذلك اليوم لأشكل عالمي الجامح بالحلم.

111111111111111111111

APalifealm

2018-August-14

Compression est comment poupe votre sang pousse contre les parois de vos arteres lorsque votre coeur essence pompe le sang. Arteres sont les tubes qui transportent perseverent b gerer offre sang loin de votre coeur. Chaque culture votre determination bat, il pompe le sang a tous egards vos arteres a la vacances de votre corps. https://www.cialispascherfr24.com/cialis-est-il-vendu-sans-ordonnance/


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس