"غزوان" كظاهرة وأداة سياسية

الاحد 16 يوليو 2017 - الساعة 03:28 صباحاً
المصدر : فخر العزب

 





 

يتحدث البعض عن "غزوان" بأنه طفل حدث في السابعة عشر من العمر، يعيش طيش المراهقة الذي يزداد تأثيره كلما تذكر أنه بات يمتلك بندقية يضعها بين يديه بإمكانها أن تقتل بمجرد الضغط على الزناد، ما يمنحه الشعور بنشوة تشبع غروره وطيشه وهو يرى عدد ضحاياه في تزايد مستمر.

لكن الأمر في حقيقته تعدى ذلك فقد أصبح "غزوان" رمزا لظاهرة الفساد والإجرام تحت يافطة الشرعية، والقتل العشوائي الذي يريد تقويض الأمن والاستقرار في تعز، ونهب وسلب الحقوق الخاصة والعامة، وهي الظاهرة التي بات يكتوي بها اليمنيون بنفس حجم اكتوائهم بالحرب التي يشنها الانقلابيون ضد الشعب والدولة.

يتلقى "غزوان" الذي بات زعيما لأكبر عصابات الاجرام في تعز دعما عسكريا غير محدود من قائد لواء عسكري معروف، ويمارس عمليات اجرامية تتنوع بين قتل المواطنين واختطافهم و"تكسير الأقفال" ونهب المحلات التجارية والبيوت والسيطرة على ايرادات الأسواق بالقوة وتنفيذ جرائم تزعزع الأمن والسلم المجتمعي، والغريب أنه يفعل كل ذلك باعتباره أحد أفراد اللواء العسكري الذي يقوم بدعمه والذي صرح قائده لوسائل الإعلام أن اعتقال "غزوان" يتطلب أسلحة ثقيلة ومتطورة.

هناك طرف سياسي يدعم "غزوان" عسكريا واعلاميا من خلال مده بالأسلحة المتنوعة وكذا ممارسة التهويل الإعلامي لتصويره كفزاعة لا يستطيع أي طرف أن يوقفه عند حده، ويسعى الطرف السياسي هذا من خلال استخدام ورقة "غزوان" القضاء على الكتائب التي تقاتل في صفوف الشرعية وتحقق تقدما عسكريا متواصلا هذه الأيام في جبهة الكدحة غرب تعز.

كما أن اشغال الوحدات والكتائب العسكرية المرابطة في جبهات القتال بقضايا جانبية يأتي في سياق عملية الاستنزاف التي لا تخدم سوى الانقلابيين، ما يقودنا إلى أن القوى السياسية والعسكرية التي تقف وراء ظاهرة "غزوان" هي قوى نفعية تريد استمرار واطالة فترة الحرب لأنها تتعامل مع الحرب باعتبارها وسيلة للارتزاق والإثراء ولا تريد حسم معركة التحرير ولا التخفيف عن تعز وأبنائها.

كما أن السؤال الأبرز يظل هو ذاك التساؤل الذي يطرحه الجميع عن دور أجهزة الشرطة والأمن في تعز والتي تحوي كشوفاتها على أكثر من 10 ألف فرد، بينما تعجز عن بسط الأمن في الأجزاء المحررة من مدينة تعز ما يطرح المزيد من التساؤلات عن دورها في تعكير الأمن والاستقرار وما هي القوى المرتبطة بها والتي تجد مصلحتها في الانفلات الأمني!؟

فالحروب تعد بيئة خصبة لظهور وانتشار العديد من الظواهر الاجتماعية التي تصنع مجرمين كانوا يشعرون أنهم مستحقرون داخل المجتمع ولم يلبث بعض قادة المجتمع أن يمنحوهم المكانة الاجتماعية كقائد يأمر فيطاع ويستشار في أمور وقضايا المجتمع، وتبرز هذه الظاهرة في الغالب في شخصيات كانت تعاني من كبت اجتماعي ناتج عن تشرد أسري أو حالة طلاق الوالدين أو تعرضهم للتحرش في مرحلة الطفولة، ما يزرع لديهم نزعة انتقامية وسرعان ما يتحولون إلى مجرمين حقيقيين.

فــ "غزوان" ظاهرة وأداة سياسية يستخدمه طرف سياسي معروف من أجل محاربة الخصوم السياسيين واشغالهم بقضايا ثانوية، وهذا الطرف السياسي في اصطناع وتمويل ودعم هذه الظاهرة يكون مستعدا للتضحية بأداته مقابل التخلص من الخصم السياسي، ولا يتردد من مهاجمة هذه الأدوات كي يظهر أمام المجتمع أنه الطرف الأكثر وعيا.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس