عبور المضيق و العقيد الصلاحي
الثلاثاء 24 سبتمبر 2019 - الساعة 06:47 صباحاً
خالد بقلان
مقالات للكاتب
عبور المضيق و العقيد الصلاحي
خالد بقلان
في اوخر العام الدراسي الجامعي كنت شغوفاً بمطالعة الصحافة الورقية واقتني صحفية الشارع بشكل يومي ، وهي التي حازت نشر كُتيب عبور المضيق من خلال عشرة اعداد تم النشر من البداية الى النهاية.
عشنا مع النص الذي دون بشكل احترافي تعيش معه حالة كتابية مدهشة تجتمع فيها طريقة المفكر و اسلوب الأديب و دهشة الروائي وسلاسته ودقة السياسي المخضرم.
كنت حينها بصحبة العقيد محمد ناجي الصلاحي ، وكنا الاثنين اكثر شغفاً للقراءة ، واول من يذهب لشراء الصحيفة ، من اجل عبور المضيق. الذي كتبه الدكتور ياسين وهو في رحلة علاجية بعد انتهاء مؤتمر الحوار، وكنا نعيش مع النص حالة تشخيص دقيق لما تعانيه اليمن وتوصيف مدهش لحالة البلد ووضعه، وتضمن الكتاب نصائح مهمة وتوصيات حصيفة لمؤسسة الرئاسة، وتطرق لذكر اوليغاركية ، وكأن نعمان يرى بعينه الآت ، وهو يستنتج بناءً على معطيات ماثلة في قلب المشهد السياسي.
واتذكر انه الكاتب استخدم امثال وحكم تعود لشافعي وهذه رسائل يفهما من يعتقد ان هرم السلطة حالة خاصة به ، وقد اتت اللحظة التي شاهدنا الكل ينقلب دفعة واحدة ضد فكرة التقسيم الإداري والتوزيع العادل لسلطة والثروة.
كان العقيد الصلاحي اكثر فهماً وادراكاً لما يقدمه ياسين وكان الصلاحي يعاود القراءة مرات عديدة لنص ، ثم يأخذ نفساً عميق ويقول لي لن يقبلوا بالإقاليم وسوف يجهضوا مخرجات الحوار بأي طريقة.
حدث الانقلاب بعدما سافرنا مأرب.. لقد تباعدت الاسفار وخضنا صولات تحت لواء المقاومة ، ومن انتقلنا الى الرويك في شهر يوليو 2015 بقيادة العقيد الصلاحي وشرعنا في تأسيس لواء 26 ميكا كان العقيد قد تواصل بضباط وغيرهم ومكث في صحراء الرويك في عز الحر واشد ايامه، وبالعودة لعبور المضيق قلت له يا فندم تتذكر ما كتبه الدكتور ياسين..!
قال نعم نعم يا ابني لم يسمعوا كلامه كان يرى بعين قلبه ويبصر لأنه ينظر للمستقبل وليس للحظة والمشاريع الآنية، ولديه خبره كبيرة ووعي كبير.
طبعاً العقيد الصلاحي كان اثناء حروب صعدة عمليات لواء 310 عشرة مارس عمله كعمليات اللواء لمدة ثلاثة اشهر استطاع خلالها ان يحد من تقدم الحوثيين ويحاصرهم ثم اتى قرار بعزله من منصبه وعاد لمنزلة بالعاصمة.
واثناء ثورة فبراير وبعد اعلان قائد الفرقة الاولى مدرع انضمامه لثورة، تم مهاتفة العقيد الصلاحي واذا بالمتصل مدير مكتب نجل صالح قائد الحرس الجمهوري يعرضوا عليه قيادة لواء بالحرس ولكنه رفض ذلك واحجم واستغرب في نفس الوقت هذا العرض وماهي دوافعه.
عاش العقيد الصلاحي فترة سته اشهر بالرويك وهو يؤسس ويلازم المعسكر ويتهندم بالميري بشكل رائع تشعر انك امام عسكري يحترم وظيفته ويقدر رتبته ويوحي شكله ذو القيافة الجميلة بجنرال مهذب جمع بين فن القيادة وثقافة المسيس، والذي انطلق من الرويك وكان مهندس معركة تحرير ما بعد حريب والساق وبيحان وكان الضابط المجهول الذي لا يسعى لظهور والافتخار ولكنه يمتلك قدرة وفن لخوض معارك تتوج بالإنتصار، غادر الصلاحي لرحلة علاجية الى القاهرة، وحدثت فوارق توحي بغياب قدرة حضرت سابقاً واتضح تأثيرها في معركة تلت غيابه.
أجمل مافي العقيد الصلاحي انه عقيد لم يسعى لترقية رتبته مثل الكثير من منتسبي الجيش الوطني.
تحيه للمناضل ابو عادل الصلاحي ولكل ايامنا تلك التي كنا لا نناقش عبور المضيق .. ولا زالنا حتى اللحظة نتوق لأصدار جديد من كتابات السياسي المخضرم ياسين سعيد نعمان الذي نكن له احترام وتقدير كبير.