معارك " المليارات" .. تجارة الإخوان الرابحة في تعز
الجمعه 09 ابريل 2021 - الساعة 07:07 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
منتصف عام 2016م وبعد شهرين من اقالته ، خرج نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء السابق خالد بحاح عن صمته ليرد على اتهامات الإخوان بتسببه في منع تحرير محافظة تعز.
قال بحاح حينها وفي لقاء له مع قناة "bbc" بان "تعز ظُلمت من ابناءها" ، وأكد بأن تحرير المحافظة كان على رأس أولوية الحكومة والتحالف الا أنه أشار الى " أنانية بعض المكونات السياسية التي عبثت بالملف السياسي في تعز".
بحاح أشار في حديثه الى ان "كثير من الأموال ضخت في تعز من أجل تحريرها " ، وقال : "من دولة واحد تسلمت ما تسمى نفسها بالمقاومة بتعز 300 مليون ريال سعودي دون ان يعملوا شيئ ما يستحق من هذا المبالغ في تحرير تعز" .." مضيفاً هناك ضجة إعلامية وفعل قليل".
مالم يقله بحاح في تصريحه هو ان الدولة التي دفعت الأموال كانت السعودية ومن استلمها كان القيادي الإخواني الشيخ حمود سعيد المخلافي الذي تم تنصيبه من الإخوان "قائد مقاومة تعز" وكان قد غادر تعز في تلك الفترة الى السعودية ومنها الى تركيا التي استقر فيها دون عودة الى اليوم.
ورغم ان رد بحاح كان اشبه بفضيحة مدوية تكشف حجم المتاجرة التي تتم باسم تحرير تعز من مليشيات الحوثي، لكن استمرار المعارك حينها وبقاء الجبهات مشتعلة مكنت الماكينة الإعلامية للإخوان حينها من التغطية على ذلك وتصويره بانه استهداف لتعز ولمقاومتها.
كما ان الانتصارات والتقدمات التي كانت تحققها التشكيلات العسكرية الخارجة عن نفوذ الإخوان (اللواء 35 وكتائب ابي العباس) ، كانت كفيلة بالتغطية على متاجرة الإخوان بمعارك التحرير وتخزينهم للسلاح والذخائر لمعاركهم الخاصة في المستقبل.
لكن مع توقف الجبهات بشكل شبة تام ومع حلول عام 2017م، بدأت الصورة تتغير وتتضح بتحويل جبهات تعز ومعركتها ضد مليشيات الحوثي ومعاناة ابناءها مع الحصار ، الى مشروع استثماري يدر المليارات من الأموال وشحنات من الأسلحة والذخائر على قيادة الجماعة في تعز لصالح مشروعهم ومعاركهم الخاصة.
وكانت أولى التجارب مع أوائل عام 2018م بتعيين امين محمود محافظاً لتعز الذي اعلن فور توليه المنصب عن بدء معركة تحرير للمحافظة بخطة تحرير من قبل الشرعية والتحالف وتم رصد الإمكانيات لذلك.
الا أن الأمر توقف سريعاً ، بعد ان اتضحت الصورة للمحافظ وحقيقة نوايا جماعة الإخوان المسيطرة على الملف العسكري، ورغبة قياداتها في نهب الأموال التي رصدت للمعركة، ليدخل المحافظ في صراع مرير ومهم انتهى بالإطاحة به أواخر العام وتعيين نبيل شمسان بديلاً عنه.
ليبدأ مع عام 2019م مسلسل المعارك الموسمية لجبهات تعز وبمشهد متكرر تتحرك فيه الجبهات بشكل مفاجئ وتخرج قيادة المحور بالإعلان عن بدء عملية تحرير المحافظة وعقب أيام ينتهي الامر أيضا بشكل مفاجئ دون تحقيق أي شيء يذكر.
ليتضح الأمر بعد ذلك بأن ما جرى كان اشبه بعملية "إخلاء عهدة" لمليارات من الريالات تم نهبها من القيادات العسكرية الاخوانية باسم "تحرير تعز".
ففي مايو من عام 2019م وبشكل مفاجئ اعلن قائد محور تعز – حينها- اللواء الركن سمير الصبري، عن عملية عسكرية أطلقتها قوات الجيش الوطني لـ " استكمال تحرير المحافظة من مليشيا الحوثي الانقلابية "، لم تدم العملية أكثر من 3 أيام وتعود الجبهات الى هدوئها .
حينها كشفت مصادر "الرصيف برس" بان ما جرى لم يكن سوى عمليات هجوم عبثية من قبل قيادة المحور والقيادات العسكرية الخاضعة لهم ، بهدف تصفية مبلغ 5 مليار ريال رصدتها الشرعية لتحرير تعز عام 2018م في عهدة المحافظ السابق أمين محمود الذي رفض صرفها مشترطا ان تقدم قيادة المحور خطة عسكرية واضحة لتحرير تعز.
وبحسب المصادر فقد اضطرت قيادة المحور الى القيام بهذه المسرحية بعد أن قامت – قبل شهرين منها – بهجوم في الجبهة الشرقية باستخدام جزء من هذا المبلغ نحو 3 مليار ريال لتمويل مليشياتها ومن ثم تصفية ماتبقى بحجة ملاحقة مطلوبين امنيين في المدينة القديم، لكن الهجوم انتهى بتهجير كتائب ابي العباس، لتقوم بإطلاق "عملية تحرير" وهمية لسحب ما تبقى من المبلغ.
وتكرر ذات المشهد في أكتوبر من العام الماضي، بالإعلان عن معركة تحرير جديدة لتعز وعزم قوات المحور الإخواني فك الحصار عنها والتحرك من الجبهة الشرقية مجدداً نحو الحوبان.
وينتهي الأمر بعد أيام بدون أي تقدم يذكر بل اسفرت العملية عن استشهاد اكثر من عشرة افراد واصابة نحو 50 من عناصر الجيش بالإضافة لإصابة العشرات من المواطنين بعد رد مليشيات الحوثي على العملية بقصف الاحياء المدنية بالقذائف.
حينها أيضاً كشفت مصادر " الرصيف برس " حقيقة الأمر، وأنها عملية نهب لـ 4 مليار ونصف المليار ريال استملتها قيادة المحور من الحكومة كمبلغ أولي ضمن خطة عسكرية لتحرير تعز تم وضعها من قبل قيادة المحور ولجنة من التحالف زارت المدينة سراً قبل شهر من ذلك.
الشهر الماضي مارس من العام الحالي 2021م ، كانت تعز على موعد مع تكرار ذات السيناريو، وأن كانت بدايته اوحت بان الأمر مختلف وانها عملية حقيقة لتحرير المحافظة بسبب زخم الانتصارات المفاجئة التي حققتها الجبهة الغربية في أيام محدودة تم فيها تحرير مساحات واسعة تقدر بنحو 8 كم مربع من بينها جبهة الكدحة وفتح طريق جديد لتعز نحو الساحل الغربي.
توالت المؤشرات بوجود عملية جادة لتحرير تعز مع اقتراب المعارك في الجبهة الغربية من خط الحديدة – تعز الاستراتيجي وتحريك جبهات جديدة وتحقيق تقدم فيها كجبهة الاحكوم في مديرية حيفان ، مع إعلان التعبئة العامة من قبل السلطات في تعز وحشد الجهود من اجل ذلك.
الا انه سرعان ما اثبتت الأحداث عكس ذلك، وان المشهد لا يختلف عن سابقيه في الاستثمار والمتاجرة بالحرب في تعز، وبدأت تتكشف الحقائق مع الكشف عن قرار سلطات تعز بتخصيص موارد المحافظة والخصم من رواتب الموظفين بالمناطق المحررة ومصادرة رواتب منهم في مناطق سيطرة الحوثي، كما فتحت حساب للتبرعات .
ولم يختتم الشهر الماضي أيامه الا وقد انهارت كل المكاسب التي تم تحقيقها على الأرض باستعادة مليشيات الحوثي لكل ما خسرته،وبعض المواقع بعد ساعات من تحريرها كما في الصراهم وشرف العنين بجبل حبشي، وباستثناء جبهة الكدحة، التي تم تحريرها في اول أيام المعارك على يد قوات اللواء 35 واللواء الخامس.
وخلال اليومين الماضيين بدأت تتكشف حقيقة ما حدث ، حيث كشف الصحفي جلال الشرعبي عن صرف حكومة الشرعية مبلغ 5 مليارات ريال مقابل معركة تحرير تعز التي اعلنتها سلطات تعز الإخوانية.
في حين أوضحت مصادر خاصة لـ "الرصيف برس" بان المحافظ نبيل شمسان وقيادة المحور كانوا قد تقدموا بطلب الى الحكومة بصرف مبلغ 10 مليار ريال لدعم الجبهات في تعز.
وقالت المصادر بان الحكومة وتحت ضغوط من نائب الرئيس الجنرال محسن الأحمر، صرفت لقيادة المحور ملياري ريال تسلمتها منتصف الشهر الماضي ، مع استمرار الضغوط من قبل الأحمر وجماعة الإخوان على الحكومة لصرف باقية المبلغ.
أكثر من شهر لمعارك النفير جبهات محور تعز محلك سر، بل أن بعضها تراجعت على ما كانت قبل بدأ المعركة كما هو الحال في جبهة الاحكوم، وتعود المليشيات الانقلابية مجدداً تطل وتهدد الطريق الاستراتجي الوحيد الرابط بين تعز وعدن في هيجة العبد ومازال محور تعز يوهم ان المعارك مستمرة، بخلق تقدمات والانتصارت لا اساس لها وكل ذلك من أجل التبرير لاستلام كل ما جمع استقطع وصرف من هذه المليارات لمعاركة العبثية