الإغتصاب والشر واليقظة وضياع الدولة ودور الرأي العام

الاثنين 07 أكتوبر 2019 - الساعة 03:24 صباحاً

 

 

أنا عندي أصلاً نفور طبيعي من القراءة عن الحوادث الجنائية الفردية والكتابة عنها، في الأيام العادية.

 

ولكن هذه المرة، هناك جوانب وزوايا أخرى للمسألة.

 

ما هو الشر؟

 

الشر، له نسبة معينة في كل تجمع سكاني.

 

بحسب علم الأنثروبولوجيا الإجتماعية، فإن للجريمة والشر والقسوة والصراع، وظيفة لتطور الإنسان Evolution ، وللحفاظ على النوع والبقاء Survival.

 

وظيفة الشر والجريمة- في أي مجتمع صغير أو كبير قروي أو قبلي أو حضري أو في مدينة كبيرة- هي أن يكون الإنسان يقظا وفي حالة حذز وانتباه واستنفار دائم ويتخذ الاحتياطات لحماية نفسه وأطفاله ونساءه وماله وعرضه.

 

الحذر والانتباه واليقظة والاستنفار الدائم وحماية الوَلْدْ والمال والعَرْضْ، خصال ضرورية لتطور وتقدم الإنسان Evolution وللبقاء على ظهر الأرض Survival، بحسب نظرية التطور للمجتمعات.

 

التطور Evolution ، ليس فقط على مستوى الجينات وشكل وصفات ومهارات الأفراد ولكن هناك أيضا علم تطور المجتمعات Social Anthropology، الذي يبحث في الخصال التي تحكم وتتحكم في بقاء البشر في تجمعات سكانية مع بعضهم البعض.

 

مهمة الأفراد الأشرار المجرمين- ونسبتهم ثابتة في أي مجتمع- هي أن يكونوا مصدر خطر على الوَلْدْ والمال والعرض.

 

ويبدأ خطر وتهديد الأشرار دائما على الضعفاء والفقراء.

 

ومهمة باقي أفراد المجتمع، هي سحق الشر والجريمة وعقاب المجرمين، لأن المجتمع يحتاج أيضا لضعفائه وفقرائه.

 

الضحايا،  هم في معظم الحالات الضعفاء والفقراء.

 

والمجتمع عليه التضحية بنسبة معينة من أفراد المجتمع الذين كان نصيبهم القيام بدور  ووظيفة الأشرار والمجرمين في المجتمع، بعد أن أرهبوا وروعوا المجتمع بجرائمهم، وقاموا بمهمتهم باستثارة وتفيز خصال الحذر واليقظة والإنتباه والإستنفار.

 

من الذي يقوم بوظيفة الحذر واليقظة والانتباه وحماية الضعيف والمظلوم في العصر الحديث.

 

الأب والأم والأسرة، على رأس قائمة حماية الضعفاء من بني جيناتهم.

 

الأعراف والتقاليد، المسجد والدين، الشريعة، القانون، رجال الأمن وأخيراً الجيش الذي مهمته بجانب حماية حدود الوطن هي التدخل لحماية الجبهة الداخلية عندما تنهار كل وسائل الحذر واليقظة والحماية داخل البلاد.

 

ولكن اليمن كلها مُغتصبة.

 

في البداية، اغتصبها الحوثي.

 

وفي اليمن، تتعرض الأسرة والأعراف والتقاليد والمسجد والدين ومؤسسة الأمن ومؤسسة الجيش ومؤسسة الإدارة المحلية ومؤسسة الحكومة ومؤسسة الرئاسة للإغتصاب، وليس فقط الأفراد.

 

وكل هؤلاء يغتصبون بعضهم البعض.

 

بالنسبة لحوادث الاغتصاب- أطفال أو نساء أو رجال- كتبت بأنها أبشع فعل بشري ويجب أن تنال أقصى درجات العقاب وألا تمر بالتحكيم والتصالح.

 

وجرائم الاغتصاب الجنسية هذه، هي قمة الشرور والجرائم وقد أثارت غضب الرأي العام في تعز.

 

ومسألة الإغتصاب الجنسي بالذات، هي بوجه حكام الأمر الواقع في تعز، التي تعيش تحته في وضع نشاز بمحافظ هارب نازح، وبأمن كرتوني مسخرة، وبقادة عسكريين يجهزون السلاح للإعتداء على بعضهم البعض بينما يحاصرهم أعداءهم الحوثيون الإنقلابيون.

 

في جرائم الأسواق والإتاوات والاغتصابات في تعز، دخل فيها زيادة التجبر والهيمنة والسيطرة والظلم وضياع الضعفاء.

 

ودخل فيها فساد القادة.

 

ودخل فيها الانفلاث وضياع الأمن.

 

ودخل فيها ضعف وتهافت المؤسسة القضائية في تعز.

 

ودخلت فيها توهان السياسة والسياسيين مع هَوَان الحزبية والمتحزبين الذين تمترسوا في صفين متخاصمين في قضية لا تحتمل الانقسام.

 

الجريمة والشر الذي في تعز، ليست جريمة اغتصاب جنسي.

 

الجريمة في تعز، هي ضياع إدارة الأمن وقيادة الجيش.

 

الجريمة في تعز، هي ضياع النيابة والقضاء.

 

الجريمة في تعز، هي غياب وضياع وهروب ونزوح المحافظ.

 

الجريمة في تعز، هي عدم انتباه الرئيس هادي لإدارة المناطق المحررة بمهنية وتخليصها من تدخل الحزبية في المسائل المهنية وحياة الناس اليومية.

 

الجريمة في تعز، هي جريمة تحالف السعودية والإمارات، الذين ينشؤون الميليشيات في الساحل الغربي لتعز ويحرضون قادة العسكر على بعضهم البعض في المدينة وتربة الحجرية، بالإضافة إلى توجيه اللطمات لمؤسسة الشرعية وعدم السماح لها بإدارة المناطق المحررة من عدن.

 

زادت الشرور والجرائم وفقدنا الخدمات والحماية، وفقدنا الحذر واليقظة والانتباه وكل ما يلزم للحفاظ على النوع والمال والعرض والبقاء على قيد الحياة.

 

ضياع الأحزاب

 

في وقت سابق، كانت الأحزاب- عندما كان عندها رؤية مشتركة- تمثل الرأي العام، وقادرة على أن تعبر عما في ضمير ووجدان الناس.

 

أما بعد ما تخاصمت الأحزاب وتمترست في معسكرات متضادة، فقد أصبحت المشوهة للرأي العام.

 

دور الرأي العام

 

لا يهمل أهمية الرأي العام إلا الأهبل.

 

التحولات الكبرى، تبدأ بتململ وتغير مزاج الرأي العام.

 

ومن علامات التطور، في هذا العصر، أن يتقدم الرأي العام إلى الصف الأمامي.

 

ينبري الرأي العام ويتقدم للتحذير والتنبية وزرع عوامل اليقظة والإستنفار.

 

لم يبق لتعز ليحميها إلا الرأي العام.

 

وعلى رأس أدوات الرأي العام في تعز لحماية المجتمع، هي الوسائط الاجتماعية من فيسبوك وتويتر.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس