الإنسانية الرخيصة
الثلاثاء 02 مايو 2017 - الساعة 04:43 صباحاً
عامر السعيدي
مقالات للكاتب
اعتبر القرآن غيبة الإنسان كأكل لحمه ميتا، وهي غيبة.
أما معايرة إنسان بحاجته إليك، فإنها تشبه أن تعلقه على شجرة بجانب الطريق وتسلخه حيا، ثم توزع لحمه على العابرين قطعة قطعة بينما ينز القلب على شدقيك وأنت تلوكه منتشيا بسوء فعلتك.
كل الناس تحتاج، لكن أسوأ ما في الحاجة، أن تطلبها من الشخص الخطأ.
إن المعروف هو ذلك الفعل الحميد الذي يصنعه الإنسان النبيل وينساه، و لا نذالة أكبر من أن تستقوي على خصمك بمساعدتك له وإهانته بحاجته التي ما كان له أن يطلبها منك لو لم يكن مخدوعا بنبلك.
محزن أن يتراشق المتخاصمون بالحاجة والضعف.
نلاحظ من حين لآخر، مخاصمة بعض الناس وانتصارهم لأنفسهم بالإبتذال الذي يتنافى مع قيمنا العربية وتقاليد القبيلة و كرامة الإنسانية.
إنهم يستطيعون أن يختصموا بشرف ورجولة دون هتك الكرامات وجرح القلوب، لكن رداءة هذا الزمن تدفعنا جميعا إلى حيث لا نريد، تجعلنا صغارا حد العار.
إن من نكد الدنيا علينا أن ننحدر لدرجة أن نعتبر سقطونا بطولات، ونذالاتنا شهامة و نبلا .
إن الحديث هنا ليس عن حالة واحدة، بل عن ظاهرة تتكرر تباعا.
قبل شهرين كنت أتحدث مع صديق بالواتساب عن قصة ناشطة كانت تستعرض إنسانيتها بزهو كما تفرد شعرها الخصب للريح دائما.. هذه الإنسانة جدا عرضت على أحد الصحفيين الكادحين مساعدته في تكاليف زواجه، وبعد سنوات تباينت مواقفهما فاستجرت نذالتها بدناءة و قالت إنه لولا مساعدتها لما تزوج واعتبرته ناكرا للمعروف وقليل حياء، لا أدري من هو ذلك الصحفي لكني أتذكر وجه تلك الحقيرة وأشعر بالقرف.
كنت أعبر عن موقفي من تلك التصرفات بتشنج وشتيمة، بينما كان تعليق صديقي هادئا وحزينا ومنطقيا، تذكرت رسالته تلك وأنا أكتب عن الإنسانية الرخيصة، ولقد راقني أن أضيف على ما قلته هنا، قليلا مما قال هناك..
" لقد اضحى العيب في هذه الظروف ان يكون لديك فلوس في زمن اصبح الحصول فيه على المال قرين تهمة بالارتزاق او العمالة او الاستغلال او تجارة الحرب او ....
صدقني
لم يعد في الأمر من خجل
على اولئك الذين يملكون المال ان يخجلوا وان يجيبوا بأكثر من طريقة عن سؤال الناس .
هل كان هؤلاء يأكلون ثمن لحومنا وتعبنا وسهرنا ووجعنا ؟ .
صدقني
ان الخروج من هذه المحنة بشرف هو اكبر انتصار " .
أما الآن فلا أدري لماذا تبادر إلى ذهني قوله تعالى ولا تمنن تستكثر
بالإضافة هذا الدعاء الذي طرأ وأنا أتخيل تلك الثقوب في قلب محتاج وجد نفسه مباحا للألسنة ومشكوفا للقريب والبعيد ..
اللهم خذني قبل أن أحتاج لمن يلمزني بضعفني.