الخطر الداهم
الثلاثاء 26 نوفمبر 2019 - الساعة 03:39 صباحاً
خالد سلمان
مقالات للكاتب
الناس لم تعد تتحدث مع بعضها ، كل منا صنع مسلماته الثابتة عن الآخر وكفى واكتفى ، لم يدر حلقة نقاش ، حول ما يراه من رفض في هذا الذي ليس أنا ، وبالتالي ليس من حقك ان تحيل ثراء الاختلاف ، الى مبرر ،لقطع لغة الكلام، ونسف جسور الحوار والتواصل ،فالقطيعة تعني بناء جدران العزلة، ومراكمة عدم الفهم او حتى المحاولة لإبداء الاستعداد للفهم، او لتجريب فهم ،هذا الذي لا يتطابق معك ، يتمايز عنك ولكنه ليس انت ،ليس بديلك ، ليس اداة اقتلاع لك ،او إحلال لتصوراته ،مكان ماكنت تمثله من فكر ورؤى ،قيم ومثل، بل وحتى مكان وجغرافية، واعتقاد.
مشكلتنا مع الخصومة بمفهومها الأريحي المنفتح ،هي عندما توصل للعدمية ،الإلغائية الجامدة ،ورفض الإصغاء ،حينها تتحول من اثراء لاختلاف ، الى اجتثاث وكراهية وتصفية.
ليس من العدل والعقل، ان لا تعرف ، لماذا انت داخل دائرة وحقل الرماية، ولماذا عليه ان يصوب إبرة تنشين كراهيته نحوك ، وتكون انت الصريع ، الذي لا تمتلك انت أيها المنفي ، المغضوب عليه، حتى حق المعرفة، عن دواعي تدحرج كرة الكره هذه، حد بلوغ قمة الغل والخطر .
حين نخلط بين انت ،كوجود موضوعي مستقل عني ،وبين تصوراتي أنا الذاتية عنك ،حينها تصبح الصورة جلية ،لتفكيك ومعرفة دواعي كل هذا الإختصام الفاجر، فأنا لا أكرهك ،انت كما انت عليه ،بل اكره الرسم الذهني، والصورة الداخلية، التي خلقتها عنك انت الآخر ، وأطلقت ومازالت اطلق النار عليها، حد التمزق والقطيعة والعداء.
الحقيقية اننا نكره بلا سبب ونتعاطف بلا سبب ، ونبالغ بتنمية ومراكمة، نقائض الحب والكره ،أيضاً بلا دراية وسبب.
من يصنع أدوات ازالة كل هذا البغض ، هو فتح كوات الضوء، وتوسيع مساحات الحوار ، كي نصل الى بناء قاعدة احترام المغايرة ، ورفض المشابه ، الذي يقضي على حيوية المجتمع ،ويؤسس، لتبعية خرساء صامتة ، تبني حضورها ،على عصبوية المواقف المغلقة التابعة حد الابتذال.
في الغائك للمغاير ، وغير المتشابه وإياك ، والانحياز ، للمتناسخ معك، هو لسلام وتعايش الجميع ،ذروة الخطر.