بعد زلزال مصر ... تونس توجه صفعة مدوية للإخوان وتطيح بحكمهم الفوضوي
الاثنين 26 يوليو 2021 - الساعة 07:28 مساءً
المصدر : الرصيف برس - خاص
شكل قرار الرئيس التونسي قيس سعيد الذي أصدره ليلة امس ثاني زلزال سياسي تتعرض له جماعة الاخوان المسلمين في تاريخها منذ انشاءها قبل 90 عاماً ، بعد زلزال الـ 30 من يونيو 2013م الذي أطاح بحكم الجماعة في مصر.
وقرر الرئيس التونسي قيس سعيد ليلة أمس تجميد كل سلطات مجلس النواب ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه ، ما يعني الإطاحة بحكم جماعة الاخوان في تونس الممتد منذ نحو 10 سنوات عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عام 2011م.
وقرر الرئيس التونسي، بموجب الفصل 80 من الدستور، تولي رئاسة النيابة العمومية للوقوف على كل الملفات والجرائم التي ترتكب في حق تونس، وتولي السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة جديد ويعينه رئيس الجمهورية.
قرار الرئيس التونسي جاء عقب اجتماع طارئ مع قيادات أمنية وعسكرية، ما يعني وجود ضوء اخضر للرجل من قبل مؤسسة الجيش والأمن لحسم الأزمة السياسية التي تعيشها تونس منذ أواخر عام 2019م مع تولي قيس سعيد رئاسة البلاد ودخوله في صراع مع حركة النهضة ( الذراع المحلي للإخوان في تونس ) وهي صاحبة الكتلة الأكبر في البرلمان.
وتصاعدت الأزمة خلال الأشهر الأخيرة بين الحركة والرئيس على خلفية محاولات الحركة تهميش صلاحيات الرئيس وفرض هيمنتها على مقاليد الأمور في تونس ، مع فشل الحكومات التي شكلتها شخصيات محسوبة على الحركة في إدارة البلاد ما جعل الأوضاع الاقتصادية اسوء مما كانت عليه قبل ثورة 2011م التي أطاحت بزين العابدين بن علي واوصلت الاخوان الى الحكم.
تدهور الوضع الاقتصادي أجج من غضب الشارع التونسي ضد حركة النهضة وتضاعف هذا الغضب مع الموجة الأخيرة التي شهدتها البلاد لانتشار فيروس كورونا وكشفت سوء الإدارة لحكومة هشام المشيشي ، ما فجر الغضب ضد الحركة خلال اليومين الماضيين.
حيث اندلعت مظاهرات عنيفة يوم أمس الأحد في عدة مدن تونسية، أحرقت خلالها عدد من مقرات حركة النهضة تعبيراً عن الغضب من تدهور الوضع الصحي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، ورفع المتظاهرون شعارات تدعو إلى حل مجلس نواب الشعب وإجراء انتخابات مبكرة.
وهو ما استجاب له الرئيس التونسي بقرار تجميد مجلس النواب ورفع الحصانة عن أعضاءه البرلمان وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه ، بعد اجتماع له مع قيادة الجيش القى فيها بتصريحات نارية مهدداً بشكل غير مباشر جماعة الاخوان من استخدام العنف ، حيث قال: "لن نسكت على أي شخص يتطاول على الدولة ورموزها ومن يطلق رصاصة واحدة سيطلق عليه الجيش وابلا من الرصاص."
وقال الرئيس في بيان بثته وسائل الإعلام الرسمية "لم نكن نريد اللجوء للتدابير على الرغم من توفر الشروط الدستورية ولكن في المقابل الكثيرون شيمهم النفاق والغدر والسطو على حقوق الشعب".
الرئيس التونسي جدد توعّده للإخوان في كلمة ألقاها من شارع الحبيب بورقيبة، فجر اليوم الاثنين ، حيث توعد ''البعض بدفع الثمن باهظا". وقال: "من سرق أموال الشعب ويحاول الهروب أنّى له الهروب.. من هم الذين يملكون الأموال ويريدون تجويع الشعب؟"
وأضاف قائلا: ''لا أريد أن تسيل قطرة دم واحدة، من يوجّه سلاحا غير السلاح الشرعي سيقابل بالسلاح، لكن لا أريد أن تسيل قطرة دم واحدة" ، وكرر قائلا: "ما حصل ليس انقلابا.. فليقرأوا معنى الانقلاب..".
وكانت حركة النهضة وعلى لسان رئيسها راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي قد اتهمت الرئيس قيس سعيد بالانقلاب على الثورة والدستور، داعية انصار حركته للنزول للشارع رفضا لقرارات الرئيس.
وظهر الغنوشي في مقطع فيديو مع نواب حركته امام مبنى البرلمان بعد منعهم من دخوله من قبل قوات الجيش التي سارعت الى إغلاقه وإغلاق مقر الحكومة تنفيذاَ لقرارات الرئيس.
والى جانب دعم الجيش والأمن ، حظيت قرارات الرئيس التونسي بالتأييد من قبل عدد من القوى والأحزاب السياسية ، لكن التأييد الأهم جاء بالموافقة الضمنية التي عبر عنها الاتحاد التونسي للشغل والذي يعد أهم كيان في تونس وتأثيره على الشارع يعد أكبر مقارنة بكل الأحزاب والقوى السياسية.
الاتحاد التونسي للشغل وهو أكبر تجمع نقابي في البلاد أكد في بيان له حول الأحداث "ضرورة التمسك بالشرعية الدستورية في إجراء يتخذ في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد لتأمين احترام الدستور واستمرار المسار الديمقراطي وإعادة الاستقرار لتونس.
وشدد الإتحاد التونسي للشغل في بيانه على "وجوب مرافقة التدابير الاستثنائية التي اتخاذها الرئيس قيس سعيّد بجملة من الضمانات الدستورية" ، ما يعني موافقة ضمنية عليها.
اما على الصعيد الدولي والعربي فلم تصدر حتى الان – مساء الأثنين – أي مواقف تدين ما قام به الرئيس التونسي باستثناء النظام التركي التي صدرت تصريحات لمسئولين نددوا به ، في حين وصفه رئيس البرلمان التركي بالانقلاب ، اما الموقف الثاني فكان موقف قطر الذي بدأ مختلفاً عن الموقف التركي.
حيث اكتفت وزارة الخارجية القطرية بتصريح مقتضب دعت فيه " أطراف الأزمة التونسية إلى تغليب صوت الحكمة وتجنب التصعيد وإلى انتهاج طريق الحوار لتجاوز الأزمة" ، وهو ما يعكس رغبة النظام القطري في إنجاح جهودها لإعادة علاقتها مع الدول العربية المناهضة للإخوان.