الواشنطن بوست : اتفاق الدوحة مهد لصفقات سرية لتسليم أفغانستان لطالبان

الاثنين 16 أغسطس 2021 - الساعة 10:29 مساءً
المصدر : الرصيف برس - متابعات

 


 

 

 

 

كشفت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية، أن انهيار الجيش الأفغاني أمام حركة طالبان، جاء بعد سلسلة من ”الصفقات السرية وعمليات الهروب الجماعية“ في صفوف قوات الأمن الأفغانية، ما فتح الباب على مصراعيه أمام عودة طالبان للحكم، بعد 20 عاما على الإطاحة بها في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.

 

وذكرت الصحيفة في تقرير نشرته، الاثنين، على موقعها الإلكتروني، أن ”الانهيار المفاجئ للجيش الأفغاني، الذي سمح لمقاتلي طالبان بالسيطرة على كابول، الأحد، رغم 20 عاما من تدريب الجيش وإنفاق مليارات الدولارات عليه في ظل المساعدات الأمريكية، بدأ بسلسلة من الصفقات داخل القرى الريفية، بين طالبان وبعض المسؤولين الحكوميين الأفغان“.

 

كواليس الصفقات السرية

 

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أفغاني وآخر أمريكي، لم تسمهما، أن ”تلك الصفقات التي تم عقدها مطلع العام الماضي، كانت عادة ما يتم وصفها من جانب مسؤولين أفغان على أنها اتفاقات هدنة، إلا أن قادة طالبان كانوا في الواقع يقومون بعرض أموال على القوات الحكومية من أجل تسليم أسلحتها“.

 

وأوضحت: ”خلال الـ18 شهرا التالية، تطورت تلك الصفقات لتنتقل من القرى إلى الأحياء، ثم تسارعت وتيرتها لتضم عواصم الأقاليم، وهو ما تم تتويجه بسلسلة من عمليات استسلام القوات الحكومية، والتي تم التفاوض عليها، وفقا لما تم الكشف عنه من خلال مقابلات مع أكثر من 12 مسؤولا أفغانيا، بالإضافة إلى عناصر من الشرطة والعمليات الخاصة، والقوات وجنود آخرين“.

 

وأضافت الصحيفة: ”خلال ما يزيد على أسبوع بقليل، اجتاح مقاتلو طالبان أكثر من 12 عاصمة إقليمية، ودخلوا كابول دون مقاومة، ما أدى إلى هروب الرئيس الأفغاني أشرف غني، وانهيار حكومته. حيث اختفت قوات الأمن الأفغانية في المناطق المحيطة بكابول وفي المدينة نفسها، وبحلول الليل، أصبحت نقاط التفتيش التابعة للشرطة مهجورة، وبدأ المسلحون يتجولون في الشوارع بحرية كاملة“.

 

واعتبرت ”واشنطن بوست“ أن حركة طالبان ”استفادت من حالة عدم اليقين الناجمة عن اتفاق فبراير 2020، الذي تم التوصل إليه في الدوحة، بين الجماعة المتشددة والولايات المتحدة، والذي دعا إلى انسحاب أمريكي كامل من أفغانستان، وأدركت بعض القوات الأفغانية أنها لن تكون قادرة قريبا على الاعتماد على القوة الجوية الأمريكية، وغيرها من أشكال الدعم الحاسمة في ساحة المعركة، وأصبحوا أكثر تقبلا لنهج طالبان“.

 

ونقلت الصحيفة عن ضابط في القوات الخاصة الأفغانية، قوله: ”البعض كان يريد الأموال، في حين رأى البعض الآخر أن التزام الولايات المتحدة بالانسحاب الكامل من أفغانستان، يمثل تأكيدا على أن مقاتلي طالبان سيعودون إلى السلطة، وأرادوا تأمين مواقعهم في الجانب المنتصر“.

 

وقالت ”واشنطن بوست“، إن ”اتفاق الدوحة الذي كان يستهدف إنهاء الحرب في أفغانستان، أدى إلى إصابة العديد من القوات الأفغانية بالإحباط الشديد؛ الأمر الذي أدى إلى تعزيز دوافع الفساد لدى العديد من المسؤولين الأفغان، وضعف ولائهم للحكومة المركزية في البلاد، واشتكى بعض ضباط الشرطة من أنهم لم يتلقوا رواتبهم منذ 6 أشهر أو أكثر“.

 

ونقلت عن ضابط أفغاني قوله: ”لقد رأوا اتفاق الدوحة بمثابة النهاية، لقد شاهدنا التغيير في اليوم الذي تم خلاله توقيع الوثيقة، كان الجميع ينظرون إلى بعضهم البعض، وكان ملخص المشهد في أن الولايات المتحدة تركتنا كي نفشل“.

 

اتفاق الدوحة وتأثيره على ساحة المعركة

 

واستطردت الصحيفة قائلة، إن ”عملية الاستسلام التي تم التفاوض عليها لصالح طالبان، تسارعت ببطء في الأشهر التي أعقبت اتفاق الدوحة، بحسب ما قاله مسؤول أمريكي وضابط أفغاني، وبعد أن أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في أبريل، أن القوات الأمريكية ستنسحب من أفغانستان هذا الصيف دون شروط، بدأت اتفاقات الاستسلام بالازدياد“.

 

وتابعت: "ومع تعزيز المقاتلين لمكاسبهم على الأرض، سقطت الأحياء التي تسيطر عليها الحكومة في أيدي طالبان دون قتال، وتمت السيطرة على قندوز، وهي أول مدينة رئيسية يحتلها المقاتلون، وأدت المفاوضات التي قام بها زعماء القبائل إلى اتفاقات للاستسلام، وترك آخر قاعدة تسيطر عليها الحكومة لحركة طالبان".

 

ومضت الصحيفة الأميركية قائلة،

 

"وبعد ذلك بفترة قصيرة، أدت المفاوضات الخاصة بإقليم ”هرات“ الغربي، إلى استقالة حاكم الإقليم وكبار المسؤولين في الشرطة والاستخبارات، والمئات من القوات الأفغانية، حيث تم التوصل إلى هذا الاتفاق في ليلة واحدة فقط".

 

ونقلت عن ضابط في وزارة الداخلية الأفغانية قوله: لقد هرب مسؤول الوزارة البارز في ”هرات“، عبدالرحمن رحمن، ”أشعر بعار شديد، أنا مجرد شخص صغير، ولست مسؤولا كبيرا، إذا فعل هو ذلك وقرر الهروب، فماذا يتعين علي أن أفعل؟“.

 

وزادت الصحيفة بالقول، إن ”ولاية هلمند الجنوبية شهدت خلال الشهر الماضي عمليات استسلام جماعية، ومع اقتراب مقاتلي طالبان من مقاطعة غزنة جنوب شرق البلاد، فر حاكمها تحت حماية طالبان، لتلقي الحكومة الأفغانية القبض عليه وهو في طريق عودته إلى كابول“.

 

شهادات صادمة للضباط الأفغان

 

وأشارت ”واشنطن بوست“، إلى وحدات النخبة المميزة والتي تحمل دوافع للقتال شاركت في المعارك ضد طالبان إلى جانب الجيش الأفغاني، ولكن تم إرسالهم في كثير من الأحيان لتقديم الدعم لوحدات الجيش والشرطة الأقل تدريبا، والتي انهارت مرارا وتكرارا تحت ضغط طالبان.

 

ونقلت الصحيفة شهادات بعض جنود الحكومة الأفغانية، الذين تراجعوا أمام تقدم طالبان الكاسح، حيث قال ضابط من القوات الخاصة الأفغانية التي كانت متمركزة في قندهار، والذي تم تكليفه بحماية معبر حدودي مهم: إنه ”تلقى أوامر من أحد القادة بالاستسلام، إلا أنه قال له نريد القتال.. إذا استسلمنا، فإن طالبان ستقتلنا“.

 

وروى الضابط في وقت لاحق، أن قائد الوحدة قال لهم: ”لا تطلقوا رصاصة واحدة، لتستسلم شرطة الحدود على الفور، تاركة وحدة القوات الخاصة بمفردها“، وأكد ضابط آخر رواية زميله.

 

وفي ظل عدم رغبتهم في الاستسلام أو القتال، فإن القوة الأفغانية ألقت أسلحتها، وارتدى أفرادها ملابس مدنية، وفروا من موقعهم.

 

 كما نقلت عن ضابط أفغاني آخر قوله: ”أشعر بالخجل مما فعلته، ولكن إذا لم أقم بالفرار، فإن الحكومة الأفغانية كانت ستقوم ببيعي إلى حركة طالبان“.

 

وبسؤال الضابط الأفغاني عن عدم وجود حافز للقتال في صفوف القوات الأفغانية، أوضح أنهم لم يتلقوا رواتبهم. 

 

وقال العديد من ضباط الشرطة الأفغانية على الخطوط الأمامية في قندهار قبل سقوط المدينة، إنهم لم يتلقوا رواتبهم لفترات تتراوح بين 6 -9 أشهر، وأصبحت مكافآت طالبان أكثر إغراءً من أي وقت مضى.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس