وداعًا لكم جميعًا.. رسالة من يوتيوبر أفغانية قبل مقتلها تدمي قلوب مواطنيها
الخميس 02 سبتمبر 2021 - الساعة 06:39 مساءً
المصدر : الرصيف برس - متابعات
«وداعًا لكم جميعًا»... بهذه الكلمات ودَّعت نجمة اليوتيوب الأفغانية نجمة صادقي، عشرات الآلاف من متابعيها، بعد استيلاء طالبان على أفغانستان، معبِّـرة عن خوفها من السير في الشارع، وطلبت منهم الدعاء لها.
وقالت شبكة «سي إن إن»، إن نجمة صادقي، البالغة من العمر 20 عامًا، جلست على سريرها وسجَّلت مقطع فيديو أخيرًا لعشرات الآلاف من المتابعين، مشيرة إلى أن التعبير المحبط على وجهها، كان يخبر المشاهدين بأن الأمر مختلف.
فنجمة، التي كانت منشوراتها تتركز على الطبخ أو استكشاف كابل مع صديقاتها، بملابس زاهية مع عزف موسيقى مبهجة في الخلفية، قالت في المقطع الأخير: «نظرًا لعدم السماح لنا بالعمل والخروج من منازلنا، كان علينا جميعًا تسجيل مقطع فيديو آخر لك، ومن خلال هذا الفيديو وداعًا لكم جميعًا».
خوف متزايد
وأخبرت صادقي المشاهدين بأنها خائفة جدًا من السير في الشارع، وطلبت منهم الدعاء لها، قائلة: «أصبحت الحياة في كابل صعبة للغاية، خاصة بالنسبة لأولئك الذين اعتادوا أن يكونوا أحرارًا وسعداء».
وأضافت وهي تكبح جماح دموعها: «أتمنى أن يكون هذا حلمًا سيئًا، أتمنى أن نستيقظ يومًا، لكنني أعلم أن ذلك غير ممكن... الحقيقة أننا انتهينا».
إلا أن الرسالة الأخيرة، قتلت صادقي، فبحسب اثنين من زملائها تحدَّثا لشبكة «سي إن إن»، فإنها قُتلت في هجوم إرهابي خارج مطار كابل الدولي، إضافة إلى ما لا يقل عن 170 أفغانيًا لقوا مصرعهم، بينما كانوا يحاولون يائسين الفرار من البلاد.
صادقي كانت في العام الأخير من الدراسة، بمعهد للصحافة في كابل، وانضمت مؤخرًا إلى قناة African Insider على YouTube، التي حصدت مقاطع الفيديو الخاصة بها أكثر من 24 مليون مشاهدة.
وبحسب الشبكة الأمريكية، فإن صادقي أعطت لمحات أسبوعية، عن حياة صانعي المحتوى الشباب، الذين نشأوا وسط الأمان النسبي لعصر ما بعد طالبان، كما سمحت تلك المقاطع لصادقي وآخرين بإعالة أسرهم، مع اتباع تطلعاتهم الخاصة.
وقالت صادقي، في آخر مقطع فيديو لها: «كنت أعمل لأجني ما يكفي لسداد مصاريفي اليومية وتعليمي (..) معظم العائلات في المدينة تنتظر فقط وجبة (واحدة) ليوم واحد للبقاء على قيد الحياة الآن».
هزة مجتمعية
إلا أن موتها هز مجتمعًا عريضًا من مستخدمي «يوتيوب» الشباب الذين تمتعوا بالحريات الممنوحة للأفغان في العقدين الماضيين، منذ إطاحة نظام طالبان الأخير، وكثير منهم لا يتذكرون حتى أيام ما قبل 11 سبتمبر.
وعادة ما تشارك صديقي، في استضافة مقاطع الفيديو مع صديقتها روهينا أفشار، لكنهما اضطرتا إلى تسجيل رسائلهما الأخيرة بشكل منفصل، خوفًا من مغادرة منزلهما، إلا أنه حتى قبل الهجوم على المطار، اختفى العديد من المدونين، بينهم أفشار التي أكدت لشبكة «سي إن إن» وفاة صديقتها.
وقالت أفشار: كنت المعيل الوحيد في عائلتي، لأن والدي مات وأخي لم يبلغ من العمر ما يكفي للعمل (..) مع الراتب الذي كنت أحصل عليه من قناة يوتيوب، كنت أدفع نفقاتنا، الآن أنا عاطلة عن العمل، وأنا خائفة جدًا من الخروج وليس لدينا دخل على الإطلاق، لا أعرف كيف يمكننا البقاء على قيد الحياة بهذا الوضع.
مصاعب وقلق
وتابعت اليوتيوبر الأفغانية: «إلى جانب المصاعب الاقتصادية، أشعر بقلق شديد، لأن الكثيرين يعرفون وجهي عندما كنت أعمل في وسائل الإعلام (..) لقد سمعت شائعات بأن مجموعات معينة، تحدِّد فتيات يعملن في وسائل الإعلام مثلي، حتى يتمكنوا من ملاحقتهن، فلا أشعر بالأمان على الإطلاق».
أفشار، التي قالت إن حياتها «انقلبت رأسًا على عقب في غضون أيام قليلة»، تعكس يأس عدد لا يحصى من النساء والفتيات في جميع أنحاء أفغانستان، مشيرة إلى أنه: «في الأيام العشرة الماضية، أو نحو ذلك، كنت في المنزل، أشعر بالاكتئاب(..) أنا لا أعرف ما يجب القيام به».
وأصبح موقع «يوتيوب» منصة بارزة في أفغانستان في السنوات الأخيرة، مسلِّطًا الضوء على الديمقراطية الوليدة في البلاد، التي توفِّر منصة قيّمة للصحفيين الطموحين مثل صادقي وأفشار.
لكن خوجة سميع الله صديقي، الذي عمل في أفغان إنسايدر، يخشى الآن على أولئك الذين أنتجوا مقاطع فيديو لقنواته وقنوات أخرى.
حياة ما قبل طالبان
ويقول خوجة، في تصريحات لشبكة «سي إن إن»: «في العامين الماضيين، بدأ العشرات من الفتيان والفتيات الأفغان الشباب والموهوبين، العمل في قنوات يوتيوب، ليس فقط لكسب لقمة العيش، لكن لإيجاد منصة لإثبات أنفسهم، والتقدُّم الذي أحرزه الأفغان في العقدين الماضيين».
وأضاف: «لكن كل شيء تغيَّـر في الأسبوعين الماضيين (..) توقفنا عن إنتاج أشياء جديدة، ونخشى أن يتم استهدافنا أو ترهيبنا أو إيذاؤنا»، مشيرًا إلى أن أحد مراسلي القناة تعرَّض لاعتداء جسدي، أثناء تغطيته أحداث مطار كابل.
فـ«نحن خائفون جدًا من استخدام حقنا في التحدُّث بحرية ونحن غير متأكدين من الغد»، يقول صديقي، مشيرًا إلى أنه يشعر بالقلق من أن محنة صانعي المحتوى الشباب، المنتشرة عبر المشهد الإعلامي الجديد، قد يتجاهلها المجتمع العالمي.
ظاهرة جديدة
وقال: «أعرف أن العديد من الصحفيين العاملين في وسائل الإعلام التقليدية، تلقوا المساعدة والدعم من أرباب عملهم والمنظمات الأخرى التي تحمي الصحفيين، لكن لم يعرنا أحد اهتمامًا»، مشيرًا إلى أن «العمل في منصات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب، ظاهرة جديدة في أفغانستان، لكن طبيعة عملنا هي نفسها مثل أي قناة تلفزيونية أخرى».
إحدى العاملات على اليوتيوب لقناة أخرى، قالت لشبكة «سي إن إن»: لقد أصبحنا جسراً بين الأفغان الذين يعيشون في الخارج والفقراء الذين يعيشون في البلاد (..) نحن في وضع صعب، يجب ألا يتخلوا عنا هكذا».
يوتيوبر أخرى في سن صادقي قالت لشبكة «سي إن إن»: «بالأمس كان دور نجمة، ربما جاء دور نجمة في الغد وفي اليوم التالي جاء دور فتاة أخرى»، مشيرة إلى أن «نجمة عثرت على رقمي من مكان ما، وأرسلت لي رسالة نصية (لتسألني) إذا كنت بخير، ما زلت أملك تلك الرسائل النصية... حتى الآن لا أصدِّق أنها رحلت».
وأضافت عن حياتها تحت حُكم طالبان: «أشعر باليأس، تحطَّمت أحلامي، حتى إنني لم أعد أستطيع مساعدة إخوتي، وأمي التي لا تستطيع الذهاب إلى العمل الآن»، متابعة: «نحن في وضع صعب، يجب ألا يتخلوا عنا هكذا».
وقالت اليوتيوبر: «تختلف طالبان اليوم عن سابقاتها، لأن لديها إمكانية الوصول إلى الهواتف الذكية الآن، ولديها إمكانية الوصول إلى الإنترنت (..) ربما يستطيع بعضهم التعرف إليَّ بسهولة، فمنذ اليوم الذي دخلوا فيه كابل، لم أخرج من المنزل».