جدل في تونس بعد دعوة الرئيس للمساواة بين المرأة والرجل في الإرث
الاربعاء 16 أغسطس 2017 - الساعة 03:55 صباحاً
المصدر : بي بي سي
أثارت دعوة الرئيس التونسي، باجي قايد السبسي إلي تكريس المساواة بين المرأة والرجل في جميع المجلات، جدلا واسعا في البلاد.
فقد شدد السبسي في خطاب له بمناسبة العيد الوطني للمرأة يوم الأحد الماضي على ضرورة إجراء مراجعات قانونية من شأنها أن تساوي بين الرجل والمرأة في الميراث وأن يسمح لها بالزواج من غير المسلم.
وأردف السبسي بأن تلك المسائل لا تتنافى مع الدين والدستور الذي يحمل الدولة مسؤولية حماية الحريات. وشدد على إيجاد صيغة قانونية تسمح بالمساواة بين المرأة والرجل في الإرث، "لكن دون السير في إصلاحات تصدم مشاعر التونسيين".
سجال بين الليبراليين والمحافظين
أعقبت تصريحات السبسي عاصفة من الجدل في تونس بين من وصفها بخطوة ثورية تهدف إلى تمكين المرأة من كامل حقوقها، وآخر اعتبرها تحريفا وانقلابا على تعاليم وأحكام الإسلام.
وقد أعلنت دار الإفتاء التونسية تأييدها لمقترحات السبسي، حول المساواة بين الرجل والمرأة في كل المجالات بما فيها الإرث، الأمر الذي أثار حفيظة الأزهر في مصر و مؤسسات دينية أخرى في العالم العربي.
ولطالما اعتبرت قضية المساواة في الإرث، وزواج المرأة بغير المسلم من النقاط الخلافية في تونس. ففي الوقت الذي تدعو فيه حركات نسوية بضرورة إقراراها وبإجراء مراجعات وقراءات جديدة للنصوص الدينية في هذا الخصوص، يدعو التيار المحافظ في البلاد إلى ضرورة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وإلى إجراء تعديلات في قوانين الأحوال الشخصية.
وانتقل الجدل حول تصريحات الرئيس التونسي من الشارع إلى العالم الافتراضي، حيث ضج موقعا فيسبوك وتويتر بعشرات الهاشتاغات التي عكست انقساما واضحا في آراء التونسيين.
ولم يقتصر النقاش على تونس بل ضم مغردين وكتابا وهيئات دينية من دول عربية أخرى.
المؤيدون لفكرة السبسي رأوا في إقرار المساواة في الإرث أمرا حتميا يجب الدفاع عنه لدفع البلاد نحو التطور.
وأكدوا على أن طرح السبسي يتماشى مع مقتضيات الدستور، الذي جعل التونسيين سواسية أمام القانون.
وترى الكاتبة رجاء بن سلامة في المساواة في الميراث قضيّة تنمويّة واقتصاديّة.
فكتبت على فيسبوك: "800 ألف امرأة تعمل في القطاع الفلاحيّ. نساء هذه البلاد الكادحات يطعمننا، وتموت الكثيرات منهنّ في شاحنات النقل و 62 بالمائة من هؤلاء النّسوة يعملن في أراض لا يمتلكنها"
ورأدفت: "المساواة في الميراث استحقاق اقتصاديّ وتنمويّ بالإضافة إلى كونها قضيّة مبدئيّة وحقوقيّة. كفّوا عن المغالطات، فقد آن الأوان لطيّ صفحة هذه المظلمة. وسيمرّ قانون المساواة طال الدّهر أم قصر."
من جهتها، اعتبرت المدونة مارل الرواي دعوة السبسي خطوة تاريخية وثورة على ما وصفته بالفكر الذكوري الذي يكبل المجتمعات الشرقية ويضعها رهينة للماضي ولتقاليد بالية، وفق تعبيرها.
في المقابل، عد نشطاء ومغردون دعوة السبسي بمثابة حرب على تعاليم الإسلام، واعتبروا تصريحاته بداية لعودة ما أسموه " بسياسة تجفيف المنابع الدينية" في تونس.
فكتبت المدونة أممية دغفوس تقول: "بمناسبة عيد المرأة واحتفالا بصدور مجلة الأحوال الشخصية يقرر الرئيس الباجي قايد السبسي قرارا ثوري، صادم في مجتمع إسلامي، المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، مثل هذا الإقتراح إن صادق عليه مجلس النواب سيحدث رجّة في العالم الإسلامي وسيدخل الشيخ التاريخ."
على صعيد آخر، قلل البعض من أهمية تصريحات السبسي وعدوه مجرد حملة انتخابية سابقة لأوانها، في إشارة للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في ديسمبر / كانون الأول المقبل.
وتساءل محمد جلولي في تدوينة على فيسبوك: "ميراث المرأة أم ميراث السلطة ؟! ...هل توقيت تصريح الرئيس بعزمه الدفع بهذه المساواة إلى أقصاها جاء بمحض الصدفة وبمناسبة عيد المرأة؟ أم أن المسألة متعلقة بالأجندات السياسية القادمة: الانتخابات البلدية على الأبواب والتشريعية والرئاسية ليست بعيدة كذلك؟"
نبذة عن حقوق المرأة في تونس
ويمنع القانون التونسي منذ عام 1956 تعدد الزوجات، ويمنح المرأة حق تطليق زوجها، والمساواة في العمل والحياة السياسية.
وقد ناضلت المرأة التونسية بعد الثورة من أجل المزيد من الحريات، إذ رفعت منظمات في المجتمع المدني مؤخرا دعوى قضائية لإلغاء المادة 73 التي تمنع زواج المسلمات بغير المسلمين.
يذكر أن نائبا في البرلمان التونسي قدم العام الماضي مشروع قانون يهدف إلى تسهيل المساواة في الإرث، لكنه واجه معارضة من مفتي الجمهورية التونسية آنذاك.