حسن عبد الله الشرفي شعر لا يموت

الخميس 18 يونيو 2020 - الساعة 01:19 صباحاً

بداية السبعينات كان موعد ميلاد القصيدة المنشورة للشاعر الكبير حسن عبد الله الشرفي، وهي قصيدته الموجهة للزعيم الفلسطيني أبو عمار، والتي نشرت في صحيفة (الصباح).

 

في الحديدة كانت بداية التعارف عن بعد مع قصيد شاعر شاب يعد بالكثير.

 

تابعت باهتمام إبداع هذا الموهوب الذي يجمع بين العمود المقفى، وقصيدة التفعيلة، وبين الفصيح، والحميني، وهو يبدع الفصيح والعامي بمقدرة إبداعية قل نظيرها.

 

الموهبة الباكرة تعلن عن نفسها؛ فقصائده الباكرة تعلن عن ميلاد شاعر كبير سيكون له شأن وأي شأن.

 

ففي ديوانه الأول (الغابة)، وهي قصائد عمودية لا تقل روعة وإبداعاً عن إبداع كبار الشعراء كالبردوني، والمقالح، وجرادة، ولطفي جعفر أمان، وكبار الشعراء الحضارم كابن عبيد الله، وصالح الحامد، وحسين البار.

 

فهذا الشاعر الكبير شق طريقه الإبداعي في ريف حجة بعيداً عن الأضواء، وكان إعلان ميلاده في ديوانه الأول (الغابة)؛ فكان غابة إبداع بحق.

 

وقد قدمه الدكتور أحمد الماخذي بدراسة ضافية تناول معنى ومبنى الغابة، وتناول الخصائص الفنية والإبداعية لقصيد الشرفي، وربط عميقاً بين قصيدة العمود عند الشرفي، وتطور عمود الشعر في القصيدة اليمنية والعربية.

 

حظيت قصائد الشرفي باهتمام الناقد والأديب المتعدد المواهب علوان مهدي الجيلاني في كتابه (قمر في الظل).

 

وهذا الإصدار النقدي مكرس لأدباء مبدعين شبان مشهورين ومغمورين يلجون ساحة القصيدة الحديثة، ووقف أمام الشاعر الشرفي.

 

وميزة الناقد الجيلاني الغوص عميقاً في بحر القصيدة الشرفية متسلحاً بالدهشة والخبرة معاً، فيقرأ الرغبة العارمة في الحياة، وروحه النابضة في كل حرف، ويدغم الشاعر بلغته ليصبح ملفوظ لغته، ويلاحظ ولعه بتنويع التفعيلة إلا أن العمود حاضر دوماً، ولكن العمود لم يمنعه من تجديد أدواته، وشحذها ومدها بالوهج المتغلغل في جسم القصيدة وشرايينها.

 

تتجلى مقدرة الشاعر والطاقة الإبداعية في التجديد عنده في المفردة، والصورة عبر العمود والتقفيه، كما أنه قدم وحقق مكانة مرموقة إبداعية في الحميني؛ فالنفس الغنائي يجعل قصيدة الشرفي حسن فصيحة أو حمينية مغناة ابتداء وانتهاء، لكأنه يخلقها لتكون مغناة أو يغنيها لحظة ميلادها.

 

في العام 80 في القرن الماضي نشر الأستاذ الأديب عبد الوهاب المؤيد نقداً لبعض قصائد الشرفي، ولم أكن حينها قد تعرفت على الشاعر إلا من خلال الشعر.

 

شعرت بأن هناك قسوة على قصيدة الشرفي؛ فكتبت في قراءتي لعدد اليمن الجديد (العدد الثالث، السنة الثامنة) رداً على قراءة الزميل المؤيد، وأذكر أنني عندما تعرفت عليه بعد الانتقال إلى صنعاء كان يذكرني بما كتبت.

 

أخبرني العزيز مروان نعمان أنه سأل والده مرة: ما هي القصيدة أو الأغنية التي تتمنى لو أنك أنت من قالها؟ فرد عليه قصيدة "مطر مطر" للشاعر الشرفي. ويعرف الجميع أن الفضول أحد أهم شعراء الأغنية الحمينية في خاتمة القرن العشرين.

 

آخر مرة التقينا الشاعر في منزله العامر بفضل العزيز محمد عبد السلام منصور، والمحامي عبد الرحمن النزيلي قبل بضعة أشهر.

 

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس