11 فبراير دعوة لا ادعاء !!

الخميس 11 فبراير 2021 - الساعة 07:17 مساءً

 

عشر سنوات خلت من ثورة 11 فبراير العظيمة الموؤدة قبل تخلقها بمبادرة خليجية احالتها إلى أزمة سياسية أفضت إلى تنحي صالح عن الحكم لنائبه وتسوية لشكل الحكم  والحكومة وكان التوافق أو التوافقية هي الاختزال الحقيقي لخطى الثورة في اهم منعطفاتها، عوامل عدة أفضت إلى ذلك الخيار الذي يصفه البعض بالمتعقلن باعتبار غاياته المفضية وهي إزاحة رأس النظام وتقليل الكلف الدامية، ويصفه آخرون بالمتذبذب ثوريا إذ قبل الحامل السياسي بنصف ثورة. 

 

نصف ثورة تقاسمت حكومة مع تصفها المكمل المضاد لها بالضرورة، وبرئيس ليس من بين صفوفها الثائرة او مكوناتها المتعثرة ؛ لكنه محسوب على النصف المكمل لتسويات العثرة التي تجلت في كل الميادين والساحات بمحاولة استباق بعضها بعضه الآخر وفرض خيارات استفراده وتمكينه !!

وبإفشال شركاء الميادين والساحات في حكومات الوفاق !!

 

عشرات سنوات خلت من عمر الحلم الموؤد بنزق ونرجسية أوهام التمكين وتضخم أناها تجاه شركاء الفعل الثوري والسياسي والتوافقي  

عشر سنوات قتلت  روح الثورة لكنها لم تقتل روح ثائريها .

 

أحبطت احلاما، وخيبت آمالا ، وعرت اقواما؛ لكنها لم تكسر إرادات الضوء  وطلائع الثورة ومشاعلها.

 

روحية الثورة تتجدد بإرادات لم تمت ولن تفنى، وستظل حية بشهادات التاريخ الذي لايكذب قوانينه وحتمية حركته !!

 

قد يبدو في أحايين كثيرة أن الثورة قد تعرضت لحياته من الداخل الثوري إما بالتواطؤ أو بالصمت واللافعل العاجز الذي اتاح لقوى التغول والتكويش من إحكام السيطرة على الثورة وميادينها وحرف مسارات تحولاتها المرجوة، فكرة المؤامرة ليست واردة في المبتدأ الثوري ولكنها تجلت في منتهياتها في  تقويض الفعل الثوري وفرض التسوية السياسية والاكتفاء بنصف ثورة ، وإن تغنى الكثير  مطلع كل عام  بذكرى ثورة لم تصل إلى منتهاها ومبتغاها بكل أسف، وهذا هو الانفصام بعينه.

 

نصف ثورة والاحتفاء بذكرى ثورة، والأدهى والأمر أن يكون مخرجها التوافقي حكما وحكومة بواقع 50% على الأقل محسوب على النظام السابق حزبا وانتماء وولاء، فأي فوضى أكبر من ذاك الانفصام الذي يصور واقع الحال في كل شباط من كل عام بأنه ثورة كاملة تستحق الاحتفاء  والمباركة، وليس غير تلك الملايين التي تصرف على أدعياء الثورة حينها  وتجار حروبها في راهنها ومستبدو الأوطان في غدها تمريرا لمشاريع الإلهاء للبسطاء والعوام وأصحاب الذواكر المثقوبة.

 

فوضى ممنهجة تصل حد الخطيئة التي توجب الثورة  بالاستمرار واستعادة دفة المبادرة وازاحة كل الادعياء من طريقها وفي طليعتهم أدعياء الزيف وتجارها.

 

لن ندفن رأسنا في التراب ولن نسمح بعودة الماضي البغيض أو باستنساخه تحت عباءات الشرعية . 

 

ولن نسمح بتحول ثورة 11 فبراير إلى يافطة إعلانية أو لوحة جدارية تتشدق بها القوى المضادة او لتبرز واجهات الفساد  وسراق الثورات.

 

إن القوى المضادة للثورة ما فتئت تضرب في خاصرة الثورة والأهداف، وتحاول استنساخ تجارب قوى الأنظمة المتهالكة باختراق المؤسسات والتغول على مقاليد السلطة والثروة والقرار ، تقصي وتغيب وتهمش  كل شركاء الثورة والنضال والكفاح والوطنية.

 

إن القوى المضادة للثورة تحاول أن تصيب جيل الثورة وقواها  الحية بالخيبة وتدفعها  للإنكفاء والغياب .

 

حلم يراودها وتعمل عليه بكل ما اؤتيت من قوة، وما علمت هذه القوى المضادة لثورة ال 11 من فبراير  المجيدة  أن الثورة باقية ومستمرة وستظل حتى تحقق كامل أهدافها، وستجدث من طريقها كل طغاة العهد الجديد  وستكنس من طريقها كل الفاسدين. 

 

حققت الثورة إبان انطلاقها زخماً  ثورياً وفتحت بابا للحريات  وأسقطت نظام العائلة والقبيلة والثوريث، وجاء اليوم من يحاول إعادتها لبيت الطاعة بدعاوى الثورية والفبرايرية وما علموا أن الثورة دعوة لا ادعاء ، وتمسك بأهداف الثورة لا تمسح بها ، وقيم وممارسات خلاقة لا اختلاق وابتذال .

 

الثورة فعل إيجابي مبدع ، لا افتعال وابتداع  .

 

الثورة قيمة ظاهرها كباطنها  لايزيغ عنها إلا مدع انتهازي مزايد وأفاق .

 

الثورة انتصار لقيم الحق والعدل والقانون والمواطنة والكرامة الإنسانية، لا لتكريس قيم الظلم والفساد واللصوصية .

 

الثوار  الحقيقيون لايمكن ان يتحولوا إلى معاول هدم وقطاع طرق أو إلى مشاريع نهابة ومرتزقة فيد .

 

الثورة  تدعونا اليوم إلى النظر في المرآه لنواجه الحقائق وإن كانت مُرة ونسميها بمسمياتها من غير مدارة أو موارة أو مواربة وبدون تضليل أو استخفاف أو مساحيق تزويق أو تجميل. 

 

الثورة تأبى أنصاف المواقف وإنصاف الحلول وأنصاف الرجال .

 

الوطن منهك ومنكوب ومخطوف، ومحاولة استغلال الوضع لصناعة مراكز قوى جديدة لانهاكه أو لتمرير مشاريعها الخاصة فإنه لايقل في الجرم عن جرائم النظام السابق أو قوى الانقلاب الحوثي  وتتساوى بضاعتهم جميعاً ولا فرق إلآ في مسمياتهم  فقط  وأما العقلية فواحدة .

 

محاولة التقليل مما نطرح هنا  يصب في خدم أجندات القوى المضادة المتربصة بالثورة وبالدولة وبالمستقبل.

 

 الموضوع  هنا أكبر من المناكفات والنكايات، وعلى الثوار وقوى الثورة أن ينتصروا  لتحدي الدولة الوجودي و إلآ  فمخاطر التقسيم والتشرذم  هو المآل المحتوم والحال كذلك ، ولابد إذاً من تصحيح مسار الثورة والدولة وإجراء مراجعات على كل الصعد الوطنية ثوريا وسياسيا وحراكا مجتمعيا  .

 

التفكير في العودة إلى ماقبل 11 فبراير 2011م بأي صورة من الصور لن يمر ، والسلطة الشرعية إن غضت الطرف او تراخت فإنها تضرب إسفيناً في شرعيتها الدستورية، وتعرض الوطن لضربة قاصمة ،  وإن لم تسارع الدولة لتدارك ما فات _ وقد فاتها الكثير فعلاً _  فإنها تتحمل الوزر الأكبر  إن لم يكن الوزر كله أمام الوطن والتاريخ والأجيال والمستقبل .

 

لا دعاوى مسمومة فيما نقول  ودواعي الثورة والوطنية والمسؤولية من تحتم  علينا المراجعة والمكاشفة و المواجهة .

 

في الثورة لا قداسة لأحد وإلآ فإنها تضل الطريق و لا تصدر الإ مزيداً من العبث والفوضى والانتحار الجمعي بهكذا  موازين .

 

الثورة فعل استثنائي بناء يؤسس لنظام جديد يلبي تطلعات وآمال الشعوب ، وعلينا أن نقرأ التاريخ ونمعن في التجارب .

 

الثورات تدفع تكاليفها مقدماً ولا يمكن  أن تعود إلى الوراء ، وإن حدث وتعذرت عن مواصلة استكمال مشروعها وتحقيق أهدافها  لألف سبب وسبب فإن ذلك لا يعني البته أنها ستنكفئ على ذاتها، بل هي تبدع في ابتكار أدواتها وآليات أشكال تخلقها من جديد .

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس