الــمُـخَــلِّــــــصُ !!

الثلاثاء 21 سبتمبر 2021 - الساعة 07:48 مساءً

شعوبنا تبحث عن المخلص  أو قائدها الأسطوري المنقذ ، كبطلٍ اغريقيٍ يخرج من عمق المأساة ليجسد الحلم ويصالح الآمال ويقود الطريق ، أو كمسيح يجلو بكفه ما علق على ظهر هذه الارض من ادرانٍ وشرورٍ وآلامٍ ومؤامراتٍ  ، يصالح النفوس  ويعلن إسدال ستار الحكاية التي كنا  فيها نحن الشعوب أبطالها وجمهور مسرح تلك  الملهاة في آنٍ ، وفي مفارقاتٍ تنكئ الجراح  وتبعث على الحزن وتستدعي القرف في مفارقاتٍ أيضاً تجمع بين النقائض  ولا تخلو  من ألمٍ أو حزنٍ  أو بكاءٍ  ، مسيح  يختم مآلات  هذا  الدوار العاصف الذي أصاب  إنسان هذه  المنطقة بجمودٍٍ وتبلدٍ وشيخوخةٍ قبل أوانها .

 

كل مانحتاجه شعوبنا قائداً برتبةِ نبيٍ ، أو مُخَلِّصَاً بدرجةِ مسيحٍ . 

 

لبعض من الوقت شعرنا بنشوةٍ أننا ملكنا الطريق  ، لكن أقدامنا خذلتنا مع منعطفاتِ تحدياتِ ذاك الطريق  .

 

كنا على أملٍ ، وبعد طولِ انتظارٍ أن يتحول المستقبل إلى مشتركٍ جامعٍ  يجمع  الكل ، ولايستثني في مشوارِ صناعةِ ملامحِهِ أحد  ، وضلت بأقدامنا الطريق أو تراها وَهَنَتْ و خارت.  

 

تعز تعج بالتفاصيل ، وربما هو مايثخنها ، جراحاتها المنداحة في جسدها المترامي يجعلها  دائمة الترحال في ذاكرةٍ  لاتهدأ وبحنينٍ جارفٍ  لفجرٍ  يبدو عزيز المنال، و هي في ترحالها وليس رحيلها إنما تحاول أن تتأبط أمنيات تسكن تلافيف جيناتها المسافرة في صلب الفجر ، وهي بترحالها ذاك  تجدد احزانها التي ظننا لوقت انها قد طُوَتْ في غياهب النسيان ؛ لكن يبدو  أن ذاكرة الترحال تنكئ الجراح وتجدد الأحران .

 

ولذا نراها مدينة معجونة بتبرِ الأرض  وترابها ، ولذا كانت درةُ المدن ، ولذا نجدها تنسج أحلامها بطول البلاد وعرضها ، و تغزل عشقها بأديم الأرض وملحها ؛ لتكون لكل الحالمين بوطن النهار مؤشر ضوءٍ أو قبلةَ صلاة .

 

ترحالها الدائم يجعلها في  مواجهةٍ دائمةٍ  مع أحزانٍ  ظننا لبعض الوقت أنها نسيت أو طوتها ستور الأيام ، وشيعها الأنام ، ووارت أوجهها الثرى.

 

لكن .. تعز  كما  هو عهدها مسكونة بحلمٍ سرمدٍ  ، ومعجونةٍ بصباحٍ تشرقُ فيها شمسهُ ،  وتروي بأنداءهِ هذا الأديم  .

 

وتبقى .. تعز  مدينة تأبى الهجوع ، وترفض الخضوع أو الخنوع ، وربما عيبها أنها مدينة تكره الإيجاز ، و مولعةٌ بالتفاصيل ، وربما ذاك هو ما يعيق حراكها ، ويؤخر توثبها  .

 

تعز  مدينة لاتنسى، وكل مافيها يدفعها لامتلاك  ذاكرةٍ حديديةٍ لاتنام ، لا تهدأ و لا تموت ، و ربما ذاك أيضاً سرٌ من أسرار توقدها و خلودها، وكذاك هي البلد . 

 

فهل تراها على موعد ٍ مع قدر ٍ مصطفىَ لها ، تبعدُِهُ عن جيلنَا وتدخِرْهُ لجيلٍ بحَجْمـهاَ تَسَعْهُ حُلْمَاً ويَسَعُهَا عملاً واملاً . 

 

ذاك ما نُفْلِحُ نحنُ في تبرِيْرِهِ ، ونَعْجَزُ في مواجهَتِهِ أنْفُسَنَا ، وقد فَشِلْنَا أنْ نكونَ لَهَا الوعدُ وتكونُ لَنَا الْظِّلَالُ . 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس