المدرسة الثانوية الفنية: بين وطنية "الرازقي" ومناطقية المشرف الحوثي

الجمعه 01 أكتوبر 2021 - الساعة 02:30 صباحاً

اشتقت لزيارة المدرسة الثانوية الفنية الصينية الواقعة بشارع حدة , هكذا كان اسمها حين كنت طالبا للاعوام 78 - 81 , ففيها درست وفيها تعلمت الكثير , الاعتماد على الذات الصبر والتحلي بالقيم الانسانية واخلاقيات التعامل مع الاخر , لها شعرنا ومازلنا بالانتماء فقد كانت المسكن والمإكل والفصل الدراسي. 

 

في تربتها بذرت بداياتي ومن ينابيع الحلم الانساني اسقيت زهور تشكل وعي العام واحساسي بالمسؤولية , وفيها فضت بكارتي الفكرية التي اثمرت " محاجن " القومية العربية  و " سبول " التجربة الناصرية التي مازلت " اخضب " من حبوبها حتى اليوم. 

 

منها تخرجت في مجال العمارة متسلحا بالامل وحب الصعود الى حيث يحلم والدي الفقير وأمي التي كنت لا التقيها سوى في العطل الصيفية، انطلقت الى رحابة الحياه العملية في وزارة الزراعة ومنها مبتعثا الى الاتحاد السوفيتي لدراسة الهندسة والذي تخرجت منه العام 89 في مجال هندسة المنشات المائية , الى جانب دبلوم صحافة وشهادة تفووق علمي على مستوى جمهورية اذربيجان السوفيتية. 

 

عبرت البوابة الرئيسة وعلى بعد عدة خطوات وقفت متإملا الفصول الدراسية الواقعة على يميني , خطر ببالي كل من لازلت اتذكرهم من المدرسين الصينيين وفي مقدمتهم الاستاذ " ياسين " مدرس مقاومة المواد , ومن اساتذتي المصرين مدرس الرياضيات الاستاذ " عبد الله " من كان اكثر حضورا في حياتنا الدراسية , لكنني ابتسمت وانا استحضر استاذ اللغة الانجليزية الاثيوبي وكلمة " همر " التي كان يرددها بطريقة مضحكة مازلنا نكررها مع من نلتقيهم من زملاء الدراسة.

 

على اليمين ملعب كرة القدم حيث خضنا مباريات عدة ضمن دوري ثانويات الأمانة والمحافظات , وكنت احد فريق المدرسة. 

 

الى جانبه يقع ملعب كرة الطائرة حيث كانت المدرسة الفنية تحتل المرتبة الاولى على مستوى الجمهورية في هذه اللعبة , لدرجة ان اكثر من نصف الفريق الوطني لكرة الطائرة والسلة كانوا من فريق المدرسة ومثلوا اليمن في اكثر من دولة ...من لايتذكر " حسين ابو الغيث - ناجي النجار - يحي الباردة -  سيف طربوش السامعي " .

 

واصلت السير باتجاه اليمين , فاضت عيناي بالدموع وانا اقف امام السكن وانظر الى غرفتي الواقعة في الدور الثاني متذكرا ثلاث سنوات قضيتها في هذه الغرفة. صعدت الى هناك, طرقت الباب ,فتح لي احدهم عرفت بنفسي وسمح لي بالدحول. 

 

جلست على سرير حيث كنت انام , نظرت الى الجدار فهناك نقشت في بداية السنة الدراسية الاخيرة المعدل المتوقع " 85 % " وان كنت قد حصلت على 83%  .

 

تذكرت زملاء السكن والفصل الدراسي, اخي وصديق العمر من زاملني ايضا في معهد البناء بمدينة باكو السوفيتية وقاسمني السكن ايضا المهندس " محمد عبد الجبار الأديمي " المغترب في بريطانيا ونال جنسيتها مؤخرا , والأخ الصديق " امين احمد عبد العزيز " وكل الاخوة الذين تقاسمت واياهم الفقر والعوز والطموح واعمال حمل البلك والطلاء وغيرها من الاعمال المدنية في الاجازات الدراسية.

 

غادرت الغرفة وراسي يزدحم بالذكريات , ولم انسى مزرعة السري الملاصقة للسكن المدرسي ومغامراتنا الليلية في السطو وتسلق اشجار البرقوق , والاختباء فيها في كل ليلة تطفاء فيها الكهرباء , حيث كان يعني لنا ذلك اعتقال احد الزملاء او عددا منهم من قبل الامن الوطني وهو ماكان يحدث بالفعل. 

 

غادرت الغرفة بإتجاه ادارة المدرسة , وكان مديرها انذاك المربي الفاضل والاب الحنون الاستاذ " علي الرازقي " رحمه الله اول من حضر في ذهني , وهو بالمناسبة شقيق الشهيد الرائد " عبد الله الرازقي " عضو القيادة العسكرية لحركة 15 اكتوبر الناصرية العام 78 م , هذه الاسرة العظيمة المنتمية لمديرية بني مطر ونحمل لها كل ايات المحبة والتقدير. 

 

" صالح السنحاني " من ابرز من تذكرتهم حينها , يمكن لانه كان مسؤولا عن توزيع بونات التغذية المدرسية. 

 

قطع حبل ذكرياتي صوت احدهم وهو يتحدث مع عدد من الطلبة بصوت عال ولغة مناطقية وطائفية مستفزة , لايليق التعامل بها بشكل عام مابالكم في مدرسة المفترض انها معنية بإعداد طلابها من جميع النواحي بما في ذلك الإعداد الوطني والاجتماعي السليم. 

 

كان يطالبهم بدفع كل منهم 1500 ريال كإجور للمدرسين، ويتوعدهم خارج الموضوع بتحد وشطح واضح : عتدفعوا غصبا عنكم , 21 محافظة وقعتوا على ضرب صعده والله ماسارت لكم عندفعكم الثمن .

 

ثم التفت نحو احد الطلبه مخاطبا اياه : وانتوا يااصحاب تعز عندفعكم غصبا عنكم , والله ما نخلي واحد منكم عندفعكم ثمن اكثر من غيركم وانتوا عارفين هذا الكلام، وحين سألت عنه اجابني من كان بجانبي بأنه مشرف حوثي !!.

 

اضطريت لمغادرة المكان قبل اثارته لقولوني العصبي وانا اتساءل : نحو اي مستنقع ياترى تدفع بنا هذه الاوساخ التاريخية ؟! .

 

وانا اسير في طريقي الى خارج المدرسة تذكرت مليا تلك المنشورات التي كانت بين فترة واخرى تملاء باحات المدرسة وملاعبها بم في ذلك طاولات الفصول الدراسية , تارة بإسم حزب الوحدة الشعبية " حوشي " وتارة اخرى بإسم " جبهة 13 يونيو " وكم شعرت وانا استعيد حديث الحوثي حاجتنا لنشاط وصدق تلك المرحلة من حياتنا.

                

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس