11فبراير هل أسقط "النظام" ؟!

السبت 12 فبراير 2022 - الساعة 06:27 مساءً

 

في الوقت الذي كان فيه اللقاء المشترك في اليمن  وعبر ما سمي بالهبة  الشعبية  يدعو إلى ( اصلاح النظام ) ويطالب بالاصلاح السياسي وإصلاح النظام الانتخابي ...كان ( بوعزيزي ) في تونس يشعل النار في جسده ليجعل منه شعلة الانطلاق لثورات (الربيع العربي ) ..

 

و بشكل مفاجئ هبت رياح الربيع القادمة من ( تونس ومصر ....) على اليمن وعلى الشارع اليمني ، وأتت رياح ( الربيع ) بما لا تشتهيه سفينة النظام ولا كان ضمن حسبان و حسابات المشترك ، ليندفع الشباب بعفويتهم وحلمهم بغد افضل إلى الشوارع والساحات ولتقفز الانتفاضة الشعبية سابقة  ( لهبة المشترك )  ورافعة للسقف  من ( اصلاح النظام ) إلى ( إسقاط النظام )..  

 

ومع الخروج العفوي للشباب الحالم  والانطلاق العفوي للانتفاضة الشعبية لم يكن هناك  خيار امام احزاب  المشترك بعد بعض  التردد و الترقب إلا الالتحاق التدريجي بركب  الانتفاضة الشعبية الوليدة ، ولم يكن هناك  خيار امام ( الساحات ) إلا القبول بالمشتؤك  كحامل سياسي للثورة أو الانتفاضة الشعبية  ، ورغم أن شعار ( الشعب يريد اسقاط النظام )  قد تصدر المشهد إلا التناقض والتفاوت في حقيقة الأمر  بين ( إصلاح النظام ) وبين ( تغير وإسقاط النظام ) ظل قائما سواء على مستوى ( السياسي ) و ( الشعبي ) أو ضمن  اللقاء المشترك نفسه وبين أحزاب اللقاء المشترك نفسها وبدرجات متفاوتة ..

 

ومع مرور الوقت ومع ميل الطرف الأقوى في المشترك إلى ( اصلاح النظام ) والاكتفاء بإزاحة ( رأس النظام )  بشكل أو بأخر وعدم الميل لاحداث تغير جذري وشامل  للنظام بطبيعته وبنيته و بمكوناته و تحالفاته المختلفة ( السياسية والعسكرية والقبلية والاجتماعية ...)

 

ومع اشتداد الضغط الثوري على النظام وتوسع الشرخ في بنية ومنظومة نظام علي صالح ، ذلك الشرخ الذي بدأ يظهر  بعد فترة وجيزة من حرب 1994 بسبب الخلاف والصراع على الغنائم والسلاح والنفوذ داخل الجيش والمؤسسة العسكرية  ثم بسبب توجه علي صالح نحو التوريث وتوسيع دائرة النفوذ العسكري لاحمد علي داخل الجيش على حساب  نفوذ وطموح الرجل الثاني في النظام  علي محسن الأحمر ، وتقوية وتعزيز قوات الحرس الجمهوري على حساب الفرقة ، وانشاء جهاز الأمن القومي على حساب جهز الأمن السياسي الذي كان فيه نفوذ كبير  لمحسن والإخوان منذ نهاية السبعينات ...

 

و بالتزامن مع ظهور وبروز ملامح الخلاف بين ( الرئيس ) و( الشيخ ) وبين ( الأسرة ) و (القبيلة) وما حدث من  تصفيات لبعض الشخصيات والقيادات العسكرية والسياسية والقبلية في منظومة النظام  مثل أحمد فرج ومحمد اسماعيل ويحيى المتوكل ومجاهد ابو شوراب  وغيرهم ومحاولة اغتيال الشيخ عبدالله الأحمر أثناء تواجده في الخارج في زيارة لإحدى الدول الأفريقية وظهور مؤشرات تشير بأصابع الاتهام نحو  الداخل ، ثم انتقال الشيخ الجريح إلى الرياض ومكوثه هناك حتى وافاه  الأجل .

 

مرورا بدخول حميد الأحمر حلبة الصراع بطموحه  السياسي والاقتصادي معززا باخوانه وفي مقدمتهم اخيه الأكبر ( الشيخ صادق ) كما قال في لقاء له مع قناة الجزيرة ..ومدعوما بنفوذ قبيلته وبنفوذه  الاقتصادي و نفوذ حزبه السياسي.. واستمرار الشرخ في التوسع بإعلان  صالح عن نهاية ( لعبة الكروت المحروقة ) والتأكيد على ذلك  بالرد المعاكس من قبل اليدومي  وهو ما مثل بداية عهد  الافتراق بين صالح والإصلاح ( بنسختيه الإخوانية والإصلاحية ) بعد عقود من العناق والتحالف الباطن والظاهر والمعارك والحروب المشتركة ، ثم خروج أو اخراج الاصلاح من الحكومة والتحاقه بركب المعارضة وولادة اللقاء المشترك ..

 

 وبالعودة إلى انتفاضة 11 فبراير  فمع زيادة الضغط الثوري على النظام زاد توسع الشرخ في بنية النظام وبدأت تظهر معالم التشضي بشكل اوضح وبالذات بعد أحداث ( جمعة الكرامة ) الدامية  وبداية من إعلان الرجل الثاني في النظام وقائد الفرقة علي محسن الأحمر عن التحاقه بالثورة وانظامه إلى الثورة وما تبعه من قفز الكثير من الشخصيات والمسؤولين والقيادات العسكرية والسياسية والقبلية والبرلمانية وقيادات حزب المؤتمر إلى مركب الثورة والاننظمام إلى الساحات  ( وحيا بهم .....حيا بهم ..  ) 

 

ومع مرور الوقت تصدر الملتحقين بالثورة والمنظمين للثورة وحماة الثورة . للمشهد الثوري  ليصبح المنظمين للثورة والقادمين من داخل النظام  قادة للثورة ووصاة على المشترك وعلى الساحات وعلى الثورة  بما يمتلكونه من نفوذ عسكري وقبلي واقتصادي ومالي وإعلامي ومن نفوذ داخل اكبر أحزاب المشترك و بعلاقاتهم وامتدادهم الخارجي ..

 

مع كل ذلك طغى صوت وشعار ( اصلاح النظام ) على صوت وشعار ( إسقاط وتغير النظام ) والاكتفاء بهدف رحيل رأس النظام  والخفاظ على جسد وأطراف وبنية ومكونات النظام الاجتماعية والقبلية والعسكرية والاقتصادية والسياسية بشكل أو بأخر وبقاء نفوذ وهيمنة مراكز القوى و النفوذ القديمة الحديدة  ، وجاءت المبادرة الخليجية لتعزز هذا التوجه ، وقبل أن تعلن أحزاب المشترك عن موقفها الموحد والرسمي من المبادرة ..كان علي محسن وحميد الاحمر اول المرحبين والمباركين  وتبعهم بعض قيادات الاصلاح....قبل أن يلتحق البقية مرغمين إلى ركب المرحبين والموافقين .

 

فتحولت الثورة إلى أزمة  وتوقف قطار الانتفاضة عند محطة المنتصف وعند نقطة التسوية ، فلا الانتفاضة أو الثورة قد  اكتملت ولا النظام قد سقط  ..

 

وتوجه المشترك  لتسلم نصف الحكومة بدون رؤية استراتيجية وتصور مسبق ، وفي المقابل كان النصف المؤتمري اكثر خبرة وقدرة في الإمساك بزمام اللعبة و يعرف ماذا يريد بالضبط وفي المقدمة خلط الأوراق وعرقلة الحكومة في انجاز بعض الخطوات المهمة ومنها على سبيل المثال عرقلة صدور قانون العدالة الانتقالية  لما كان له من أهمية كبيرة في تلك المرحلة وطغت على الحكومة خلافات وتباينات ومناورات التصفين إضافة إلى روح الأنانية والاستحواذ المبكر التي طغت على بعض أطراف نصف المشترك  مع وجود نوع من التأثير  لبعض مراكز القوى القديمة الحديدة على الحكومة  ، ومع بروز وظهور ملامح الخلاف بين رئس الحكومة وبين الرئيس التوافقي القادم من داخل النظام  مما زاد الطين بلة ..

 

وحتى (رأس النظام )  لم يسقط بالمعنى الحقيقي والكامل ولم يغادر ( الملعب ) ولم يتوقف عن  اللعب ، وظل متمتعا بالحصانة المجانية التي منحت له وبما ظل يتمتع به من نفوذ عسكري وقبلي  واجتماعي واقتصادي   وعبر موقعه في رئاسة  المؤتمر وعبر حزبه ومؤتمره وعبر نصف الحكومة الممنوح للمؤتمر وعبر ما يسمى بالحكومة العميقة وعبر الجيش وما  ظل له من نفوذ وسيطرة داخل الجيش أو الجزء الأكبر من الجيش والذي ما زال مواليا له وقراره في يده ويد الموالين له  في ظل كذبة ووهم  ( الهيكلة)  وهو ما ظهر بوضوح مع دخول الحوثيين الانقلابين الى صنعاء وسيطرتهم على المعسكرات أو تسلمهم للمعسكرات والأسلحة والمعدات العسكرية من قبل القيادات العسكرية الموالية لعلي صالح وتكرر نفس المشهد في أغلب المحافظات الأخرى ..

 

 ظل علي صالح في زاوية مظلمة من الملعب يمارس لعبته المفضلة والمعتادة مضاف اليها لعبة ( الانتقام ) وبالشراكة مع شريك ولاعب جديد قديم  جاء أيضا من داخل النظام ورضع منه وترعرع في أحضانه وتحت جلبابه.، ..ومع التقدم في اللعب اعتقد صالح أنه قد نجح في لعبته المعتادة من جديد وحان الوقت لإحراق الكرت والتخلص من اخر الحلفاء والشركاء ومن اخر الثعابين في جرابه ولكن هذه المرة خانه ذكائه وفقد دهائه المعهود ليستبقه(ثعبان الكهف) بالتفاف سريع حول عنقه وبلدغة سريعة وقاتلة ،ولتكون النهاية  وكما يقال في المثل الشعبي ( نهاية المحنوش للحنش )  ، ورحل صالح عن الدنيا ولكن لم يرحل ولم يسقط نظامه بالمعنى الحقيقي والفعلي ولم تسقط مكونات وأطراف نظامه بالمعنى الحقيقي . .

 

فهلال فبراير لم يكتمل وانتفاضة فبراير لم تكتمل لعدة أسباب وعوامل داخلية وخارجية ولم تصل الانتفاضة الشعبية إلى مرحلة الثورة الكاملة بالمعنى الحقيقي للثورة كتغير جذري وشامل ولم يسقط النظام بالمعنى الحقيقي والثوري..

 

وما حدث كان أقرب للانتفاضة منه للثورة ،وما حدث للنظام كان أقرب للتفكك والانقسام  والتشضي أكثر منه إلى  للسقوط والتغير ، فمكونات وأطراف وحلفاء ومراكز القوى والنفوذ في  النظام  العسكرية والقبلية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والسياسية القديمة والجديدة القديمة  المتشضية مازالت تعيد استنساخ نفسها ودورها ونفوذها متشظية وموزعة على أكثر من ظفة وعلى اكثر من جبهة وفي أكثر من ملعب ...

 

وما تزال قيادات اليوم تدير ما تبقى من الدولة ومن النظام بعقلية علي صالح ونظام صالح ، وما تزال روح وسمات نظام  صالح مهيمنة عليهم وعلى ممارساتهم وإن اختلفت المسميات ..

 

وما يزال هلال فبراير يبحث عن الاكتمال

وما تزال احلام و وأهداف وقيم فبراير تبحث عن الأوفياء  

وما يزال الحلم الجميل يراودنا وإن عاد الزمان لعدنا ...

 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس