للإرهـاب جـذور وبـذور
الخميس 30 يونيو 2022 - الساعة 10:52 مساءً
صلاح السقلدي
مقالات للكاتب
حتى حين كان الإرهاب يستهدف قيادات جنوبية اشتراكية بعد عام 90م، وبعد حرب 94م أيضا، فقد كانت الآلة الإعلامية والفكرية في صنعاء تقول عن الضحايا بأنهم نتاج تصفيات حسابات سياسية قديمة قادمة من عدن.
في ذات الوقت الذي كانت فيه تلك الجماعات الإرهابية تقر على رؤوس الأشهاد بأنها تقف وراء تلك العمليات التي تستهدف الشيوعيين الملاحدة، ودعاة الانفصال بحسب تعبيرها.
الإرهاب كان وما يزال، مسدسا ومفخخة وعبوة ناسفة وفكرا تدميريا دمويا، بمتناول يد بعض القوى السياسية والحزبية والعسكرية والدينية المتشددة وشخصيات نافذة معروفة بالاسم لمجابهة الخصوم السياسيين منذ عودة الجماعات المتطرفة من أفغانستان مطلع عقد التسعينيات وتجنيدها في بلاط تلك القوى بوجه الحزب الاشتراكي وكوادر دولة الجنوب السابقة، وتحديدا غداة تفجر الأزمة السياسية مطلع عام 93م وللإجهاز على فكرة "وثيقة العهد والاتفاق" الطموحة لبناء دولة مدنية بعيدا عن هيمنة القوى التقليدية الفاسدة.
وقبل ذلك كانت أزمة الاستفتاء على دستور الوحدة وصولا لاستخدامها، أي تلك الجماعات المتطرفة رأس حربة بحرب 94م الكارثية، وبقية تسلسل الأحداث بصورتها الدراماتيكية معروفة.
اليوم نحن إزاء حلقة جديدة من سلسلة توحش طويلة تعيد إنتاج نفسها بذات الأدوات وبنفس الأساليب (مفخخات، فتاوى منابر دينية وإعلامية ومالية للتحريض أولا على القتل والتفجير قبل كل عملية، ولتبريره بعد العملية وإلصاق التهمة بالضحية وإدانة الجثث، وتبرئة القتلة).
كل هذا كان يتم لتحقيق ذات الغرض السياسي القديم الجديد، ولاستهداف ذات الرأس القديم الجديد وهو رأس الجنوب، الجنوب كدولة، تاريخا وإرثا وهوية وجغرافيا.
فإن كان بالأمس يتم استهداف الجنوب تحت ذريعة استهداف الحزب الاشتراكي الملحد الخارج عن الملة وعن طاعة ولي الأمر، فاليوم كذلك يتم استهدافه بذريعة الانتقالي الانفصالي، وبنفس الوسائل.
كانت تلك القوى تحاول عبثا أن تصور الأمر بأن خلافها منحصر مع الاشتراكي وليس مع كل الجنوب، مع أن الوقائع أثبتت قبل وبعد ذلك أن الجنوب ببشره وشجره وحجره هو المطلوب أولا وأخيرا وليس فقط الاشتراكي.
خلاصة القول لمَـن يود التوقف عند آفة الإرهاب نقول له:
أن يدرك أولاً أن للإرهاب جذورا وبذورا، جذور بأعماق الأمس، وبذور بتربة اليوم تنمو وتتبرعم؛ فهو ليس وليد اليوم أو حالة طارئة بالمشهد قد تنتهي بأية لحظة، فهو سيبقى ما بقي صانعوه في حصنهم الحصين قابعين، وما بقيت أسبابه ومنابعه ترفده بالمال والفكر والمنبر، وما ظلت حاجة أصحابه له قائمة.
كما أنه ليس محصورا بضرره على مسدس كاتم أو سيارة مفخخة، فهذه المفخخة ليست إلا اللمسة الأخيرة للتفخيخ الشامل، فقبلها يتم تفخيخ العقول بعبوات فتاوى تحريضية ناسفة، وحشو الجيوب بشظايا مالية دامية شديدة الانفجار.
▪︎من صفحة الكاتب على الفيس بوك