الحرب لا تختصر بالسلاح النووي، أو شعارات التعبئة المعنوية ودعوات المظلومية والثأر

الاثنين 03 أكتوبر 2022 - الساعة 12:12 صباحاً

الحرب موارد وسلاح وتكنولوجيا واتصالات وتموين وإمداد واستخبارات وتحالفات وسياسات واستراتيجيات وتكتيكات وخطط وموال طويل عريض..

 

روسيا لا تواجه أوكرانيا في هذه الحرب، بل تواجه ثلاثين دولة غربية، من بينها 4 دول كبرى على رأسها أميركا وبريطانيا والمانيا وفرنسا، بمواردها المادية الضخمة، وأجهزة استخباراتها القوية، وتقنياتها المتقدمة، وتحالفاتها الواسعة، ومؤسساتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والبيروقراطية الراسخة.

 

بوتين زعيم قوي، وهذا صحيح، ويرفع شعارات تلامس أوجاع الشعوب النامية، ولديه مخاوف مبررة من التمدد الغربي إلى ما كانت تعد حديقة روسيا الخلفية، وهذا مفهوم.

 

المشكلة ليست في المبررات، المشكلة في البدائل التي اختارها بوتين.. 

 

حتى تخوض حرباً كهذه، يجب أن تكون جاهزاً بالفعل لخوضها، ولديك القدرة على ملاعبة كل هؤلاء الخصوم المتحالفين ضدك,

 

لكن الواقع يقول أن الدبابات الروسية تعثرت وتوقفت في طوابير طويلة لأيام في الأسبوع الأول للحرب، والسبب فشل في عملية الإمداد، الدبابات الروسية توقفت لأن وقودها نفد، وهي تتبع إحدى أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم!

 

والواقع يقول، أن القوات الروسية بدلاً من احتلال أوكرانيا خلال ثلاثة أيام كما كان يتوقع الرئيس الأميركي جو بايدن، لم تتمكن حتى اليوم من إسقاط كييف، وبدلاً من ذلك، انسحبت آلاف الكيلومترات أمام القوات الأوكرانية وفقدت جزءًا من الأراضي التي كانت قد أسقطتها بـ "تضحيات ودماء الرجال" على حد وصف قديروف.

 

والواقع يقول، أن الكرملين يعترف بوجود أخطاء في عملية التعبئة الجزئية التي أعلن عنها الرئيس بوتين، وتعسفات طالت عدداً من المُعاقين وكبار السنّ وغير المؤهلين ممن تم استدعاؤهم وإجبارهم على القدوم للمشاركة في الحرب، قبل أن يتم تدارك هذه الأخطاء لاحقاً.

 

والواقع أن هناك عدداً من الاستقالات والإقالات طالت عدداً من المسؤولين الروس، من بينهم نائب وزير الدفاع الروسي وآخرين، إما بسبب الفشل أو بسبب عدم حماسهم لخوض هذه الحرب.

 

المشكلة تلخصها الباحثة الروسية الاستراتيجية إيلينا سيبونينا بجملة واحدة: "جزء من البيروقراطية الروسية غير ذكية" وهذا يؤشر على الانطباع المعتاد عن العقلية الروسية التي تعتسف الواقع بدوافع رغائبية تقوم على أوهام القوة المتخيَّلة، بينما في الحقيقة، فإن النظام الذي يحكمه بوتين، يعاني من مشاكلات عميقة تتعلق بالكفاءة والجاهزية والرؤية الاستراتيجية.

 

يحتاج بوتين لمُعجزة،كي ينتصر في معركته مع الغرب، والتي هي بالطبع ليست الحرب الدائرة في أوكرانيا حالياً، فالغرب بطيء وحذر، لكنَّه لا يَنسى أيضاً ولا يُسامح، وقد رأينا كيف أن مؤتمر سمرقند الذي جمع عدداً من الدول من بينها الصين والهند وروسيا، قد أسفر عن مخاوف صينية..

 

كما تحدث بوتين نفسه في المؤتمر، وحياد للهند الذي لا يبدو أنها ستتخلى عن تحالفها التاريخي مع الولايات المتحدة، تماماً، كالصين التي لا تُريد أن تُغامر بتسليم قرارها لبوتين وهي التي كانت تطمح لاختراق أوروبا من خلال طريق الحرير الجديد وزيادة تغولها الاقتصادي وبالتالي قرارها السياسي,

 

المعركة الحقيقية بين روسيا والغرب لم تبدأ بعد، وهي من الناحية الاستراتيجية لن تكون في صالح روسيا، ولكن من يدري، فقد ينجح بوتين في إقناع حلفاء أقوياء كالصين للانضمام إلى معسكره، خصوصاً إذا تصاعد التوتر بين الأخيرة والولايات المتحدة بسبب تايوان، وشعور الصين بأن سقوط روسيا قد يجعلها وحيدة في مواجهة الولايات المتحدة والغرب.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس