الميليشيات الحوثية وتوسيع مفهوم " الرهائن " ونطاق الإرتهان

الثلاثاء 31 يناير 2023 - الساعة 07:01 مساءً

 

(... في بلادي التي حيكت عنها العجائب..أستضعفوني واعتدوا على اسرتي...وصادروا كل شيء ..مسخوني الى  رهينة  ودويدارا ثم خادما ...)

بهذه الكلمات وعلى لسان " الدويدار " بطل روايته الشهيرة ( الرهينة ) 

لخص الكاتب والاديب الكبير الراحل زيد مطيع دماج  مأساة ( الرهينة) , وهو يغوص في اعماق الواقع اليمني خلال العهد الامامي وينقل لنا صورة من صور التنكيل الامامي ووجع من اوجاع اليمنين وماساة من مئاسيهم خلال ذلك العهد البائد.. 

 

ففي العهد الامامي كان الإمام يأخذ أبناء المشائخ وزعماء القبائل ومن يتمرد عليه وعلى النظام الامامي او يفكر بذلك ... يأخذهم كرهائن حتى يضمن ولاء أسرهم وقبائلهم ومناطقهم وعدم تمردهم عليه ...

 

وكان الامام احمد يتخذ من مدينة تعز عاصمة له ومن قلعة القاهرة المطلة على المدينة معتقلا للرهائن، ومن قلعة القاهرة كان الرهائن ينظرون الى المدينة بشوق ويتوقون الى الحرية  ويتمنون الخروج من القلعة والنزول الى المدينة...

 

واليوم وبعد عقود من ثورة 26 سبتمبر والاطاحة بحكم  ألأئمة ومع الانقلاب الحوثي و قدوم الامامين الجدد اصبحت تعز هي ( الرهينة) واصبح سكان المدينة المحاصرة هم (الرهائن ) .. فلم يكتفي الانقلابين بإعادة الروح لمفهوم ونظام الرهائن وتطبيقه كما طبقه الأئمة من قبلهم ولكنهم وسعوا مفهوم ونظام الرهائن ونطاق الارتهان، فحاصروا المدن وسكانها كما هو الحال في تعز وتعاملوا معها كرهينة واستخدموها كورقة في المفاوضات والمناورات وكوسيلة للابتزاز 

 

وتوسعوا في عمليات الاعتقال واختطاف الآلاف من المدنيين والسياسيين والصحفيين والناشطين والشباب والاطفال وحتى النساء والتعامل معهم كرهائن واستخدامهم  لممارسة الابتزاز المالي وفي المفاوضات وفي عمليات تبادل الأسرى للإفراج عن مقاتليها الاسرى لدى الشرعية..

 

وفي صنعاء الاسيرة والمحافظات والمناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية فقد حول الحوثيين الموظفين المحرومين من المرتبات الى ( رهائن ) تستغلهم الميليشيات وتستخدمهم كورقة رابحة في المفاوضات كما فعلت في إتفاق ستوكهولم واتفاق الحديدة وفي غيرها من الحوارات والمناورات السابقة وكما تفعل الميليشيات اليوم وترفع ورقة المرتبات في المشاورات الجارية حاليا بوساطة عمانية وكغطاء على مطالبها واهدافها الحقيقية وكوسيلة لابتزاز الشرعية والتحالف والامم المتحدة والمجتمع الدولي وتحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب...

 

ومن هذا المنطلق وبنفس الأسلوب الانتهازي والاستغلالي والتوظيف تعاملات الميليشيات مع احتياجات وهموم وأزمات المجتمع و المواطنين ومع  الملفات الصحية والتعليمية والغذائية والاغاثية...وفي إطار ما تسميه بالجوانب الإنسانية وبالملف الإنساني...

 

وفي مثال اخر وفيما يخص خزان او سفينة صافر فإن الميليشيات الحوثية تعتبره مجرد رهينة وفزاعة وتستغله منذ سنوات كورقة في المفاوضات ولممارسة اكبر قدر ممكن من الابتزاز..

 

وحتى حلفاء الميليشيات وأدواتها من احزاب وجماعات واشخاص وقيادات سياسية وحزبية وحكومية واعضاء مجلس النواب وغيرهم  فإن الميليشيات الحوثية لا تتعامل معهم كحلفاء وشركاء حقيقين ولا تثق بهم وتضعهم تحت الرقابة المشددة والاقامة الجبرية وهم في حقيقة الأمر مجرد رهائن لدى الميليشيات...

 

وعموما وبالعودة الى نقطة البداية فيمكن القول ان الميليشيات الحوثية ومنذ ارتهانها لإيران ومنذ الوهلة الأولى لانقلابها المشؤوم قد وضعت العاصمة صنعاء واجزاء من الوطن تحت الارتهان و رهينة في يد النظام الإيراني، وفتحت الباب واسعا أمام الارتهان للخارج ...وتحويل الوطن الى ساحة للصراع الاقليمي والعبث الدولي وتحويل اليمن والقضية اليمنية والملف اليمني الى مجرد ورقة من اوراق المساومات والمفاوضات الاقليمية والدولية ..

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس