الدراما والفرق بين الفنان والمهرج

السبت 25 مارس 2023 - الساعة 03:25 صباحاً

أبسط تعريف للدراما أنها تعبير عن الواقع الذي جاءت منه وتفسره ؛ والفرق بين الفنان والمهرج كالفرق بين الإنسان والقرد .

 

إن الصراع المستمر بين الإبداع ونقيضه ؛ خلق فجوة وهوة سحيقة إبتلعت الابداع والمبدعين في اليمن ؛ تاركاً الإبداع مفهوم مفرغ من أدواته ومضامينه ومصادره الفكرية ؛ والسبب في ذلك يعود إلى تنصيب عناصر أمنية موالية لجهات ظلامية تعادي التنوير والثقافة والفنون ولاتمت للإبداع بصله ورفدتهم بالادعياء وأنصاف وأرباع الموهوبين وقطيع من المهرجين والزباجين ، صدرتهم إلى الواجهة ومولتهم وأولتهم مهمة الإبداع بكافة أشكاله وانواعه والاشراف عليه وتقديمه بطريقتهم المبتذلة لجمهور المشاهدين .

 

وبذلك سقطت الدراما وسقط الفن والإبداع وفقد قيمته ومعناه في فراغ التواجد الجماعي الفوضوي الفج المستفز والمقرف .

 

وهذا الإنحسار إنعكس سلباً على الروح المعنوية وولًد الإحباط المتراكم ، فظهرت الدراما اليمنية هزيلة تائهة مشلولة ؛ وهي تقف على أرضية رخوة وتستند إلى الحائط النقيض للابداع ؛ ماجعلها تصنف كفعل مأزوم في المشهد الثقافي اليمني ، كما يصفها الكثير من المهتمين والمتابعين .

 

إن غياب الفعل الدرامي في اليمن نتيجة لسببين ؛ الأول الوصاية الأمنية المفروضة عليه ؛ والسبب الآخر هو تغيب مصادر الإبداع الأساسية ؛ وهي :

- الرؤية الفكرية .

- المجموعة الابداعية المتجانسة القائمة على قاعدة علمية معرفية تراكمية متينة .

 

لذا .. فإن ظاهرة الدراما اليمنية بشكلها  الحالي تعتبر نكبة من نكبات الحرب القذرة وإنعكاس طبيعي لحالة الإنفلات والفوضى المجتمعية المتراكمة .

 

وهي ظاهرة عارضة لاشك تعكس واقع الحال كمتغير قهري ؛ ولاتعبر عن حقيقة المجتمع .

 

فلم تكن هذه الدراما العشوائية نتيجة لتراكم التجارب والخبرات والوعي أو أنها (كما يفترض) مخرج من مخرجات إستراتيجية علمية فكرية وسياسية شاملة وضعها أساطين الثقافة والفكر مع خبراء أكاديمية الفنون في اليمن ؛ ونفذها النجوم الذين تخرجوا من هذه الأكاديمية وغيرهم من الكفاءات والمواهب ؛ بل هي ظاهرة طارئة _كما تبدو الآن_ ونزوة مناسباتية هشة رتبت لتلبية حاجة آنية ؛ لتبدو مثل نكتة سمجة تقال بثقالة وأبتذال وتنسى بمجرد إنهائها .

 

إن هذه الدراما اليمنية الهزيلة ليست أكثر من إجتهادات شخصية فاقدة للمعرفة والوعي تشوه المجتمع اليمني وتقدمه هزيلا وتظهره بأبشع صورة ؛ وهي بذلك بناء عشوائي بلا أسس ولا قواعد ؛ ونبت شيطاني ظهر فجأة بحكم الحاجة التي فرضتها الضرورة ؛ وتماشيا مع تكاثر القنوات الفضائية اليمنية الخاصة لتلبية حاجتها وحرصها على تعبئة الخارطة البرامجية الخاصة بشهر رمضان ؛ وذلك يقتضي إستدعاء الضرورة التقليدية للدراما الرمضانية بما يحقق السياسية العامة للقناة ويلبي حاجتها بواسطة (فنانون موهبون) نعم مواهب وقدرات لاغبار عليها ..

 

لكنهم مع الاسف بلا أفق وليس ثم رسالة يحملونها على عاتقهم ؛ بإعتبار الفنان هو الحادي الأمين لمسيرة مجتمعه ؛ وغالباً مايفتقرون إلى الرؤية والهدف ؛ خذلهم التأصيل واستحكمت بهم الحاجة وظروف السوق ومؤشرات العرض والطلب بما يتسق مع العقلية الثقافية/الإعلامية التي تدير هذه القنوات المنتجة .

 

وإذا كان المزاج العام للمجتمع يغلب عليه حالة التوتر والإكتئاب وعدم الرضا ؛ نظرا لإنعدام الأمن وعدم الإستقرار وتفشي الفوضى ؛ بالتالي فإن الحالة النفسية للناس ستكون مضطربة وغير مستقرة ، ويغلب فيها المزاج السيئ الذي يصل إلى حد الأمراض والأزمات النفسية ؛ خاصة في أوقات الحروب ومخاض التحولات المرتبكة التي تسير بخطوات متعثرة وإيقاع ممل غير منضبط يخل بمنظومة القيم .

 

- هامش ..

نظراً لإنعدام الفرص فإن قسوة الحاجة أجبرت كثيراً من الفنانين المحترمين القبول بالعمل قسراً بين حشد من المهرجين ترشدهم قيادات هزيلة ..

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس