إلى أين نحن سائرون ..؟

الاربعاء 24 يناير 2024 - الساعة 12:55 صباحاً

أما وقد طويت صفحة العام 2023 بفواجعها ومأسيها ، لم تكن بداية السنة الجديدة سوى استكمالاً لذيول العام الذي سبق ، من نكد سياسي وتجاذبات ومناكفات بهدف فرض كل طرف " أمر واقع سياسي " للهيمنة على الساحة الداخلية في ظل عهر سياسي مفتوح الأفق ، وقد أيقن اليمنيون وصولهم إلى شفير جهنم ، لابد من دعوة المسؤولين لنبؤوتهم بما عجز عن تنبه كبار منجمينا ، لأن المسؤولين وحدهم عالمون بما يفكرون وعارفين لما يخططون ، ومدركون إلى أين هم بالوطن سائرون ، فهم حاضرين دائما وتجهيزاتهم للشعب من مكائد ، لقد جعلوا من المواطن يعيش في جهنم ، فها نحن على اعشابها واقفين ، متوجسين مما ينتظرنا بعد ما بعد جهنم ، وبأنتظار تنبؤاتهم المستقبلية ، يبقى على اليمنيين واجب الإجابة على سؤال جوهري ، يتمثل في "  إلى أين نحن سائرون ..؟  " .

 

اي يمن يريد اليمنيون سؤال جوهري ، وان بدأ للبعض بسيطآ وتافهآ ، إنما يتوقف على الإجابة عليه مصير البلاد والعباد ، أما الإجابة المجدية فيستوجب الوقوف على ما آلت إليه الأوضاع ، ولم يعد سرآ إننا أمسينا في دولة منهارة إقتصاديآ وماليآ واجتماعيآ وثقافياً وتربويآ ، دولة عاجزة ومفلسة و عقيمة وغير مجدية ، تدار شؤونها من الخارج ، وبمؤوسسات دستورية معطلة ، وبأدارات رسمية ومؤسسات عامة غير فاعلة ، وبجهاز قضائي عاجز عن تحقيق العدالة ، لأن قضاته اما معتكفون أو مستنكفون أو متنحون ، وافراد امن ورجال الجيش يعملون ولكن بشق الأنفس وبمعنويات محطمة ورواتب منقطعة ، فجميع أفراد المؤسسة العسكرية والأمنية كما عموم اليمنيين مثقلون بهموم الاستشفاء والدواء وأقساط المدارس والجامعات و ايجارات المنازل ، وفواتير المياه والكهرباء وغيرها من ضرورات الحياة تحت وطأة أزمات متشابكة .

 

عندما تقابل سياسي أو أحد رجال الدولة وتطرح عليه سؤال ، اليمن إلى أين والى أين نحن سائرون  ؟ فيرد عليك بأجابة " مافي شيء جديد !" هو جواب أكثر من مسؤول سياسي عندما  يسأل عن التطورات ، وعبارة " مافي شيء جديد" تحمل معنيين وتنطبق على الوضع في اليمن ، لا مستجدات ولم يعد هناك شيء في اليمن ليستجد لأن البلد أصبح فارغاً الا من المناكفات والخلافات السياسية .

 

الإجابة لن تكون صائبة مالم يتم التحري عن أسباب الفشل والعمل على التخلص منها أو تداركها ، أو معالجتها ، وهذا ما يتوجب على اليمنيين الإقرار إن حالة التأزم التي يتخبطون فيها ، وكل المآسي التي يعانون منها اليوم هي داخلية المنشأ ، وهي صنيعة عقولهم وأيديهم ومواقفهم المتهورة أو المتخاذلة ، وإن كان البعض يلقي بتبعائها على إعداء خارجين أو خصوم داخلين ، إلا أن أسبابها الحقيقية تردي لسوء الأداء السياسي ،.

 

نحن اليوم أمام نخبة سياسية لا تمتلك الحد الأدنى من الحس الوطني والإنساني والضمير الاجتماعي ، وافتقارهم لروح المسؤوليه والكفاءة اللازمة ، ولن تعضهم ايه ذرائع من مسؤوليتهم عما أوصلوا اليمن إليه ، مهما حاولوا تظليل الرأى العام أو التنصل من مسؤولياتهم ، يتبادل الاتهامات فيما بينهم ، أو برمي التبعيات على بعضهم البعض .

 

والشعب أيضاً غير معفي من مسؤولياته ، إن كان لجهة تقاعسة عن القيام بأدنى واجباته الوطنية ، أو تعظيم وتمجيد  المسؤولين وكأنهم أنصاف آلهة مبجلون ومعصومون من الأخطاء و الخطايا.

 

اليمنيين مطالبون أيضاً بالاقرار بأنهم في مأزق حقيقي وهو بقاء مشروع مليشيات الحوثي على الساحة اليمنية الذي يعتبر تهديداً لداخل اليمني و لدول الجوار ، فهذا الكيان ينتمي للمشروع الإيراني الذي يهدد المنطقة بالكامل ، كما أنهم يعانون من أزمات شائكة تستوجب وقف الهدار ومكافحة كل أشكال الفساد والمحسوبية ،  وان يدرك  بالخلاص لهم الا بالإتكال على الله اولآ وعلى أنفسهم ثانيا وثالثاً ، وان يعوا جيدآ أن القروض والوديعة وتوسل المساعدات ليس حل لإنقاذ اليمن من المأزق الاقتصادي فحسب ، إنما يكون بالحفاظ على ثرواته الوطنية البشرية و الطبيعية وترشيد استغلالها ، ومواجهة التحديات والأحداث والأزمات الحالية والمستجدة  وفق منهجية خطط وقرارات جريئة ومدروسة ، والابتعاد عن المقاربات الميته على ردات الفعل ، والقرارات المرتجلة وغير المحسوبة النتائج.

 

أعتقد أننا في الفترة الأخيرة في أسواء مرحلة عاشتها اليمن ، نعيش في مرحلة الانحطاط السياسي ، بعد ما فرضت علينا نظام سياسي رخوة بطريقة المحاصصة ، نظام سياسي صورية لا تعزز السيادة ولا تسمح بتمثيل حقيقي للشعب لقيادة نفسة وتحديث بلاده ، نظام سياسي بغيض تحرض على المناطقية وتكرس الفساد وتعتمد على الولاء بدلا من الأداء ، تسلقت للمشهد السياسي شخصيات هزيلة أدخلت البلاد في صراعات مريرة و انتاجت عنها امبراطوريات استحوذت على المناصب وعلى المال العام و اذلت العباد وخربت البلاد .

 

يوما بعد يوم تتضاءل فرصة استعادة الدولة و بناء المؤسسات ويضعف الأمل بالوصول إلى دولة مدنية حديثة دولة نظام وقانون ، فكل الدلائل توكد أننا ماضون في بناء دولة رخوة ، ولا سبيل للتعليق بحلمنا الاهم الذي توهمنا بعد تشكيل المجلس الرئاسي ، أننا قاب قوسين أو أدنى منه .

 

التراكم الكبير لأداء لا ينتج بصلة لأي عمل مؤسساتي ، مدعوما بقناعات رافضة لتحقيق هذا الهدف ، ترك لنا عددا من الإخفاقات في ميادين مختلفة ، تطورات إلى انهيارات متتالية من الصعب السيطرة عليها ، لقد سمح الأداء السياسي و التنفيذي بتحول الفساد إلى مؤسسة وزاد من قدرة على الاستقواء والتمكن من مفاصل الحياة ، وهاتان دفعت الإدارة السياسية بهما للنمو بقصد وبدونه في ظل فوضى البحث عن معالجات لهما صارت الأخطاء ترتكب واحد تلو الاخر ، ونجد لها اعذار إثارة بالتسويق والتبرير وأخرى بالصمت حفظا لماء الوجه ، وكانت بعض تلك الأخطاء بمثابة اعتراض بالعجز عن عدم إمكانيات بناء دولة المؤسسات ، بعد أن تم الدفع باتجاه السكوت عن بعض الممارسات المنحرفة التي لا تصب في خدمة الهدف أو التزام الصمت وعدم الاعتراض على تولي المسؤوليات الحساسة لأشخاص لا يملكون الكفاءة أو الخبرة ، وتخطت السلوكيات السلبية الحدود المقبول التي لا تمثل تهديدا لعملية البناء فقط ، تحت ضغط الحاجة أو تلبية لطلب الاضطرار لكنها تعتبر مهددات حقيقي أو مشكلات مستعصية ليس من السهل معالجتها أو لاحتوائها والامثلة على ذلك كثيرة ، منها ممارسة الفساد الإداري والمالي والسكوت عنه ، والتجاوز على الدستور والقوانين لتسهيل دخول بعض المنحرفين إلى العملية السياسية ، في دولة المواطنة والمؤسسات هناك خطوط فاصلة ترسم حدود وقدرات وحقوق كل جهة ، ولا يسمح لتبادل المواقع ، أو الأدوار بينها لاي سبب كان حتى لا تختلط الأدوار و يتمدد البعض على حساب الآخر بدعوى عدم وجود فواصل ، تضيع الحسابات الصحيحة ويستغل ذلك لبناء مراكز نفوذ داخل مؤسسة صناعة القرار ويصبح من السهل ضياع الحقوق .

 

اقتسام السلطة والمحاصصة بين مراكز القوى والأحزاب السياسية ، اوجد تربة خصبة لنمو الفساد و المفرطين بثروات وقدرات البلاد ، وفرط بحياة الناس وحالت دون نهوض اليمن .

 

منذ تشكيل المجلس الرئاسي لم تحظى البلد بمشاريع خدمات حقيقية ، التخلف هو السمة البارزة جراء الاستراتيجيات والسياسات الخاطئة ، وبعد التغير الذي حصل في النظام السياسي للبلاد ، كان تركيب النظام الجديد وبنيته أيضا سببا رئيسيا في ما نحن فيه من أوضاع سيئة ، وتسلط طبقة حاكمة على مصير شعب بالكامل ، لم يكن لهم ولاء حقيقي للبلاد ، طبقة حاكمة ليس من أولوياتها تنمية البلاد وإعادة بنائها وتخطي الدمار الذي طال مرافق البلاد كافه وآثار التوترات فيه .

 

ومازال شعبنا يتطلع لإصلاح المسار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وإنقاذ الأجيال من فوضى أدخلت اليمن في متاهات التخلف وفقدان الوعي وغياب التنمية وضياع الهوية الوطنية.

111111111111111111111

Nasser Aden

2024-January-23

وسط


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس