بين ثورتى سبتمبر وأكتوبر جاء 11 فبراير بما كانت تخشاه البلاد

الاربعاء 14 فبراير 2024 - الساعة 08:37 مساءً

كان العام 2011 محطة تاريخية فاصلة ، بين زمن قامت فيه ثورتي "26 سبتمبر 1962" ضد الحاكم المستبد و"14 أكتوبر "1963 ضد المستعمر ورحيل آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن  ب 30 نوفمبر ، وبين زمن تفجرت فيه طاقات المجتمع اليمني وفاض صبره عفوياً، فخرج للمطالبة بمواطنة متساوية وبالعدالة الاجتماعية وعدم استئثار النافذين بالثروة والسلطة فى 11 فبراير 2011.

 

فالدولة اليمنية حينها كانت حاضرة بكل مقوماتها، لكن ما يكابده اليمن اليوم، بعد ما يزيد على عقدٍ مما سُميّ بـ"ثورة" 11 فبراير ، يؤكد أن الدولة قد تلاشت أو تكاد.

 

ورغم أن كثيرين من الشباب اليمني ممن خرج وقتها (2011) كان يُمنّي نفسه بواقعٍ أفضل، إلا أن مجرد مقارنة حال الدولة حينذاك بحالها اليوم، يشهد مدى التناقض الكبير الحاصل بين الوضعين؛ بسبب ما أفرزه 11 فبراير.

 

فمليشيات الحوثي، التي تعتبر أحد نتاجات فبراير ، ما زالت تعيث في اليمن فسادًا، وتهدد اليمنيين ودول الجوار، بصواريخها الباليستية ومسيّراتها المفخخة.

 

كما وجدت إيران منفذًا رخوًا في اليمن لتغذية ربيبتها الحوثية، بعد أن تسبب فبراير بوصول المليشيات إلى صنعاء والسيطرة على مقاليد الأمور؛ نتيجة الحكومة المترهلة التي انتجها فبراير/شباط .

 

ورغم حرص النظام اليمني السابق على الخروج من المشهد بسلاسة، كما فعلت معظم الأنظمة التي اكتوت بنيران ما عُرف بـ"الربيع العربي"، إلا أن فبراير وجد من يركب موجته على حساب الأنقياء ممن خرجوا، كما وجد من يُجيّره لتحقيق مآربه وحساباته الضيقة.

 

لا يزال اليمن ينزف تحت وطأة ثلاثي الموت والجوع والحرب بعد أكثر من عقد من فوضى ما يسمى "الربيع العربي" الذي قدم فيه البلد هدية لإيران.

 

وضرب الشارع اليمني انقسام حاد في ذكرى مرور 13 عاماً على احتجاجات رفعت لدى انطلاقها شعارات المعاناة الاقتصادية ورفض الفساد قبل أن تتحول إلى فوضى عارمة هدمت نظام الدولة وأشعلت حربا طاحنة تسببت بأكبر أزمة إنسانية في العالم.

 

وكالعادة غاب الحوثيون عن ذلك، فوحدهم من قبض ثمن كل فوضى 2011 وإسقاط صنعاء 2014، واعتبر "11 فبراير " الذي كان أحد شركائها أنها ذكرى انتصار الطائفية في إيران بقيادة الخميني (مرشد إيران السابق) 1979، وبات يحتفل اليوم بذلك وفي قلب العاصمة المختطفة.

 

وكان الانقلابيون قد وجدوا من الفوضى فرصة ذهبية للوصول إلى شوارع صنعاء بزعم المشاركة بالاحتجاجات السلمية، وذلك بعد نحو عقد من تمردهم المسلح في "صعدة" وخوضهم لنحو 6 حروب متتالية لإنهاك الجيش اليمني (2004-2009).

 

فيما مثلت فترة فشل شركاء السلطة بعد الفوضى إلى فرصة توجت مشروعه الإرهابي باختراق مؤسسات الدولة وتفكيك المعسكرات وصولا لانقلاب 21 سبتمبر 2014، مستندا لخطة دقيقة رسمتها المخابرات الإيرانية وضباط من الحرس الثوري وحزب الله الإرهابي.

سياسيون يمنيون، وحتى ممن شاركوا في فبراير ، كانت لهم وجهات نظر مؤلمة تجاه مآلات فبراير.

 

فنسبة كبيرة من هؤلاء السياسيين يرون أن ما يطلق عليها "ثورة فبراير" اعتراها الكثير من "الأخطاء الكبيرة"، مؤكدين أن أبرز تلك الأخطاء هو السماح لـ"المتسلقين" بالسيطرة على وجهة فبراير وتغيير مساره.

 

وأثبتت الأيام التي تلت فبراير أن "المتسلقين"، وعلى رأسهم "الحوثيين" حرفوا أهداف فبراير ، واهتموا بمصالحهم الخاصة التي حققوها على حساب أهداف فبراير الحقيقية.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس