اليمن وأفريقيا تكامل وشراكة حضارية.. ولكن..؟! (3 - 3)

الاحد 24 مارس 2024 - الساعة 11:58 مساءً

 

والمؤسف إننا في اليمن قابلنا أبناء الوطن ممن نطلق عليهم ب (المولدين) الذين ينتسب أبائهم لاعرق القبائل اليمنية ويتوزعون على كامل الجغرافية الوطنية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، والذين قدموا للوطن والحركة الوطنية والثورة اليمنية أعظم الخدمات التي لم يقدمها من ينتقصون منهم والمؤسف أن ثقافة الانتقاص بهذه الشريحة  الوطنية جاءت من شرائح قبلية نافذة فشلت في منافسة هذه الشريحة الوطنية اولا، وثانيا وبعد حدوث إشكالية في بعض الدول الأفريقية وأضطرار بعض أبنائها الي اللجوء إلى اليمن وانخرطوا في النسيج الاجتماعي واخذوا ينشطون رغم انهم يعيشون على رعاية أممية الا إن بعضنا لم يحتمل المشهد واعتبر كل أزمة اجتماعية سببها هؤلاء الوافدين من أفريقيا سوي المولدين أو الوافدين الأفارقة الهاربين من ضروف بلدانهم، تلك البلدان التي تحملت أجدادنا وابائنا لقرون وليس لسنوات مع أن أجدادنا وابائنا الذين رحلوا لدول أفريقيا لم يكونوا مؤهلين بل كانوا مهاجرين عادين هربوا من طغيان الإمامة والاستعمار لا يحملون من المؤهلات سوي قدراتهم الجسدية ونواياهم الحسنة والرغبة التي تستوطنهم في تغير واقعهم وواقع وطنهم وشعبهم، فيما الوافدين من دول إفريقيا سوي من أبناء الوطن المولدين أو من النازحين لليمن من أبناء دول القارة الأفريقية جاؤ بمؤهلات علمية ومعرفية والغير مؤهل فيهم يتحدث أكثر من لغة اجنبية وقد افادوا البلاد وساهموا بصورة أو بأخرى في تنميتها الاقتصادية.

 

ومع ذلك قابلنا كرم أفريقيا بنزق فئة يمنية للأسف لم تقبل ليس باليمني المولد بل لم تقبل حتى اليوم  بشراكة أبناء الوطن الأصليين..؟!

 

أن ثقافة ازدراء الآخر الوطني أو الوافد الي البلاد أيا كانت أصوله وجذوره هي ثقافة شريحة لم تغادر تخوم العنصرية المقيتة  ولم تتعرف على قيم وأخلاقيات الآخر ولم تعاني إرهاصات البعد عن الوطن والأهل في سبيل تحسين اوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والتي طوروها لتشمل المشهد الوطني برمته بما في ذلك أحوال هذه الشريحة المتنمرة التي استندت على العصبية القبلية والسلالية العنصرية الطائفية للأستحواذ على المشهد الوطني لمناهضة  اي محاولة للتقدم والتطور في اليمن ومناهضة لفكرة الدولة اليمنية ذات السيادة دولة النظام والقانون القادرة على النهوض بالواقع الوطني، ونسج علاقات وشراكات حضارية مع محيطها الإقليمي والدولي..؟!

 

وتجربة الشهيد الحمدي  التي حاول من خلالها عقد مؤتمر للمغتربين واستعادتهم من المهجر لإشراكهم في وضع مداميك لدولة يمنية قوية ومستقلة دولة مواطنة متساوية وعدالة اجتماعية ودولة نظام وقانون وهو الذي عمل على استقطاب أبناء الجاليات اليمنية في دول المهجر واقنعهم بالعودة لوطنهم واحدا لهم ان وطنهم أولى بقدراتهم المادية والمعنوية والعلمية والمعرفية، فتوافد كل ابناء الوطن من بلدان المهجر فوجدنا القادم من أفريقيا والقادم من أوروبا وأمريكا والقادم من دول اسيا، والمؤسف انه وبعد سقوط دولة الحمدي رحمه الله برزت ثقافة الانتقاص بكل سفور ووقاحة التي تبني تسويقها كما اسلفت أولئك الذين ارتبطوا بنظام الإمامة ورموزه الذين مارسوا ولايزالوا حتى اليوم يمارسون ويكرسون ثقافة الانتقاص والعنصرية والازدراء للآخر، الذين لم يقبلوا حتى اليوم الشراكة مع أبناء الوطن الأصليين الذين ينتمون لابوين يمنيين ومواليد الداخل اليمني..؟!

 

ثقافة الانتقاص هذه كرستها مجموعة النفوذ القبلي التي صدرت ثقافة الكراهية والحقد لمدينة مثل مدينة عدن التي كانت مدينة الحب والتنوع العرقي والديني والاثني وعاش سكانها لقرون في حب ووئام وتسامح وظلت عدن مدينة وكل مدن الجنوب، مدن مفتوحة للحب والحياة حتى نهاية حكم الحزب الاشتراكي وقيام دولة الوحدة التي استطاعت ترويكا النفوذ القبلي أن تصدر ثقافة الحقد والكراهية لهذه المدن، حين راحت تبحث عن فلول رموز التخلف والاستبداد وإعادة لهم الحياة بهدف زرع ثقافة الحقد والكراهية داخل هذه المدن وفعلا تمكنت هذه القوى الشيطانية من تنفيذ مخططاتها وزرع قيم الحقد والكراهية، التي تجاوزت كراهية المولدين والمهمشين والأفارقة الوافدين، فاظهرونا كشعب ومجتمع وكأننا ( قليلي الأصول) ولا نعترف بالجميل ولا نقدر مواقف الآخرين معنا الذين قدموا لنا كل أشكال الدعم والمساندة حين كانت بلادنا غارقة في مستنقع الفقر والجهل والطغيان والاستبداد.. 

 

أن أزمتنا في اليمن لا تقف في نطاق علاقتنا مع اشقائنا في دول الجوار الأفريقي، وهي كذلك ليست في مواقفنا مع إخواننا المولدين من ابناء اليمن، الذين ساهم أجدادهم وإبائهم في النهضة الوطنية ولايزالوا رغم ثقافة الحقد والكراهية، لكن مشكلتنا وأزمتنا تكمن في سيطرة ونفوذ قوي الجهل والتخلف الحضاري أولئك الذين شوهوا ليس قيم الدين والقيم الأخلاقية والحضارية بل شوهوا واهانوا قيم واعراف وتقاليد القبيلة التي يزعمون الانتماء لها وباسمها يتحدثون ويديرون الحياة الاجتماعية. 

 

أن غياب المشروع الوطني إليمني الجامع بإبعاده الوطنية والقانونية والدستورية والحضارية، أدى بدوره الي غياب دولة المؤسسات والمواطنة المتساوية، وهذا يتجسد في المشهد الذي يعيشه اليمن اليوم الأرض والإنسان، بعد أن بلغت ثقافة الحقد والكراهية مداها عام 2011م لتلقي بكل ترسباتها المتخلفة على تداعيات الأحداث الجارية على الخارطة الوطنية وبالتالي فإن هذه المشكلة الاجتماعية المتعلقة ب(المولدين) أو الوافدين من دول القرن الأفريقي، هي مشكلة عامة متصلة بازمة المجتمع إليمني الكلية وهي أزمة تتجاوز مواقف البعض من المولدين الي موقفهم من شركائهم داخل الوطن. 

 

أن أزمة العلاقة بين المولدين في اليمن وبين وطنهم وبقية الشرائح الاجتماعية الوطنية قضية أو ظاهرة مرتبطة بغياب دولة المواطنة، دولة النظام والقانون. 

 

وهذه الاشكالية سيكون لها تناولة أو دراسة أخرى تضاف الي هذه السلسة العابرة لهذه القضية الجدلية الشائكة. 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس