الاصلاح حزب لا يمثل إلا نفسه!

الخميس 25 أكتوبر 2018 - الساعة 06:08 صباحاً

من متابعتي للأحداث خلال الثلاثة الاعوام الاخيرة لا اعتقد ان هناك من يستطيع اهدار نقاط قوته كما يفعل الاصلاح.

تتعاطف الناس معه وتصمت عن كثير من التجاوزات تقديرا لتضحيات اعضائه ولوجود تكالب اقليمي ودولي عليه, لكن بمجرد ان يتنفس, على الفور يخرج لسانه للجميع مؤكدا انه حزب لا يمثل الا نفسه ولا تحكمه سوى الاجندة الخاصة ولو على حساب مصالح الجميع. لهذا يتكتل الناس من جديد ضده لكن ايضا دون التفريط ببعض الاعتبارات: أبو العباس ليس مخلصا.

 

والمحافظ الفهلوي لا يمكن الاعتماد عليه.

لكن عداوة ابو العباس او المحافظ لم تعد ألوية في ظل وجود طرف متفرد كالاصلاح وفي نفس الوقت يتهرب من مسئولياته. فبدلا من استثمار نفوذه في الجيش لصالح الاستعداد لتحرير المحافظة يذهب في اتجاه نوازعه ورغباته الاستئثارية ليصبح اللواء 35 وقائده الحمادي خصم أولي يجب التخلص منه.

 

الناس مصدقتش انها تخلصت من صداع ابو العباس.

لكنها مش مستعدة تتقبل بقاء الوضع مراوحا في مكانه او العودة الى نفس المربع السابق, وبالطبع لن يتصالحوا مع أي مساعي تذهب نحو تفجير معارك فرعية لا لزوم لها على حساب المعركة الرئيسية مهما كان هناك من اشكاليات.

 

معركة تحرير المحافظة هي الكفيلة بتجاوز كل شيء, ومن يتراخى عنها, يعيد تقديم نفسه كخصم للناس لا يقل خطورة عن الحوثي.

 

وهذا ما حدث مع ابو العباس. لكن هذا الحديث لا يعدو عن كونه مجرد أمنيات بلهاء, فالاصلاح يحتاج الى صراع يتجاوب مع رغبته في الاستئثار وفي مزيد من الاستعداد لأي مخاطر قادمة لكن ايضا من اجل انتظار ان ينضج ايا من المشاريع التي يتم طباختها على نار هادئة.

 

الحزب الذي قدم كلفة كبيرة في مواجهة الحوثي وصالح أصبح يستهلك رصيده بفعل تراخيه وايضا شبه التماهي مع خطاب الاعلام القطري.

 

خلال الاشهر الاخيرة برزت سلطة الاصلاح في تعز. رمزيا تم التعبير عن ذلك في الاستعراض العسكري بمناسبة ذكرى سبتمبر.

فقد كان استعراض سلطوي, فهو لم يترافق مع اي شعارات او حتى نوايا لتحرير المحافظة لكنه جاء في ظل غياب المحافظ شبه المطرود وبعد التخلص من ابو العباس ودون ان يكون هناك تحقيقات جدية حول خلايا الاغتيالات واعلانها للراي العام وايضا الانتصار للضحايا الذين سقطوا اثناء الصراع دون ان يكون لهم علاقة.

 

عوضا عن ذلك ظهر غزوان محتفلا في مقدمة الصفوف.

بالطبع التخلص من ابو العباس جعل الناس تتنفس واعادها الى دائرة الفعل.

وهو ما شاهدناه في الاحتجاجات ضد انهيار العملة. لكن هذه العودة ظلت محكومة بالافق المسدود بفعل بقاء المحافظة محاصرة من ثلاث جهات.

لهذا سرعان ما تلاشت الاحتجاجات.

لكن بالتأكيد الناس لم تعد الى وضعها السابق ابان الصراع مع ابو العباس عندما كانت المعاناة قد بلغت اوجها جراء توقف صرف رواتب الموظفين لكن بسبب الوضع الداخلي للمدينة لم نشاهد اي احتجاج فعلي.

الناس لم تعزف عن الاحتجاج فقط.

لكن ايضا قطاعات واسعة ظلت شبه محايدة ولم تدعم ايا من طرفي الصراع.

لا يوجد طرف لديه برنامج واضح عوضا عن المخاوف التي فشلت ايا من هذه الاطراف في تبدديها, لكن هذا الحياد السلبي يصبح ايجابيا بالنظر الى تقدير الناس انه لا يصح التمترس مع طرف ضد آخر او الخروج ضدهما معا بينما الحوثي لا يزال يحاصر المدينة.

 

هذا هو سر القطاعات الشعبية الواسعة في تعز والذي لا يستطيع احد سبر اغواره رغم بساطة ذلك.

اذن بعد خروج ابو العباس وعدم حدوث تغيير كبير في حياة الناس عادت الحركة للشارع بحثا عن أفق.

 

وهذه الحركة لا يمكن استقطابها وجعلها مصدرا للمشروعية إلا اذا تم تجاوز كل الاشكاليات السابقة على النحو الذي يضمن حقوق الضحايا, يحاصر الجريمة, يعلي من قيم الدولة, ثم يكون هناك برنامج واضح لتحرير المحافظة.

عندما اندلعت الحرب في تعز في ابريل من العام 2015, كان الاحتقان ضد الاصلاح خلال الاشهر التي سبقت ذلك قد وصلت الى حدود متقدمة.

ربما لم يدرك الاصلاح ذلك لهذا لن يفهم سر التفاف الناس حوله عندما بدأت الحرب, وهذا بالضرورة سيجعله يقع أسيرا لتقديراته الخاطئة خلال هذه المرحلة.

لن تحميك خمسة ألوية او حتى عشرة في ظل احتقان وحرب أهلية مفتوحة.

ما سيحميك هو مدى احترامك للارادة الشعبية والعمل في سبيل الانتصار لها حتى وان كنت اعزلا وفي مواجهة العالم كله. هذه واحدة من أبسط قواعد السياسة.

لكن هل للاصلاح علاقة بالسياسة؟ هذا سؤال آخر واجابته مختلفة.

#منشورات_أخيرة_عن_تعز 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس