الحرب الإسرائيلية الإيرانية والسياسات الخاطئة في المنطقة
الاربعاء 18 يونيو 2025 - الساعة 07:55 مساءً
إن هذا الهجوم / العدوان الاسرائيلي المستهدف للمشروع النووي الايراني، ما كان له أن يتم، على هذا النحو، لولا السياسات الايرانية الخاطئة في المنطقة كلها والتي جعلتها في عزلة عن محيطها الطبيعي، ومعادية لهذا المحيط. وقد بدأت هذه السياسات بالمنهج الطائفي الامبريالي المعبر عنه بنظرية "ولاية الفقيه"، والذي عاينا آثاره المدمرة في سوريا ولبنان والعراق واليمن..الخ، والذي أعطى آخر ثماره المسمومة حينما تخلت إيران عن نظرية"وحدة الساحات" بعد أن نفذت المقاومة الفلسطينية الباسلة هجوم السابع من اكتوبر، وهي تعتقد أن خلفها جبهة واحدة تضم كل هذه الساحات، وتمنع العدو من الانفراد بغزة. وتحولت ايران واتباعها إلى نظرية "جبهة المساندة" السقيمة، وتركت غزة تواجه لوحدها عتو الهجوم الصهيوني لنحو سبعة أشهر، وظنت طهران أن تراجعها عن "وحدة الساحات" من شأنه أن يحميها، لكن الاسرائيليين ما لبثوا أن تحولوا إلى لبنان ليصفوا حزب الله، ثم انتقلوا الآن إلى طهران نفسها.
نحن ندرك أن إيران دولة إقليمية وازنة، وأن قيمتها ستكون أصعاف مضاعفة حين تضع في مسار تعاوني سلمي وحضاري مع مثيلاتها من دول الإقليم، لكنها مع نظرية ولاية الفقيه وضعت نفسها في موضع التضاد مع هذه الدول.
قد أوقعت طهران نفسها حينما جعلت قوتها ومشروعها طائفي فارسي، وتخلت تدريجيا عن حلفائها وهي تظن أنها تحمي نفسها وتحمي برنامجها النووي.
لا يستطيع المراقب أن يجزم بآفاق هذه المرحلة من الصراع، لكن الوقائع تؤكد في كل مرة أن التنازع الايراني الاسرائيلي هو من قبيل التنافس في السيطرة على المنطقة. بدوافع عقدية وسياسية مختلفة، والاسرائيليون وكذا الأمريكيون لا يريدون من طهران غير "تعديل سلوكها"، ولو أن معنى هذا التعديل وآفاقه غير متطابق بين واشنطن وتل أبيب.
وستكشف الأيام القادمة حدود هذه المنافسة الاسرائيلية الايرانية على منطقتنا، ومن أكبر مظاهر الخلل أن هذا الصراع الذي يمور في المنطقة مورا، نحن المتأثرين به بشدة، غائبون عن التأثير فيه، رغم أننا نملك الكثير من أوراق التأثير. لكنها كلها تضيع من غير جدوى.
▪︎المفكر العروبي الناصري