إياك أعني واسمعي ياجاره

الاثنين 01 ابريل 2019 - الساعة 04:19 صباحاً

هكذا تقول العرب عندما تقوم بعمل شيء ما لكنها تقصد بذلك توجيه رسائل مهمة لشخص أخر سوف يفهما بالضروره .

 

قبل شهور وتحديداً في تاريخ 2018/7/16 عندما بلغت الأزمة السياسية ذروتها بين حزب الإصلاح والمحافظ امين محمود ، تم الدعوة للمظاهرات والتجمهر تحت شعار إستكمال معركة التحرير .

يومها كتب مقال تحت عنوان ” دفاعاً عن سلطة الجماهير لا عن المحافظ ” كانت خلاصته تقول ” أنه في معادلة بناء الأوطان هناك فرق كبير بين أحزاب تملك فكراً سياسياً يناضل من أجل الجماهير ومصالحها العامة ، وأحزاب تملك فكراً سياسياً يناضل بالجماهير ويحولها إلى ورقة سياسية ”

في الأولى تكون الجماهير هي الغاية من النضال والتضحيات التى يقدمها رجال السياسة وقادة الأحزاب ، أما في الثانية يتم توظف الجماهير كادوات ضغط وصراع في سبيل تحقيق غاية رجال السياسة وقادة الأحزاب ، والتي تكون غالباً عبارة عن مصالح حزبية وشخصية صرفه .

 

أتذكر يومها تعليق الصديق العزيز والمهذب احمد عثمان المسؤول الاعلامي للإصلاح على المقال بقوله = أن هذا المقال يدعوا للحزن الشديد ، بعد أن فسر مقالي بأنه تسفيه غير مقبول للجماهير التي خرجت ، وبطريقة لا تخلوا من ليْ عنق النص الذي أردت من خلاله تذكير هؤلاء الساسة في تعز أن الجماهير يجب أن تكون الغاية وليست الوسيلة في معادلة الصراع السياسي ، لاسيما أن حقيقة ما كان يجري هو صراع سياسي بين الإصلاح وبين المحافظ ومن إليه ، لكنه كان يُغلف بسذاجة مكثفه على لسان قيادة وقواعد الإصلاح بكونه صراع بين المحافظ وقيادة الجيش والأمن ، بمعنى أخر أن حزب الإصلاح يومها كان يؤكد أنه ليس طرف في الصراع الجاري والذي انتهى بإعفاء المحافظ امين محمود من مهامه بطريقة غير مبررة وغير منطقية ، لكنها في المقابل كشفت حقيقة الصراع السياسي ، وكثافة الهيمنة السياسية التي مازالت حتى اليوم بكل سماجتها تبتلع مؤسسات السلطة والقرار السياسي داخل المدينة التي ثارت في 2011/م ، ورفعت شعار المطالبة بوجود دولة مدنية وبناء جيش وطني يحمي سيادة الوطن واستقلال الدولة من أي هيمنة سياسية أين كان شكلها ومظاهرها ، حزبية أو مناطقية أو مذهبية .

 

مع وصول المحافظ نبيل شمسان بعد غياب طويل ، تشهد المدينة جولة صراع سياسي جديد على إثر احداث حملة أمنية ربما تم استدراج المحافظ إليها منذو وصوله ، أو هكذا عبرت تصرفاته خلال أحداث الحملة التى تحولت إلى حرب مفتوحة على رؤوس المدنيين داخل المدينة القديمة ، حاول خلالها الرجل من موقع المسؤولية بكونه الأول في المحافظة ورئيس اللجنة الامنية ، أن يصدر أوامره بالتوقف لمن هم تحت قيادته في الحملة الأمنية ، لكن تلك التوجيهات بدت غير مقبولة بالمطلق للمخاطبين بها ، حتى اضطر الرجل إلى تقديم الإستقالة التي بدت محرجه لقيادة الجيش والأمن ، وكاشفة في نفس الوقت لوجود مشكلة بنيوية تعيشها تلك الموسسات العسكرية والأمنية ، وهي مشكلة تأتي في سياق تغول الهيمنة السياسية الحزبية على تلك المؤسسات على حساب منطق الدولة التى مازالت غائبة في تعز .

 

تفيد المعلومات أن العدول عن الاستقالة كان مشروط يومها في تغيير قادة الجيش والأمن الذين رفضوا اومر المحافظ ، وللتعبيير عن رفض مثل هذه الاشتراطات ، دعت قيادة الإصلاح كعادتها أثناء الصراع مع المحافظ السابق واللاحق في تعز ، الى التظاهرات التي خرجت اليوم ، تحت شعار المطالبة بإستكمال التحرير ، ورفض حالة الانفلات الأمني ، وهي في الحقيقة رسائل موجهة اولاّ للمحافظ الذي غادر مقره في تعز إلى مدينة التربة بشكل يؤكد إصرار الرجل على تنفيذ شروطة ، وثانياً لرئيس عبدربه الذي يحاول الاستماع والتفكير لمطالب المحافظ نبيل شمسان .

 

المفارقة أن في هذه الجولة من الصراع السياسي قرر حزب الإصلاح اللعب على المكشوف ، والظهور كطرف في معادلة الصراع الجارية على عكس أسلوبه مع المحافظ امين محمود ، وهو ما يفهم من دعوته لمظاهرة اليوم باسم حزب الإصلاح ورفعه لأعلام الحزب التي جالت في شوارع المدينة ، والسؤال يقول هل أحكم الحزب سيطرته على مفاصل القوة والقرار وبشكل يجعله قادراً على المجاهرة ، أم أنه أصبح يعاني من عزلة سياسية داخل المدينة جراء الاحداث الاخيره التى كرست الشرخ السياسي والاجتماعي ؟

 

في كل الأحوال تعز تشهد جولة جديده من الصراع المفتوح على مصرعيه ، وبشكل يجعل المسؤول الأول في المحافظة عاجزاً على أن يقوم بعمله ، أو حتى يقف على مسافة واحدة من الجميع ، وهو ما يؤكد غياب منطق الدولة بسبب تغول الهيمنة السياسية .

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس