اردوغان وقطار صالح

الاثنين 17 ابريل 2017 - الساعة 04:48 صباحاً

 

اردوغان يستخدم نفس الخطاب الذي استخدمه علي عبدالله صالح حين كان رئيساً. "فاتكم القطار" لطالما استخدمها صالح ضد معارضيه في لحظات تطويعه التشريعات الدستورية لتأبيد شكل حكمه. استخدم اردوغان الوصف نفسه ضد معارضي الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والتي تتيح نقل صلاحيات واسعة للرئيس.

شخصية الدكتاتور واحدة كانت في العهود الغابرة او الحديثة، في اليمن او تركيا. تختلف فقط الظروف.

"اقول لمن يحاول التقليل من أهمية نتيجة الاستفتاء فاتكم القطار." بذلك الخطاب سخر اردوغان من معارضيه. ولعلها نفس المناسبات التي استخدم خلالها صالح مقولة "فاتكم القطار". في مناسبات انتخابية او استفتاء على تعديلات دستورية؛ اي ضمن نسق تكريس نفسه كحاكم مطلق الصلاحيات. وهو الانتقال الاردوغاني لشكل الحكم التركي؛ من ديمقراطية مازالت تعتبر من الدرجة الثانية؛ الى نظام السلطنة.

اردوغان تحدث عن تغيير النظام بارادة مدنية لاول مرة في تاريخ الجمهورية التركية. وتلك المغالطات تعيدنا الى حالات انتقل فيها الحكم من الديمقراطية الى الاستبداد المطلق عبر تغيير مدني.

المانيا النازية كانت نتاج تحول عبر إرادة مدنية، صعد هتلر الى الحكم عبر صناديق الاقتراع. كما انه من الممكن انتقال اوروبا الى سلطة الفاشيات اليمينية عبر صناديق الاقتراع، وبإرادة مدنية.

حول اردوغان تركيا من بلد يتمتع بتقاليد ديمقراطية الى انماط الحكم المطلق. واشكالية الاستفتاء على التعديلات الدستورية؛ ليس في نقل نمط الحكم، اي في حدوث اصلاحات سياسية تنقل كثير من السلطات الى رئيس الجمهورية، الذي كان مجرد منصب تشريفي. بل لأن تلك الاصلاحات او التعديلات تضمنتها اهواء رجل واحد. هذا الرجل اراد الابقاء على سلطته بأي شكل من الاشكال. وقيمة الديمقراطية في انها طريقة حكم مثلى تقيد من السلطات المطلقة للحاكم، او تحد منها.

ان تتعرض التشريعات لتعديلات دافعها اهواء شخص او حتى جماعة قد تشكل اكثرية، ولا تتضمن رؤى اصلاحية تعم من خلالها الفائدة على مؤسسة الحكم، فإنها ستشكل انتهاكاً على تقاليد الحكم في المستقبل. وستصبح الاهواء هي المنبع الرئيس لكل التحولات والصراعات حول شكل التشريعات، ما سيعطي وضعاً سياسياً مختلاً. وفي اشكاله التنافسية سيقتضي التآمر والشقاق على حساب التوافق المطلق حول شكل الحكم.

فالديمقراطية تعطي ايحاءاً للمجتمع بأنه يحكم نفسه. ولا يقتصر الامر على وجود اغلبية او اقلية؛ حتى الاقلية السياسية ستشعر بالرضا بما ان حقوقها مضمونة، وعندما تخسر في الانتخابات فلن تشعر بالضغينة ضد الاغلبية. لأن الحكم السليم لا يقتضي ان تقمع الاغلبية تلك الاقليات السياسية او حتى العرقية او الثقافية.

وعندما يكون الصندوق غير محمياً بمنظومة تشريعات تحمي الحقوق السياسية؛ فإن الانتصار عبر الصندوق يدفع بالحاكم للتنكيل بخصومه عبر مقولة: فاتكم القطار.

المستبد يخون الديمقراطية حتى وإن كانت سبب صعوده للحكم. انه يجعل انجازاته او نجاحاته غرضاً للنيل من الحريات، وتأسيس حكمه المطلق.

وفي استنبول تنتصر التقاليد البيزنطية كما في موسكو: قسطنطينية او بيزنطة او حتى الاستانة العثمانية؛ جميعها ترتدي نفس المسوح القمعية المتصالحة مع المرجعيات الدينية؛ كانت اسلام عثماني، او ارثوذكسية شرقية.

فاردوغان على طريق بوتين؛ يكرس نفسه كمستبد. السلطان او القيصر؛ جميعها مصطلحات لهوى واحد؛ الحاكم المطلق.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس