عرب " 48 "

الجمعه 22 نوفمبر 2019 - الساعة 05:12 صباحاً

هكذا قالها بكل بجاحه انتم عرب ٤٨ عاد احنا بنحرقكم روحوا بلادكم .ليس القائل  احد الصهاينة وليس المقصود هنا بعرب ٤٨ هم الفلسطينيين على الخط الاخضر .لكن من قالها هو يمني سعدي من محافظة ابين ويقصد بعرب ٤٨ هم اولئك الذين جاء ابائهم الى عدن وبنوها وعمروها وشيدوها جنبا الى جنب مع كل ابنائها المنحدرين من كل الاعراق والاقطار والذين انصهروا في هوية مدنية جامعة إسمها الهوية العدنية ..يقصد بها اولئك الذين عاشوا فيها مواطنين تملكوا وتاجروا وكسبوا وأممت ممتلكاتهم وعادوا مجددا لينتجوا مرة أخرى .

يقصد بها اولئك الذين دافعوا واستشهدوا وسالت دمائهم على ترابها وأخر نضالهم كان في وجه الحوثيين حينما فرت القبائل واللجان بسلاحها وعتادها وخرجوا هؤلاء مع كل ابنائها للدفاع عنها وصنعوا النصر.

قالها ليس مغبونا ولا مظلوما بل قالها وهو يحاول ان يدافع عن موقفه الضعيف حيال ما يقترفه من جرم في نهب ممتلكات ورثة اكبر مقاول بنى عدن ومنشآتها . قالها حينما جاءت الشرطة إليه لتطالبه بالتوقف عن العمل بقوة السلاح في أملاك ورثة بيت الأديمي في منطقة الدرين والتي هي تحت ملكهم منذ عقود .. قالها حينما طالبوه بإحترام القضاء حتى يصدر احكامه النهائية القابلة للتنفيذ كون القضاء وحده الذي يحترم حتى وان كانت هذه المؤسسة تشوبها الكثير من الشوائب التي تفقدها هيبتها ووقارها نتيجة تأثرها بالسياسة والضغوط والمصالح احيانا من بعض منتسيبها الذين لم يقدروا المسؤولية الملقاة على عاتقهم..

 

 . انه من أصحاب الأفاق الضيقة الذين يلجأون الى القوة والى القبيلة والى لغة العصبوية سواء كانت مناطقية او دينية او قبلية لينتصروا بها على مفاهيم النظام والقانون الذي تبنى عليه المدن الحضارية كما كانت تحلم عدن به ومنذ زمن بعيد .

. مثله مثل الكثير ممن دمروا عدن على المدى البعيد وجعلوا منها مدينة طاردة للإستثمار .مدينة محفوفة بالمخاطر ومقلقة لرؤوس الأموال .. إنه ممن حولوها الى قرية كي تكون شبيهة بالقرى والخبوت والصحاري التي انحدروا منها ولم يتخلوا عن ثقافة البداوة او القروية التي تعشعش في رؤوسهم ولم ينصهر في هوية عدن المدنية مدينة التعايش والمواطنة مدينة الحب والسلام..

لقد كانت كلماته التي قالها في وجهي ومخاطبا لي معتقدا أنني من عرب ٤٨ وانا في الحقيقة نازح من بعد الحرب  كانت أشد ألما من عملية النهب التي يقوم بها وغيره لأملاك الناس  . صحيح ان الكثير من ممارسات القهر والظلم  مورست عليهم من نظام صنعاء لكن الانتصار عليها ليس بمشاعر الانتقام ولا بإيقاع الظلم على الاخرين .

ولعل الاكثر ايلاما أنه قالها في إدارة ألأمن وأن الناس لم يتفاعلوا مع هذه الكلمة بحجم الخطر التي تحدثه هذه العبارات وبحجم تأثيرها في إثراء مشاعر الكراهية وشحن البغضاء في داخل المجتمع العدني ولما تحدثه من حالة تهيئة وتحضير لصراعات وصراعات لا تنتهي في بلد تلاقي فيها هذه الدعوات اقصى مستويات الإستجابة ..

لكن الملفت حقا ان من قالها هو ممن استطاعوا  وغيره ايهام الناس انهم يبغضون العنصرية ولطالما اتهموا غيرهم بممارستها كونه من المحسوبين على الميسري ومن المدعومين هو والشلة التي تبسط على ارضية الاديمي من غسان العيسي ومن شخصيات محسوبة على الشرعية وممن يزايدوا بإسم الشعارات الوحدوية ..

السعدي وغيره ممن يستخدمون عواطف الناس في إثارة حميتهم المناطقية والقبلية حينا وفي استثارة قضاياهم الوطنية والتحررية حينا آخر لأغراضهم الدنيئة ومصالحهم الخاصة غير مبالين بما يحدثوه من انهيارات في منظومة الدولة التي ينشدها كل ابناء الجنوب وضحى من أجلها الاف الشهداء وعشرات الاف الجرحى و ولا يكترثوا لما يصنعوه من حواجز أمام قيامها ..

اليوم أقول إن عدن والجنوب أصبح بحاجة الى صوت جديد يعلوا ويرتفع عاليا صوت عصبوي لعدن الهوية المدنية لعدن النظام والقانون عدن التعايش عدن الهوية التي ذابت فيها كل الهويات الصغيرة ..

صوت يقول عدن للعدنيين وهنا كلمة العدنيين ليست بأبعادها الجغرافية ولا المشاريع السلالية بل للعدنيين المؤمنين بعدن هوية مدنية ودولة نظام وقانون هوية لا تقبل الانجرار الى العصبويات المناطقية الصغيرة ومن كل ابناء الجنوب ..صوت يقف أمام كل من يريد ان يدمر عدن ونسيجها أمام من يريد ان يحول عدن الى إقطاعية خاصة بقبيلته. أمام من يريد ان يمارس الوصاية عليها دينيا او قبليا .أمام من يحاول استغلال ابنائها وتحويلهم الى أجراء تابعين وادوات تموت وسط صراعات القرويين الذين خاب فيهم حلم لينين ونيتشا وماركس وعادوا مهرولين من مشاريعهم الأممية الى مشاريعهم القروية الصغيرة .

اثق ان من قالها لا يمثل الا نفسه واثق ان الكثير اصبحوا غير راضيين عن هذا الخطاب لكن مواجهة هذا الخطاب لا تزال قاصرة وخجولة في حين يمضي مستغلي هذا الخطاب سواء كانوا جماعات او احزاب او افراد في تدمير كل القيم النبيلة بقصد او دون قصد.

 

لست من عرب ٤٨ ولست من غزاة ٩٤ ولا أمتلك في عدن شبر ولا جدار ساند ولا أريد ذلك  لكني احبها حب شريف عفيف . حب يرقى الى مستوى سحرها وجمالها  الذي ربما  يغيب عن مقلتي الكثير من ابنائها .حتى وان كان حب عاشق عابر .

ولأنها اعطتنا كل الحب .واحتضنتنا وقت الشدة .و  قررت ان أناضل لأجلها وهي التي طالما ناضلت لأجلنا واحتضنت الكثير من المناضلين الذين انطلقوا في ثوراتهم التحررية بدعم منها ومؤازرة ورعاية   ..

اعرف ان النضال في هذا المضمار خطر كبير لأن المتضررين هم مصاصي دماء لكن الأخطر هو إستمرار الصمت حتى تغرق في المزيد من الظلم والقهر حينها سيموت حلمنا جميعا وسيموت الظالم والمظلوم معا و لأننا نرى في نصرها نصرنا ولو بعد حين.

 

#من صفحة الكاتب على الفيسبوك

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس