إيران في مأزق حقيقي

الاثنين 30 ديسمبر 2019 - الساعة 09:23 مساءً

كانت إيران، منذ الثورة الإسلامية، في مواجهة مع الأنظمة العربية فقط، والآن دخلت في مواجهة مفتوحة مع الشعوب.


هذا التحول الجذري يضع سياسات طهران ونفوذها في المنطقة في مأزق حقيقي لم تشهده منذ أربعة عقود.


من كان يتوقع أن يشاهد المواطن العراقي الشيعي وهو يحرق العلم الإيراني والقنصليات الإيرانية في النجف وكربلاء، أي في قدس أقداس النفوذ السياسي والديني والروحي لنظام آيات الله في طهران؟

ومن كان يتمنى أن يرى السيد حسن نصر الله، الذي كسب العقول والقلوب بقوة منطقه وانتصار مقاومته في وجه إسرائيل؛ وهو يخطب مهددا ومتوعدا شعبه، المنتفض ضده، وكأنه معمر القذافي أو عمر البشير أو أي حاكم مستبد آخر؟!

إيران بدأت الآن بدفع أثمان حماقات حلفائها وتفردهم بالسلطة والنفوذ في بلدانهم.

كم حجم الخسائر بعيدة المدى التي يسببها الحوثيون لإيران في اليمن والمنطقة، وهي تكسب بهم 20 بالمائة من اليمنيين، في أفضل تقدير، وتحشر الغالبية الساحقة في زاوية العداء معها؟!

لم تنفعها في العراق حقيقة أن غالبية العراقيين شيعة وغالبية زعماء الشيعة في يدها، فكيف سيفيدها الحوثيون وهم لولا السلاح وقوة التنظيم؛ أقلية معزولة من الأكثرية العظمى في بلدهم، بل ومحط كراهية لم يسبق لأي تيار يمني أن ناله مثيل لها طوال التاريخ (بفعل أفكارهم وممارساتهم وليس بسبب هويتهم الدينية أو الاجتماعية).

سيخدمون طهران فيما يتعلق بإلحاق بعض الأذى بالسعودية، لكن هذا الإنجاز لا يُعد شيئاً قياسا بحجم خسائر السمعة وخسارة الشعوب، فما فعله الحوثيون باليمنيين جند كامل اليمنيين لدى السعودية ضداً على إيران. وفيما مضى كان أقصى ما تحصل عليه الرياض من اليمن هو ولاء بضعة مشائخ من القبائل وبعض مسؤولي الحكم (بينما كان غالبية اليمنيين لايطيقونها، والآن يقاتلون معها).

فمن الرابح ومن الخاسر هنا؟

وإن كان على إيران المسارعة إلى استيعاب الدرس، فإن على الحوثيين أن لا يمهلوا غرورهم طويلا: الشعب اللبناني رفع إصبعه في وجه نصر الله الذي غير معادلة الصراع العربي الإسرائيلي برمتها، والذي يقود ثاني أقوى جيش في المنطقة بعد الجيش الإسرائيلي وفقاً لتقييمات دولية؛ فكم سيطول الوقت حتى تُرفع أصابع اليمنيين في وجوهكم داخل صنعاء وذمار وحجة وعمران بل وحتى صعدة نفسها (وما كانت صعدة بأكثر عصمةً من النجف وكربلاء).

حكم الناس بالعصبوية والإكراه عمره ما جلب إلا النهايات السيئة.. والمخزية.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس