وداعاً صديقي الكبير

الخميس 16 يناير 2020 - الساعة 09:20 مساءً

ترجل الصديق الكبير والأب الفاضل أول وأمهر جراحي المخ والاعصاب في اليمن والقامة العلمية العربية السامقة البروفيسور أمين علي ناجي الكمالي في قاهرة المعز التي أحبها وأحبته بعد أسابيع من معاناته مع الجلطة المفاجئة.

خبر رحيله فاجعا عليّ شخصيا، وأظنه كذلك على من عرف عن قرب مهاراته المهنية، وحرصه على تطويرها، ومواقفه السامية والإنسانية مع مرضاه، ومن يصلون إليه من عامة الناس أينما حل وأرتحل داخل وخارج البلد.

لست مبالغا لو قلت خسرت اليمن برحيله أبرز نوابغها، وأنبل رجالها العصاميين الذين بنوا تاريخهم بطموحهم، ومثل بلده في المؤتمرات العلمية العربية والدولية أفضل تمثيل، ونحت اسمه باحرف من نور.

جمع فقيدنا أمين الكمالي بين الخبرة المهنية الطويلة عبر إجراء آلاف العمليات، وحرصه على مواصلة بحوثه العلمية التخصصية، وتشبيك علاقات واسعة مع زملائه (اليمنيين، والعرب، والأجانب) من مختلف التخصصات، والجهات الأكاديمية والعلمية الداخلية والخارجية.

كان فقيدنا أمين في عز مشاغله يخصص في جدوله اليومي لعلاقاته الاجتماعية، والتواصل مع الناس العاديين، وحل مشاكلهم القادر عليها، وبالذات، الحالات المرضية بكل تفان وشهامه وإنسانية بعيدا عن المن والغرور الذي يصيب أناس أقل من مستواه العلمي والمهني.

شخصيا، أمين الكمالي بالنسبة لي صديق استنشاء، وأب فاضل، وهو كذلك مع القريب والبعيد، وإذا كنت إنسانا نظيفا محترما، سيقاسمك الخبز، والضحك، والهم، ويجادلك بوعي في الشؤون العامة والخاصة، ويعاملك مثل أحد أبنائه، يسعد فيك إذا زرته، ويبحث عنك أينما كنت حين تغيب، ويقف معك إذا تكالبت عليك المخاطر.

ومصداقا للمثل "خلف كل رجل عظيم امرأة"، فزوحته المناضلة القومية جميلة أحمد غالب عامر إنسانة كبيرة نقية تهتم بالشأن العام، وتعد من ايقونات الثورة وفعاليات التمدن، وهي بمثابة الأم الحنون لمن يعرفها، وخسارتها كبيرة أكثر من غيرها برحيله.

كما أن أبناء فقيدنا الكبير أمين (محمد، وعلي، وحمزه، وعمر، وممدوح، وشهد) خير الاخوه وأعز الأصدقاء تجدهم بصفك في السراء والضراء، ولا تغيرهم تقلبات الحياة، والاختلافات معهم بالاراء والمواقف، سوءا كنت بقربهم أو بعيدا عنهم.

وداعاً بروفيسور أمين علي ناجي الكمالي، وخالص عزاؤنا ومواساتنا لنا، ولأسرتك، و أخوانك وأقاربك، ومحبيك، فرحيلك فاجعة، وغيابك خسارة كبرى، ولكنها سنن الحياة، وثق ستظل ذكراك الطيبة ومواقفك الأصيلة عصية على النسيان، وسيبقى تاريخك العلمي المشرف ملهما لكل شاب عصامي طموح على أرضنا المهدورة.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس