توحيد التشكيلات العسكرية والأمنية .. بين محاذير الإنتقالي وعراقيل الإخوان

الاربعاء 01 يونيو 2022 - الساعة 11:28 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي


مثلت حالة الإنقسام العسكري بين القوى والأطراف المواجهة لميليشيا الحوثي الانقلابية، العامل الأبرز لغياب حسم المعركة في اليمن ضد هذه الميليشيات منذ ما يزيد عن 7 سنوات ، جراء تعدد المشاريع والتوجهات لهذه القوى والأطراف ومحاولات البعض منها فرضها على الآخر.

 

ولعل المواجهات التي شهدتها العاصمة عدن صيف 2019م بين القوات التابعة للمجلس الإنتقالي الجنوبي والقوات التابعة للشرعية والخاضعة لسيطرة ونفوذ جماعة الإخوان والجنرال علي محسن الأحمر، أبرز مثال على مشهد الإنقسام العسكري وحالة الصراع السياسي الذي عانت منه المناطق المحررة خلال الفترة الماضية.

 

وفي نوفمبر من ذات العام اثمرت جهود السعودية في توقيع اتفاق الرياض بين الطرفين لمحاولة رأب الصدع ، وركز الإتفاق بشكل واضح على الجانب الأمني والعسكري وتوحيد التشكيلات العسكرية والأمنية للشرعية والإنتقالي ، الا أن ذلك مثل العقبة التي تعثر بسببها تنفيذ الإتفاق لنحو عامين بسبب تفسيرات الطرفين لهذه المسألة.

 

استمر المشهد على حاله مع بروز قوى عسكرية جديدة على الأرض خارج دائرة الإنتقالي أو الشرعية "الإخوان" ممثلة بالقوات التي يقودها العميد / طارق صالح في الساحل الغربي ، ليصل الصراع بالمشهد الى لحظة إعلان الرئيس السابق هادي في السابع من ابريل الماضي نقل السلطة لمجلس رئاسي بـ 8 أعضاء ورئاسة رشاد العليمي.

 

وكحال إتفاق الرياض نص إعلان نقل السلطة على جانب توحيد التشكيلات الأمنية والعسكرية بالمناطق المحررة تحت قيادة واحدة وعبر لجنة تم الإعلان عنها الإثنين الماض من قبل المجلس الرئاسي مكونة من 59 عضواً وبرئاسة أول وزير دفاع لدولة الوحدة اللواء الركن / هيثم قاسم طاهر.

 

ليعيد هذا الإعلان الحديث عن إمكانية وقدرة اللجنة ورئيسها النجاح في حل أحد اهم واعقد الملفات والذي تسبب في تأزيم الوضع بالمناطق المحررة خلال السنوات الماضية ، بل ويراه مراقبون بأن النجاح أو الفشل في هذه المهمة هو من سيحدد قدرة المجلس الرئاسي على مواجهة الحوثي سلماً أو حرباً.

 

تعقيد هذا الملف ينجم عن حجم المحاذير والصعوبات التي ستقف في وجه اللجنة الأمنية والعسكرية ، والآلية التي ستتبعها لتنفيذ مهمة "توحيد" كل التشكيلات الأمنية والعسكرية الموجودة بالمناطق المحررة بكل توجهاتها وعقيدتها ومشاكلها ، وما اذا كان واحدية العدو المشترك "الحوثي" كافية لتوحيدها.

 

أولى هذه المحاذير تتمثل في التشكيلات الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس الإنتقالي الجنوبي والتي تصل الى نحو 200 الف فرد وفق تصريح للقيادي بالمجلس وضاح عطية ويشمل الرقم قوات الأحزمة الأمنية وألوية الدعم والإسناد وقوات العمالقة الجنوبية وقوات النخبة الحضرمية (المنطقة العسكرية الأولى) وقوات دفاع شبوة (النخبة سابقاً).

 

ومنذ توقيع اتفاق الرياض يعلن المجلس الإنتقالي عبر بياناته وتصريح قياداته بشكل واضح رفضه المساس بقوام هذه التشكيلات ودمجها ضمن أي قوات "شمالية" او نقلها للقتال خارج حدود الجنوب بدون الإتفاق على ذلك.

 

وهو ما عبر عنه مؤخراً نائب رئيس دائرة الإعلام في المجلس الإنتقالي منصور صالح في تغريدة له على (تويتر) قال فيها بأن "مهمة اللجنة العسكرية والأمنية هي استيعاب كل القوات تحت مظلة وزارتي الدفاع والداخلية، وضمان مرتباتها، واعادة هيكلة قيادة الوزارتين بقيادة جديدة يتم اختيارها بالتوافق وفق معايير الكفاءة".

 

وأضاف: "الدمج فكرة غير مقبولة، ولم يرد ذكرها، لا في اتفاق الرياض، ولا مشاورات الرياض، وهما المرجعيتان اللتان استندت اليهما تشكيل اللجنة العسكرية والأمنية". 

 

بالمقابل تصر قيادة الإنتقالي على اخراج القوات المتواجدة في وادي حضرموت ومحافظة المهرة ونقلها الى جبهات القتال مع ميليشيا الحوثي واعتبار ذلك تنفيذاً لنصوص اتفاق الرياض، واستبدالها بقوات جنوبية من أبناء حضرموت والمهرة ، وهو ما ترفضه بشدة جماعة الإخوان والقوى الحليفة معها لكون هذه القوات خاضعة لنفوذها ، كحال أغلب قوات الجيش والأمن التابعة للشرعية.

 

لتبرز هنا اهم المعضلات الحقيقة التي ستواجه اللجنة، والتي تتمثل بقوام هذه القوات وحقيقة وجودها على الأرض من عدمه ، في ظل غياب ارقام دقيقة حول حجم قوات جيش وأمن الشرعية، عدى تصريح لرئيس الوزراء معين عبدالملك في إحدى لقاءاته التلفزيونية أشار فيه الى أن تعداد الجيش يتراوح بين 300-350 الف ونحو130 الف للداخلية.

 

وقياساً الى التصريح الشهير لوزير الدفاع محمد المقدشي قبل نحو عامين والذي اعترف فيه بأن نحو 70% من قوام الجيش وهمي ، فأن حجم القوام الوهمي لجيش الشرعية يمكن أن يصل الى نحو 250 الف جندي ، وهو رقم كبير يكشف حجم المعضلة التي ستواجه اللجنة العسكرية لتصفية هذا العدد المهول من الأسماء الوهمية.

 

ولعل الواقع في تعز ابرز تأكيدا على هذه الحقيقة ، والتي تعيش اليوم حراكاً شعبياً وسياسياً للمطالبة بفك الحصار المفروض عليها من قبل ميليشيا الحوثي بعد 7 سنوات من عدم استكمال تحرير المحافظة ، على الرغم من أن كشوفات المحور والتشكيلات العسكرية في تعز تحوي على اكثر من 40 الف مجند ، ما يعكس حجم العبث والترقيم الوهمي من قبل جماعة الإخوان.

 

ولا يمكن هنا اغفال الهجوم العنيف من قبل نشطاء جماعة الإخوان على مواقع التواصل الإجتماعي خلال اليومين الماضيين ضد اللواء / هيثم قاسم عقب تعيينه رئيساً للجنة الأمنية والعسكرية ، ما يعكس حجم ما يمكن أن يواجهه الرجل واللجنة حين البدء بمهمة شطب هذه "الجيوش الوهمية" للإخوان.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس