في ذكراه.. هل لا زال الإصلاح عصيا على الإصلاح؟

السبت 10 سبتمبر 2022 - الساعة 08:28 مساءً
المصدر : الرصيف برس - خاص


يحتفل التجمع اليمني للاصلاح بذكرى تأسيسه الثانية والثلاثين كامتداد لحركة الإخوان المسلمين في اليمن، وباعتباره الجناح السياسي المعبر عن حركة الإخوان، حيث تأتي الذكرى ولا تزال الأسئلة تبحث عن إجابات، ونعني هنا الأسئلة المتعلقة بموقف الإصلاح من الجمهورية والثورة والوحدة والدولة، وعلاقة الإصلاح بالجماهير اليمنية.

 

تأسيس الاصلاح :

جاء تأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح مع الإعلان عن التعددية السياسية المرادفة لإعلان الوحدة اليمنية في العام 1990 كامتداد لحركة الاخوان المسلمين، حيث حظي الإعلان عن ميلاد حزب الإصلاح بدعم ومباركة النظام القائم في الشمال، وفي هذا الصدد أشار الشيخ القبلي عبدالله بن حسين الأحمر في مذكراته بأن انشاء الحزب كان الغرض منه معارضة اتفاقيات صالح مع البيض.

وفي مذكراته يقول الشيخ الأحمر "بالنسبة لنا؛ المشائخ والعلماء، كان توقعنا أن الحزب الاشتراكي دخل الوحدة وسيضم إليه الأحزاب اليسارية في الشمال من ناصريين وبعثيين وتلك المسميات الأخرى، حزب عمر الجاوي مثلاً، وسيشكلون كتلة واحدة، وكنا جميعاً في المؤتمر الشعبي العام.. ولهذا؛ لا بد لنا من إنشاء أحزاب تكون رديفة للمؤتمر، وطلب الرئيس منا بالذات مجموعة الاتجاه الإسلامي وأنا معهم أن نكون حزبًا في الوقت الذي كنا لا نزال في المؤتمر.

 

وقال لنا: كونوا حزبًا يكون رديفاً للمؤتمر ونحن وإياكم لن نفترق وسنكون كتلة واحدة، ولن نختلف عليكم وسندعمكم مثلما المؤتمر، إضافة إلى أنه قال: إن الاتفاقية تمت بيني وبين الحزب الاشتراكي وهم يمثلون الحزب الاشتراكي والدولة التي كانت في الجنوب، وأنا أمثل المؤتمر الشعبي والدولة التي في الشمال، وبيننا اتفاقيات لا أستطيع أتململ منها، وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضة ضد بعض النقاط أو الأمور التي اتفقنا عليها مع الحزب الاشتراكي، الغير صائبة لنا ومصالحنا ونعرقل تنفيذها.

 

وعلى هذا الأساس أنشأنا التجمع اليمني للإصلاح بحسب مذكرة الشيخ في حين كان هناك فعلاً تنظيم وهو تنظيم الإخوان المسلمين الذي جعلناه كنواة داخلية في التجمع لديه التنظيم الدقيق والنظرة السياسية والأيديولوجية والتربية الفكرية".

 

هذا وتتحكم شخصيات محددة في قيادته العليا برئاسة محمد اليدومي ونائبه عبدالوهاب الآنسي منذ تأسيسه عام 90 م وحتى اليوم أي 32 عام دون ان يتم تغير او تدوير او تجديد كما تتمسك قيادات فروعه بالمحافظات عشرات السنوات دون تغير والغريب انهم وناشطيهم يتحدثون حزبهم الديموقراطي وايمانهم بها وربما حديثهن تضليل العامة ومن باب التقية ليس إلا.

 

الإصلاح والجمهورية :

حين قام النظام الجمهوري في اليمن وتحديدا في 26 سبتمبر 1962 كان الإخوان المسلمون يقفون ضد ثورة سبتمبر وضد النظام الجمهورية، وهذا ما أكده القيادي في الجماعة البرلماني الإصلاحي عبدالله أحمد علي العديني الذي قال في محاضره مصوره له إن جماعة الإخوان كانت ضد 26 سبتمبر مستغربا من أعضاء الحزب الذين يحتفلون بذكراها.

 

وموقف الإخوان المسلمين من ثورة 26 سبتمبر والنظام الجمهوري يأتي من موقف الجماعة المناوئ لحركات التحرر العربي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي والتي انطلقت مع شرارة ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر.

 

وباعتبار أن ثورة 26 سبتمبر كانت ثورة بدعم مصر عبدالناصر وقيادة القائد الناصري علي عبدالمغني فقد اتخذت جماعة الإخوان المسلمين موقفا مناوئا للثورة، حيث كان موقف الجماعة مؤيدا للاماميين، ومن ثم للملكيين الذين قاتلوا الجمهوريين وحاولوا اجهاض الثورة وانعاش النظام البائد خلال حروب تثبت الجمهورية وحصار السبعين يوما والتي انتهت بتوقيع اتفاقية بين الجمهوريين والملكيين بعد حوالي ثمان سنوات من الثورة.

 

الإصلاح والثورة :

يعد التجمع اليمني للإصلاح امتدادا لحركة الإخوان المسلمين، وجناحها السياسي في اليمن، وبالتالي فهو يستمد أدبياته من أدبيات الجماعة التي تلتزم بأوامر المرشد العام للتنظيم الدولي للجماعة.

 

وفي أدبيات الجماعة فإن مصطلح الثورة غائبة باعتبار أن الجماعة تبحث عن السلطة وتلتزم في سبيل وصولها إليها بمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" لذا فقد اكتفت في أدبياتها بما يعرف بمبدأ "التمكين" حيث ترى في الحكم حقا إلهيا مقدسا لها، وهي الجماعة التي ترفع شعار "الإسلام هو الحل"، من هذا المنطلق كان موقف الإخوان مناوئا لثورات التحرر العربي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

 

وحاليا ظل مبدأ الثورة غائبا في أدبيات حزب الإصلاح الذي ظل شريكا في السلطة مع المؤتمر الشعبي العام حتى العام 2001 لينظم بعدها لتكتل اللقاء المشترك، ولتكون أسمى مطالبه هي أحداث إصلاح سياسي في منظومة النظام تؤهله للمشاركة في السلطة من جديد.

 

ومع قيام ثورة 11 فبراير كان التجمع الإصلاح آخر الاحزاب التحاقا بالثوار، حيث عمل على افراغ مضمون الثورة من معانيها، فبدلا من إحداث التغيير الشامل في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، عمل الاصلاح على تحويل الثورة إلى أزمة انتهت بالتقاسم من خلال المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

 

الإصلاح والوطنية :

يكفر التجمع اليمني للإصلاح بفكرة الوطنية والانتماء إليها لصالح الانتماء للجماعة، وهذا ما يجعله عرضة للاستقطابات الدولية، والتبعية للأنظمة الداعمة هنا وهناك، لذا لم يكن مستغربا على التجمع الإصلاح أن يضمن في أدبياته هدفا من أهدافه يتمثل بتعزيز العلاقة مع المملكة العربية السعودية والتي ظلت داعما رئيسيا للاصلاح، رغم تجريم النظام ولوائح التي على اساسها تنشأ الأحزاب علاقة الأحزاب بالدول في حين أن قيادات الحزب يقبضون رواتب شهرية من اللجنة الخاصة في المملكة.

 

وفي خضم الصراعات الدولية وشراء الولاءات انقسم التجمع اليمني للإصلاح إلى تيارات عدة، منها التيار الذي بقي على ولائه للسعودية، ويمثل التيار القبلي والديني داخل الحزب، فيما ظهر تيار آخر يوالي قطر وتركيا ويتلقى الدعم منهما ويهاجم السعودية والإمارات وهو التيار السياسي والأيدلوجي والمرتبط بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.

 

والإصلاح بفكره ونهجه لا يعتبر تلقي الأموال من دول وأنظمة خارجية عملاً غير وطنيا، بل إنه يعتبر ذلك من جوهر فكره كصمام أمان يمنحه القدرة على البقاء من خلال دعم أنشطته والتي يكون الارتهان للخارج ضريبتها المدفوعة مقدما، وهو ماترفضه الأحزاب الوطنية كالناصري والاشتراكي وغيرهم من الاحزاب.

 

وفي سياق الاستقطابات ظهر تيار جديد داخل الاصلاح يوالي سلطنة عمان ويتقارب مع الانقلابيين الحوثيين، فيما التيار الموالي للسعودية يدافع عن السعودية والإمارات، لكنه دون تأثير ويذكر أعضاء حزبه أن الامارات سكبت دماء في اليمن.

 

الإصلاح والدولة :

لا يختلف التجمع اليمني للإصلاح عن التيارات والجماعات الدينية التي تؤمن بفكرة الحق المقدس في الحكم، ومبدأ التمكين، وبالتالي فهي لا تؤمن بالدولة وإن تشدقت بشعاراتها في بعض الأحيان لتحقيق مآربها.

 

والإصلاح مثله مثل جميع التيارات الدينية يؤمن بالدولة الدينية لا بالدولة المدنية، ويؤمن بدولة الخلافة لا دولة المواطنة والنظام والقانون، ولهذا فقد لجأ إلى تشكيل الميليشيات المسلحة التابعة له بعيدا عن الدولة مستحضرا في ذلك فكرة التنظيم الأمني السري التابع لجماعة الإخوان المسلمين لضمان بقائه وتمكينه وتحكمه بالنظام القائم.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس