لا يكتفي حزب التجمع اليمني للإصلاح بممارسة الانقلاب ضد الشرعية، بل إنه يعمل على تعرية نفسه أمام الشعب وأمام التاريخ عبر توثيق هذا الانقلاب ببيان رسمي يحاول من خلاله حزب الإصلاح تقديم نفسه باعتباره المتحدث الرسمي باسم الشعب، وباعتباره أيضا صاحب التضحيات.

والغريب المخزي أن الإصلاح يدافع على من سلم الجوف للمليشيا الحوثي مديرية بعد أخرى، في وجه البطل الشرعي الذي سبق وأن حرر مديريات الجوف قبل أن تباع للحوثيين بصفقة غير معلنة كان مهندسها مفكك البلاد علي محسن الأحمر الذي كان له اليد الطولى في إزاحة حسين العجي علي العواضي وتعيين أمين العكيمي بدلا عنه، لتتوالى الهزائم من بعدها، حتى جاء قرار رئيس المجلس الرئاسي بتصحيح الخطأ ولو متأخرا.

وفي التفاصيل فقد أصدر رئيس المجلس الرئاسي رشاد محمد العليمي قرارا جمهوريا بتعيين حسين العجي علي العواضي محافظا لمحافظة الجوف وترقيته إلى رتبة لواء، بالإضافة لقرار جمهوري آخر بتعيين العقيد محمد عبده محمد الأشول قائدا لمحور الجوف وترقيته إلى رتبة عقيد.

وتكرارا لانقلابه في شبوة أعلن حزب الإصلاح رسميا عن انقلابه على قرار رئيس المجلس الرئاسي وأصدر بيانا رسميا يعلن فيه رفضه للقرار الجمهورية تحت مبررات واهية تثبت تماهي الاصلاح مع مشروع الانقلاب الذي لا فرق إن كان في الجوف أو في صنعاء.

بيان حزب الإصلاح أكد على رفضه التعاطي مع هذه القرارات حتى عودة اللواء أمين العكيمي محافظ المحافظة إلى أرض الوطن، مشددا أن هذه القرارات لا تخدم المصلحة العامة ولا تراعي إنجاح المعركة ضد مليشيا الحوثي الانقلابية.

أشار بيان الإصلاح أيضا إلى صدور القرار في ظروف حساسة وفي ظل استمرار احتجاز العكيمي لأكثر من سنة خارج الوطن ونسيان كل جهوده وتضحياته إلى جانب الشرعية والتحالف، مؤكدا أن أي تغيير يتجاهل أبناء المحافظة وقواها السياسية والاجتماعية والقبلية ومحاولة التفرد بقرارها، أمرا غير مقبول”.

اللافت أن حزب الإصلاح الذي سلم الجوف للحوثيين على طبق من ذهب دعا في بيانه المكونات السياسية والاجتماعية والقبلية إلى رفض مثل هذه القرارات الرامية لعرقلة عملية التحرير واستعادة الدولة”. على حد تعبيره.

كما أصدر الاصلاح تهديدات مبطنة من خلال تحميله مجلس القيادة الرئاسي ما قد يترتب عليه من تداعيات قد تؤدي إلى تشظي قوى الشرعية في المحافظة وهو ما يصب في خدمة مليشيا الحوثي الانقلابية، داعيا مجلس القيادة الرئاسي إلى احترام إرادة أبناء المحافظة والكف عن ممارسة الإقصاء والتهميش بحقهم”.

مراقبون أشاروا إلى أن موقف الاصلاح الرافض للقرارات الرئاسية يعد انقلابا مكتمل الأركان، ويتماهى مع الانقلاب الحوثي، خاصة أن المقال العكيمي قد قام بتسليم المحافظة للحوثيين على الرغم من استلامه مئات الملايين السعودي لتحرير المحافظة بالإضافة إلى أكثر من ألف طقم عسكري دون أن يحقق أي نجاح.

وينظر حزب الإصلاح إلى محافظات الجوف ومأرب وشبوة التي قاد تمرد سابق ضد قرارت السلطة والمحلية والمجلس الرئاسي كحق حصري خاص بجماعة الإخوان نتيجة ما تحتويه هذه المحافظات من ثروة نفطية هائلة، ما يجعل حزب الإصلاح متمسكا بها ورافضا التنازل عنها حتى لو أدى ذلك إلى تمرده عسكريا كما حصل في محافظة شبوة.

ويحظى المحافظ الجديد للجوف بتأييد جميع القوى السياسية والاجتماعية باستثناء الإصلاح نتيجة الدور النضالي له في تحرير المحافظة من الحوثيين قبل أن يتم إقصاؤه من قبل علي محسن الأحمر في سيناريو مشابه لإقالة محافظ تعز السابق أمين أحمد محمود الذي حقق نجاحات ملموسة ونال رضا جميع المكونات السياسية والاجتماعية باستثناء حزب الإصلاح.

ويرى مراقبون أن إعادة حسين العجي العواضي محافظا للجوف يؤكد على توجه المجلس الرئاسي لترميم الفجوات التي أحدثها هادي خلال فترته الرئاسية في جسد الشرعية من خلال تسخيره لإمكانات الدولة وللقرارات السياسية والعسكرية لخدمة جماعة الاخوان المسلمين والتي لم تحصد إلا الفشل والفشل الذريع.