وسط استقطاب مذهبي وعسكري.. الحوثي يدفع بالتعليم الى هاوية الجهل والتخلف

السبت 24 ديسمبر 2022 - الساعة 09:28 مساءً
المصدر : الرصيف برس - متابعات

خالد علاية

 

منذ الانقلاب الحوثي، والتعليم في اليمن يشهد تراجعا مستمرا وسط استقطاب سياسي ومذهبي لأطفال وطلاب المدارس بهدف تجنيدهم ورفد جبهات القتال خلال الإجازة الصيفية، لتصبح المدارس تكنات عسكرية ترفد جبهات الحوثي  بالمقاتلين وتحويلهم إلى وقود للحرب. 

 

وضع مأساوي أحدث انتكاسة في التعليم كاحد أهداف الحوثي في نشر الجهل والتخلف بين أوساط المجتمع. وإذا كانت اليمن تحتفي باليوم العالمي للتعليم في يناير القادم، فإنها تحتفي وقد أصيبت العملية التعليمية في مقتل. 

 

يقول مختصون في علم الاجتماع وتربويون للمنتصف إن المدارس في مناطق سيطرة الحوثي انحرفت عن مسارها وأصبحت رسالتها التعليمة نشر الأفكار الطائفية وإحداث غسل دماغ لطلاب المدارس بأفكار هدامة لا تؤسس لمجتمع مسلح بالعلم والمعرفة، حيث فرضوا حصصاً خاصة للاستماع إلى محاضرات زعيم الجماعة الصريع حسين بدر الدين الحوثي وشيقيقه زعيم التمرد و الارهاب عبد الملك، لتعبئة الطلبة فكرياً بمقاطع ومرجعيات حوثية عبر أشرطة وسيديهات، في إطار تسييس و تطييف الحوثي للتعليم وصبغ المناهج والبرامج التعليمية بصبغة عقائدية مذهبية شكلت تهديدًا على براءة الطفولة.

 

ومثلت خطورة كبيرة على التقارب الاجتماعي بين أوساط المجتمع بسبب الأفكار المذهبية المنشورة في مناهج تلك الجماعة، والتي تسعى إلى تمجيد فكر الجماعة والتعبئة للقتال وإلغاء الآخر.

 

واعتبروا التدخل الأحادي بالمناهج الدراسية من قبل جماعة الحوثي في المناطق التي تقع تحت سيطرتها وفرض برامج عقائدية، يساهم في تشبع الطفل بأيديولوجية قتالية متطرفة، ويجعله سهل الانقياد لسطوة المشرفين الحوثيين العقائديين.

 

وتأجيج النعرات الطائفية التي تلقي بظلالها على الحياة الاجتماعية بشكل ملموس في اليمن.

 

يقول المدرس هاني عبده سلام إن مئات الطلاب يعانون من صعوبة في تلقي دروسهم، فبعضهم يتلقى دروسه في العراء لعدم وجود فصول مدرسية تؤويهم، وآخرون يذهبون لمدارس مهدمة أو مهددة بالسقوط، مضيفا: في الماضي نعاني من تسرب الطلاب من المدارس خاصة الفتيات مع تدهور الوضع الاقتصادي وانقطاع المرتبات ومستحقات المعلمين في المدارس وقيامها بفصل المتغيبين واستبدالهم بآخرين.

 

موالين للحوثي كلها مسببات جعلت المعلم شريكا للطالب في عملية التسرب وترك مهنة التعليم واتجهوا للبحث عن مصدر دخل جديد لتلبية متطلبات حياتهم اليومية. 

 

بدورها قالت المعلمة سميرة مرشد إن جرائم المليشيات متواصلة تهدف للقضاء على ما تبقى من التعليم والعملية التعليمية في اليمن لتنفيذ أجندتها المستورة والمتعلقة بتغيير الفكر والهوية اليمنية بفكر طائفي ممنهج.

 

الأستاذ عبد الرحمن راجح قال : "إنهم يريدون تجهيل الجيل من خلال وضع كثير من المعوقات التي تحول بينه وبين مواصلة التعليم، ومثال على ذلك الرسوم التي فرضت على كل طالب، فهم يعلمون أن هذه الرسوم لن يستطيع معظم الآباء دفعها بسبب قطعهم لرواتب  كثير من الطلاب طردوا من مدارسهم، وأصبحنا نراهم في الشارع يتسكعون أو عائدين محملين في تابوت من جبهات القتال ليزيد من المعاناة والقهر اليومي الذي تواجهه الأسر في ظل انقطاع الرواتب، لذا أصبح من الصعب عليهم دفع أي مبالغ مالية، قليلة كانت أو كثيرة. 

 

وأضاف راجح أن هذا الوضع أثر نفسيا على الطلاب، والعديد منهم انقطع عن الدراسة بسبب الذل والمهانة. 

 

وحول ذلك أشارت منظمات مجتمع مدني إلى مداهمة واقتحام مدرسة، وتحويل المدارس إلى ثكنات عسكرية، ونهب المدراس وإغلاقها وتغيير أسماء المدارس بأسماء رموز دينية لجماعة الحوثي، لافتة إلى أن الشعارات السياسية لجماعة الحوثي على المدارس، وتلقين الطلاب أناشيد خاصة بعصابة الحوثي إضافة لإقامة نشاطات ومناسبات دينية ذات توجهات عقائدية خلافية، والتي تساهم في التأثير على الطلاب وجذبهم إلى ساحات القتال.

 

من جانبها، أكدت منظمة "سام" أن انتشار حالة التجنيد بين الطلاب دفع الكثير من الآباء إما إلى منع أبنائهم من الذهاب إلى المدارس أو نقلهم إلى مناطق أكثر أمانًا كالقرى أو المدن التي لا تخضع لسيطرة جماعة الحوثي الأمر الذي اثر عليهم نفسيًا، ودفعهم إلى الانخراط في سوق عمل غير آمن لتوفير احتياجاته المالية أو لإعانة أسرته النازحة.

 

مضيفة أن تغيير المناهج التربوية وإدخال خطاب طائفي إلى المنهج المدرسي، وفرض ترديد شعار الصرخة الحوثية، دفع بالكثير من الآباء إلى العزوف عن إرسال أبنائهم إلى مدارس حيث لم يعد التعليم غرضها الأساسي، وبات احتمال تجنيدهم فيها، وتغيير عقائدهم الدينية هو الإحتمال الأوفر حظًا.

 

كما ساهم النزوح الداخلي والتهجير القسري في ترك الكثير من الطلاب للتعليم بسبب عدم استقرار أوضاعهم ونقص أعداد المدارس في المناطق التي انتقلوا إليها. 

 

من جانبها، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من مواجهة اليمن أزمة تعليمية حادة، تؤدي إلى عواقب وخيمة طويلة الأمد على الأطفال.

 

وأشارت إلى أن عدد الأطفال الذين يواجهون انقطاعا عن التعليم قد يرتفع إلى 6 ملايين طفل.

 

وقالت منظمة اليونسيف إن أكثر من مليوني فتاة وفتى في سن الدراسة في اليمن خارج المدرسة لأن الفقر والصراع وانعدام الفرص يعطّل تعليمهم، وهذا هو ضعف عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في عام 2015 عندما بدأ الصراع.

 

وقال ممثّل اليونيسف في اليمن، فيليب دواميل، إن "عدم الانخراط في المدرسة له عواقب وخيمة على حاضر الأطفال ومستقبلهم ومستقبل اليمن. 

 

من جانبها، اعتبرت منظمة "سياج" لحماية الطفولة الإجراء الذي اتخذه الحوثيون بفرض رسوم دراسية على الطلاب في هذه الظروف، سيؤدي إلى زيادة نسبة الأطفال التاركين للمدارس قسريا، وقدرت فقدان أكثر من ثلاثة ملايين طفل يمني حقهم في التعليم، وأن العدد مرشح للتزايد. وحذرت من خطورة الوضع الكارثي للتعليم في اليمن، الذي قالت إنه ما لم يتم تداركه فإن كلمة "كارثي" ستكون قليلة جدا على الوضع الأمني والتنموي لليمن مستقبلا.

 

وهكذا تسعى المليشيات إلى تدمير التعليم وتجهيل الجيل القادم بانتهاكها لكل قوانين التعليم في العالم، وذلك خدمة لمشروعها الظلامي الذي يعيد اليمن إلى عهود الإمامة في محاربة التعليم، حتى يتسنى لها السيطرة على الشعب اليمن من خلال الجهل ونشر الخرافة في استهداف للنظام الجمهوري وثورة 26 سبتمبر التي كان من أهدافها تسلح اليمن وبناء الإنسان بالعلم والمعرفة؛ وهو ما تسعى عصابة الحوثي إلى تدميره.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس