هيومن رايتس .. السلطات الإيرانية استخدمت القوة المفرطة ضد المحتجين في كردستان

السبت 24 ديسمبر 2022 - الساعة 10:19 مساءً
المصدر : الرصيف برس - وكالات


أكدت "هيومن رايتس ووتش" أن قوات الأمن الإيرانية استخدمت القوة المفرطة و القاتلة غير القانونية ضد المتظاهرين في سنندج، مركز محافظة كردستان، وذلك خلال شهرين من الاحتجاجات.

 

وقالت المنظمة الحقوقية، في تقرير مطول لها اليوم السبت ، إن على بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن إيران، التي أنشئت مؤخرا، التحقيق في هذه الانتهاكات الجسيمة كجزء من تقاريرها الأوسع عن الانتهاكات الحقوقية للحكومة الإيرانية في جميع أنحاء البلاد ضد المتظاهرين الذين كانوا غالبا سلميين.

 

وأضافت أنها قابلت 14 ضحية وشاهدا، بينهم ثلاثة معتقلين سابقين وثلاثة من أقارب محتجزين في سنندج. 

 

كما حلل الباحثون 17 فيديو وصورة نُشرت على "تويتر"، و"تيليغرام"، و"إنستغرام" من سنندج خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، مشيرة إلى أن قوات الأمن، المسلّحة ببنادق نصف أوتوماتيكية وبنادق "كلاشينكوف" الحربية، أطلقت الرصاص الحي، والخرطوش، والغاز المسيل للدموع باتجاه المتظاهرين 

 

استخدام القوة المفرطة والقاتلة غير القانونية

 

استخدمت قوات الأمن الإيرانية القوة المفرطة والقاتلة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة وآخرين في سنندج طوال سبتمبر/أيلول، وأكتوبر/تشرين الأول، ونوفمبر/تشرين الثاني في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان. 

 

وقعت أعمال قمع عنيفة بشكل خاص في 8 أكتوبر/تشرين الأول و17 نوفمبر/تشرين الثاني. قوات الأمن، المسلّحة ببنادق نصف أوتوماتيكية وبنادق "كلاشينكوف" الحربية، أطلقت الرصاص الحي، والخرطوش، والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين وفي اتجاههم. 

 

كما أطلقت الغاز المسيل للدموع على المنازل ودمرت الممتلكات الخاصة. أطلق عنصر بملابس مدنية النار من بندقية حربية على الشقق السكنية.

 

وجدت هيومن رايتس ووتش أن الاحتجاجات كانت سلمية عموما، لكن بعض المتظاهرين ألقوا الحجارة وأشياء أخرى على قوات الأمن. يمكن لقوات الأمن اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد متظاهرين محددين يرتكبون أعمال عنف، لكن ذلك لا يبرر استخدام قوات الأمن للقوة المفرطة.

 

قتلت قوات الأمن ستة أشخاص على الأقل في 8 أكتوبر/تشرين الأول و17 نوفمبر/تشرين الثاني. أفادت "شبكة كردستان لحقوق الإنسان" أن قوات الأمن ضربت أيضا مؤمن زندكريمي، البالغ من العمر 17 أو 18 عاما، وقتلته بالرصاص في 2 نوفمبر/تشرين الثاني. في فيديو نُشر في وسائل التواصل الاجتماعي في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، قال رجل عرّف عن نفسه على أنه والد زندكريمي إن ابنه أصيب بعيارات خرطوش سببت له نزيفا داخلي.

 

وراجعت هيومن رايتس ووتش فيديو نُشر في وسائل التواصل الاجتماعي يزعم أنه يُظهر جثة زندكريمي وهي تُغسل لدفنها. قال طبيب استشارته هيومن رايتس ووتش إن الجروح في الظهر تبدو ناتجة عن عيارات حبيبات معدنية، بالإضافة إلى وجود جرح دائري أكبر. لم يتمكن الباحثون من التحقق من سبب الوفاة.

 

وتحدثت هيومن رايتس ووتش إلى خمسة شهود على أحداث 8 أكتوبر/تشرين الأول. تجمع المتظاهرون بأعداد صغيرة قرب ساحة آزادي وسط سنندج، وفي أحياء فيض آباد، وقطارتشيان، وشريف آباد. 

 

وقال شهود إن الشرطة ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع والخردق على المتظاهرين وضربتهم بالهراوات، وقال شاهد إنه رأى رجلا يطلق النار على بيمان منبري (24 عاما) في ظهره في حي قطارتشيان. قال إنه ومنبري كانا ضمن مجموعة من نحو 50 متظاهرا. 

 

وقال الشاهد: "رأيت أنه ألقى حجرا باتجاه الحرس الثوري وعناصر [في ثياب مدنية]. ثم سمعته يتنهد ويسقط أمامي".

 

 شاهد اخر قال إن متظاهرين آخرين تعرفوا على الرجل الذي أطلق النار على منبري على أنه عضو محلي في قوات "البسيج" شبه العسكرية، يعرفه بالاسم ومتهم بمساعدة "الحرس الثوري الإيراني" في التعرف على المتظاهرين.

 

وأفادت "وكالة أنباء كردستان" (كردبا)، أنه في 8 أكتوبر/تشرين الأول قرابة الظهيرة، أصيب يحيى رحيمي برصاصة في سيارته الخضراء في شارع باسداران بعد أن قيل إنه أطلق بوق سيارته دعما للمتظاهرين. راجعت هيومن رايتس ووتش وتحققت من أربعة فيديوهات متعلقة بالهجوم نُشرت في وسائل التواصل الاجتماعي في 8 و9 أكتوبر/تشرين الأول. 

 

وفي أحد الفيديوهات، يهاجم ملثمون سيارة خضراء ويحطمون زجاجها الأمامي. في الفيديو الثاني، يركض رجال مسلحون ببنادق وراء نفس السيارة. في الفيديو الثالث، يمكن رؤية السائق ينزف بشدة من خلف عجلة القيادة محاطا بزجاج مكسور.

 

قال رجل عمره 32 عاما كان في مكان الحادث بعد وقت قصير من القتل إنه رأى رجلا، وصفه بأنه عنصر في ثياب مدنية، يهرب من مكان الحادث. قال الرجل: "اقتربت ورأيت أن السائق مقتول، رأيت أن الزجاج الأمامي مكسور"، وأضاف أنه بدا وكأن رصاصة مرت عبر الزجاج الأمامي.

 

وأما في الفيديو الرابع، الذي التُقط من جانب آخر للسيارة، يظهر الرجل لا يستجيب ولديه جرح كبير خلف أذنه اليمنى. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق بشكل مستقل من أن الرجل هو يحيى رحيمي، رغم أن والده قال للصحفيين إن "عملاء الجمهورية الإسلامية" هاجموا سيارة ابنه وقتلوه. ذكر منشور في وسائل التواصل الاجتماعي أن جنازة رحيمي أقيمت في 9 و10 أكتوبر/تشرين الأول.

 

قال الشاهد إنه هو أيضا تعرض للهجوم لاحقا عصر ذلك اليوم. قدم صورا لظهره تُظهر إصاباته، التي قال إنها ناجمة عن إطلاق الشرطة عيارات الخرطوش عليه بعد أن ردد هو ومتظاهرين آخرين شعارات سلمية. قدّر أنه رأى الشرطة تطلق النار على أكثر من 10 أشخاص آخرين في ذلك اليوم، بما فيه على الوجوه.

 

قال أربعة شهود إن قوات الأمن التي كانت تحمل بنادق حربية وبنادق خرطوش أطلقت الغاز المسيل للدموع على المارة في مختلف الأحياء. قالت امرأة عمرها 30 عاما إنها شاهدت الشرطة تهاجم السيارات وتكسر الزجاج الأمامي بالهراوات في حي شريف آباد، قرب شارع باسداران.

 

في 17 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد 40 يوما من مقتل المتظاهرين الأربعة في 8 أكتوبر/تشرين الأول، وهو اليوم الذي يجتمع فيه الناس عادة حدادا على الموتى، تجمع الآلاف في مقبرة بهشت محمدي.

 

 وقال شهود عيان إن وحدات خاصة من الشرطة وعناصر الحرس الثوري هاجموا المعزين وأطلقوا النار عليهم، فقتلوا شخصين على الأقل. تعرّف الشهود على القوات بزيها الرسمي.

 

وأفاد رجل البالغ من العمر 32 عاما الذي شارك في احتجاجات 8 أكتوبر/تشرين الأول إنه رأى أيضا قوات الأمن تطلق الغاز المسيل للدموع وتستخدم البنادق ضد المعزين الذين كانوا يرددون شعارات على بعد 100 إلى 200 متر من جسر قشلاق، الذي يربط المقبرة بالمدينة. قال إن قلة من الناس ألقوا الزجاجات الحارقة والحجارة على الشرطة، لكن معظمهم كانوا سلميين.

 

قال الرجل إن القوات الأمنية أطلقت النار وأصابت عددا من المعزين بينهم فتى ورجلان، أحدهما في البطن والآخر في ذراعه. قال إن قوات الأمن نقلت جثتي رجلين آخرين أفادت "شبكة كردستان لحقوق الإنسان" أنهما آرام حبيبي وشاهو بهمني من "مستشفى الكوثر"، رغم معارضة عائلتيهما.

 

تحظر "مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية" استخدام القوة المفرطة في جميع الأوقات واستخدام القوة القاتلة إلا في حالات التهديد الوشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة. تقول الأمم المتحدة في "توجيهات بشأن استخدام الأسلحة الأقلّ فتكاً في سياق إنفاذ القانون" لعام 2020 إن "القذائف المتعددة التي تُطلق في الوقت نفسه غير دقيقة، ولا يجوز استخدامها عموما وفقا لمبدأي التناسب والضرورة، فالحبيبات المعدنية، مثل تلك التي تُطلق من البنادق، لا ينبغي استخدامها مطلقا". 

 

وتنص المعايير الدولية بشأن استخدام مقذوفات الغاز المسيل للدموع على أنه يجب استخدام الغاز المسيل للدموع فقط لتفريق التجمعات غير القانونية عند الضرورة والتناسب ويجب إطلاقها بزاوية عالية.

 

قالت هيومن رايتس ووتش إن على قوات الأمن الإيرانية التوقف فورا عن استخدام بنادق الخرطوش، وغيرها من الأسلحة العشوائية.

 

الانتهاكات ضد المعتقلين

 

وثّقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات جسيمة بحق المحتجزين، بمن فيهم النساء والأطفال. شملت الانتهاكات الاعتقالات التعسفية، والحرمان من الرعاية الطبية، والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، بما فيها التهديدات، والضرب، والتحرش والاعتداء الجنسيَّين. تقاعست السلطات بشكل مستمر عن تزويد العائلات بمعلومات عن ظروف الأشخاص المحتجزين لديها وأماكنهم.

 

قالت امرأتان اعتُقلتا سوية خلال الأسبوع الأول من الاحتجاجات في سبتمبر/أيلول إن قوات الأمن ضربتهما واعتدت عليهما جنسيا، وهددتهما بالاغتصاب أثناء الاعتقال وأثناء احتجازهما في مركز الشرطة. 

 

وقال أحد أفراد عائلة فتاة عمرها 17 عاما اعتُقلت في أكتوبر/تشرين الأول إن الشرطة هددتها بالاعتداء الجنسي، وتحرشت بها جنسيا في مركز الشرطة.

 

 قالت إحدى النساء إن أثناء اعتقالها في سبتمبر/أيلول، ضربها عنصر أمن على رقبتها، وطرحها أرضا، وجرها من شعرها، ثم ضربها ستة أو سبعة عناصر. ثم ركلها أحدهم وضربها بهراوة بينما كان يجبرها على ركوب السيارة. قالت إنها عانت من نزيف داخلي وكسور.

 

قالت المرأتان إنهما بعد احتجازهما في مركز الشرطة، نُقلتا مع محتجزات أخريات إلى إصلاحية سنندج للأحداث. هناك، قلن إنهن أجبرن على التناوب على النوم على الأرض بسبب عدم وجود مساحة كافية ونقص الأغطية. قالت المرأتان إن الشرطة لم تبلغ عائلتيهما باعتقالهما ولم تعترف أنها كانت تحتجزهما عندما جاءت عائلاتاهما للبحث عنهما.

 

وصف عدد من الأشخاص اعتقال السلطات الأطفال بعنف وضربهم أثناء الاحتجاز. قال رجل عمره 43 عاما إنه رأى عناصر بملابس مدنية ينصبون كمينا لمراهق في مجمع مهر السكني في 9 أكتوبر/تشرين الأول وضربوه أثناء اعتقاله.

 

 في حالة أخرى، قالت امرأة إنها شاهدت قوات الأمن تضرب صبيا في بلدة بهاران ثم تعتقله. قال قريب صبي عمره 13 عاما إن عناصر في ثياب مدنية اعتقلوه أثناء ذهابه إلى السوق، وعندما عثرت العائلة عليه في النهاية وأُطلق سراحه بكفالة، كان مصابا بجروح خطيرة، منها ضلع مكسور.

 

قالت سبهري فار: "صعّدت السلطات الإيرانية بشكل كبير انتهاكاتها ضد المتظاهرين المحتجزين. على الحكومات التي تسعى إلى محاسبة إيران على الانتهاكات الحقوقية أن تولي اهتماما خاصا للانتهاكات الجسيمة ضد المعتقلين".

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس