بشكل لافت ، صعدت الشرعية عبر بنكها المركزي في عدن خلال الأسابيع الماضية من إجراءاتها لمواجهة جماعة الحوثي الإرهابية في الملف الاقتصادي ومحاولة انهاء عبثها المستمر منذ سنوات بهذا الملف الهام.

أحدث إجراءات البنك  المركزي عدن، صدرت اليوم الثلاثاء بإمهال البنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر 60 يوما لنقل مقراتها الرئيسية من مدينة صنعاء الى العاصمة المؤقتة عدن ، متوعداً باتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.

وتعد هذه الخطوة من قبل البنك المركزي بعدن تنفيذاً لما توعد به سابقاً ضد خطوة جماعة الحوثي وبنكها المركزي في صنعاء بطباعة العملة المحلية ، حيث أقدمت السبت الماضي بسك عملة معدنية من فئة 100 ريال ، وهددت لاحقاً بطباعة عملة ورقية عقب عيد الفطر.

التصعيد الذي يمارسه البنك المركزي بعدن يأتي بعد نجاحه في فرض قرارته السابقة على بنك الحوثي في صنعاء والذي تراجع عن قراره بتوجيه البنوك العاملة في مناطقه والمناطق المحررة بعدم التعامل مع شبكة الأموال الموحدة التي اطلقها البنك المركزي بعدن.

نجاح البنك المركزي بعدن في فرض قرارته جاء في اتفاق غير معلن وغير مباشر مع بنك الحوثي نتج عن تحرك قامت به البنوك التجارية ، في خطوة غير مسبوقة وللمرة الأولى منذ سنوات تعكس حجم مخاوفها من خطورة التمرد على قرارات البنك "الشرعي" في عدن ، في ظل التطورات السياسية والدولية الأخيرة.

وهو ما يمكن قراءته بوضوح في قرار البنك المركزي بعدن بإشارته للعقوبات التي ينوي اتخاذها ضد من يتخلف من البنوك التجارية بنقل مقراتها من صنعاء الى عدن ، حيث أشار الى "أن من يتخلف سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه طبقاً لأحكام قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب النافذة ولائحته التنفيذية".

إشارة البنك الى قوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ، يعكس خلفية هامة للتصعيد الذي تمارسه الشرعية اقتصادياً ضد جماعة الحوثي بعد 8 سنوات من صمتها على إجراءاتها الانفرادية والعبثية في قطاع المالي والمصرفي منذ قرار الشرعية نقل مقر البنك المركزي من صنعاء الى عدن عام 2016م.

حيث تشير حديث البنك في عدن الى قوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب الى القوة التي باتت تتمتع بها الشرعية وبنكها المركزي عقب الانقلاب الكامل بموقف دول الغرب وعلى رأسها أمريكا من ملف اليمن جراء الهجمات التي تشنها مليشيات الحوثي ضد الملاحة الدولية منذ نوفمبر من العام الماضي بذريعة مناصرة الشعب الفلسطيني ضد حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.

هجمات اعادت تشكيل موقف الغرب من جماعة الحوثي بعد سنوات من التواطؤ لصالحها بممارسة الضغوط على الشرعية والتحالف لمنع هزيمة الجماعة عسكرياً ، لتصحو اليوم على مشهد الجماعة وهي تهدد ملاحة العالم وتستهدف السفن التجارية المارة من البحر الأحمر ، بل وتهدد بملاحقتها الى المحيط الهندي.

ومثل قرار الإدارة الامريكية بإعادة ادراج جماعة الحوثي ضمن قوائم الإرهاب وضرب مواقعها في اليمن بالتعاون مع بريطانيا ، اكبر دليل على تغيير موقف الغرب من الجماعة وهو ما يبدو أن الشرعية تحاول استغلاله اليوم ، بعد توقف عملية السلام وبات الغرب وتحديداً أمريكا تربط عملية استئنافها بوقف تصعيد الحوثي بالبحر.

وتدرك الشرعية بان انقلاب الموقف الغربي من الجماعة الحوثية يعني سقوط الخطوط الحمراء التي وضعها الغرب خلال سنوات الحرب ضد أي تحرك لمواجهة الجماعة يؤدي الى هزيمتها وخاصة في الملف الاقتصادي ، ما يمنحها اليوم مساحة تحرك كبيرة لمواجهة الحوثي بهذا الملف عبر البنك المركزي بعدن.