المستور في القضاء العسكري : تزوير.. تدليس .. تعيينات مخالفة للقانون والحاضري ابرز المتهمين - وثائق

الجمعه 03 يناير 2020 - الساعة 05:36 مساءً
المصدر : متابعات


كشف تحقيق أعده المعهد اليمني لحرية الإعلام “IMF”،التابع لفري ميديا للصحافة الاستقصائية؛ عن فضائح مدوية في تعيينات تمت في السلك القضائي العسكري.

 

وقالت التحقيق بأن القرارات الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى في 2018؛ بتعيين 44 شخصا لا تنطبق على معظمهم شروط التعيين في القضاء العسكري.

 

مشيرا بأن هذه القرارات مثّلت على الواقع اجراءات عزل أو توقيف أو اجتثاث، لجميع الكادر القضائي في النيابات والمحاكم العسكرية؛ في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، المعينيّن وفقا للقانون، قبل العام 2014؛ دون إحالة اي من القضاة السابقين للمحاسبة أو صدور أحكام قضائية بعزلهم بحسب نصوص قانون السلطة القضائية.

 

 

واتضح من خلال فحص الوثائق، وعملية التقصي، أن 44 شخصاً؛ معظمهم من خارج القضاء، لا تنطبق عليهم شروط التعيين المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية، وقانون الاجراءات العسكرية اليمني؛ تم فرضهم رؤساء ووكلاء وأعضاء نيابات عسكرية في السبع المناطق العسكرية، فيما تم تعيين 9 أشخاص في المحاكم العسكرية؛ واحد منهم فقط، تنطبق عليه شروط التعيين.

 

وفقا للوثائق والمستندات التي حصل عليها لـ “IMF”، أن 12 شخصاً على الأقل؛ بياناتهم مزورة؛ كان القاضي العميد القاضي عبدالله الحاضري قد تقدم بها إلى مجلس القضاء الأعلى، على أنهم ضباط يحملون رتبا عسكرية مختلفة في صفوف الجيش اليمني، وتتوفر فيهم جميع الشروط القانونية، فيما تثبت الوثائق أنهم من المدنيين، وتم منحهم أرقاما ورتبا عسكرية مختلفة بتاريخ 2فبراير/شباط2019؛ أي بعد موافقة مجلس القضاء على تعيينهم، وصدور قرار التعيين من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في 26أبريل/نيسان 2018، وهذا يخالف شروط التعيين في القضاء العسكري المنصوص عليه في القانون الإجراءات العسكرية اليمني في المواد القانونية، من 22الى25.

 

في الوقت الذي تم فيه رفض عدد من المرشحين من العاملين في القضاء العسكري، وتنطبق عليهم شروط التعيين القانونية، كان قد رشحهم رئيس نيابة استئناف المنطقة العسكرية الرابعة، القاضي فضل الجوباني، في 18 أكتوبر/تشرين الأول2017.

 

اتضح أن الجهات المختصة التي من المفترض أنها قد فحصت كافة الوثائق والمؤهلات الدراسية الخاصة بالأشخاص المعينيّن قبل إصدارها قرارات التعيين، لم تطّلع على ملفاتهم وبياناتهم؛ تؤكد ذلك، الوثيقة الصادرة في 23ديسمبر/كانون الأول2019، عن دائرة القضاء العسكري، التي طلبت من الأشخاص المعينيّن، بحسب توجيهات النائب العام، تسليم أصول وثائقهم، مرفقا بها البطاقة العسكرية والهوية الوطنية، والسيرة الذاتية، التي تتضمن: ” البيانات الشخصية، والمؤهلات الدراسية، والمهام المسندة لكل شخص، منذ فترة تخرجه وحتى تاريخ تعيينه في القضاء العسكري، ووثائق التأهيل عقب التخرج”، وذلك خلال فترة أقصاها 2يناير/كانون الثاني 2020.

 

وجاءت توجيهات النائب العام اليمني، الدكتور علي الأعوش، بعد أقل من شهر، من تسليم فريق التحقيق الصحفي إلى مدير مكتبه، في21 نوفمبر/تشرين الثاني 2019؛ مذكرة رسمية توضح نتائج التحقيق الاستقصائي، مرفقا بها حزمة من الوثائق والمستندات، التي تؤكد أن التعيينات في القضاء العسكري مخالفة للقانون.

 

ويوضح هذا التحقيق الذي استمر لمدة عام كامل؛ استغلال مسؤولين في سلطة الرئاسة؛ وفي وزارة الدفاع، وقيادات عليا في الجيش اليمني؛ الوضع المضطرب في البلاد، لإصدار قرارات تعيين في القضاء العسكري مخالفة للقانون، وإهانة للقيم الأساسية للدستور، وتدخلاً في شؤون السلطة القضائية.

 

ويكشف تورط نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، ووزير الدفاع اليمني اللواء محمد المقدشي، القاضي العميد عبدالله الحاضري، وقائد محور تعز السابق، والذي تم اعادته إلى قيادة المحور مجددا، العميد خالد فاضل، وعدد من الجهات والمسؤولين الحكوميين، بانتهاكات مبدأ؛ استقلالية وعدالة القضاء، والتأثير على قرارات التعيين في جميع مناصب النيابات العسكرية.

 

وتسبب ذلك في تعطيل دور القضاء العسكري المختص قانونا في النظر بجرائم الحرب المرتكبة من أطراف النزاع، واختلال مبدأ الاستقلالية والنزاهة والكفاءة، ما أفقد القضاء العسكري دوره في تحقيق العدالة.

اغتصاب وظيفة القضاء: فرض مدرس في منصب وكيل نيابة

 

عزل؛ إيقاف؛ اجتثاث؛ كل هذه المفردات؛ تنطبق على مصير كادر القضاء العسكري المعيّن قبل اندلاع الحرب في اليمن، فبين عشية وضحاها؛ وجد كافة اعضاء القضاء العسكري، أن أشخاصا جدداً قد تم فرضهم بدلا عنهم، في مناصب النيابات والمحاكم العسكرية، ضمن خطة يبدو من ظاهرها؛ أنها مدروسة؛ استهدفت القاضي الخطأ، العقيد عبد العزيز العباسي الذي يشغل منصب وكيل النيابة العسكرية في محافظة تعز جنوبي البلاد منذ العام 2012؛ إذ كانت واقعة الاعتداء على هذا القاضي خيط البداية لتتبع سياقات الفساد في تعيينات القضاء العسكري في اليمن.

 

وتعرض القاضي العباسي، في الثالث من يناير/كانون الثاني 2017؛ للاعتداء والطرد، ومُنع بالقوة من ممارسة عمله وتم استبداله بشخص مدني يعمل مدرساً في التربية والتعليم في مديرية موزع جنوبي محافظة تعز، يدعى محمد حسان عبدالله علي مصطفى.

 

وذلك في الوقت الذي كان فيه العباسي يجري ترتيبات للبدء في التوثيق والتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة من أطراف النزاع؛ وفقا للقانون.

 

وفي العام 2015؛ سيطرت قوات جماعة أنصارالله (الحوثيون) على مبنى النيابة العسكرية الكائن في مقر قيادة محور تعز العسكري شرقي المدينة، وتعرض مبنى المحور للقصف من قبل مقاتلات التحالف العربي؛ الأمر الذي تسبب في توقف عمل النيابة العسكرية مؤقتا.

 

توجه وكيل النيابة لمتابعة الجهات المعنية للبحث عن مقر أخر للنيابة لكنه لم يتلق أي تجاوب من الجهات المعنية.

 

وعند تعيين العميد خالد فاضل، قائدا لمحور تعز العسكري، نهاية العام 2016؛ طلب وكيل النيابة العسكرية من فاضل؛ في 5 ديسمبر/كانون الأول 2016؛ تمكينه وطاقم النيابة من استئناف العمل وممارسة دورهم القانوني؛ لكنه رفض ذلك، وفقا للوثائق وإفادة شهود عيان، وفي ذات الوقت كان قائد المحور يتابع رئيس هيئة الأركان، القائم بأعمال وزارة الدفاع الفريق محمد علي المقدشي، لإصدار تكليف للمدرس محمد حسان للعمل في منصب رئيس النيابة العسكرية في تعز.

 

وقال القاضي العباسي: عندما ذهبت إلى مقر قيادة محور تعز المؤقت وسط المدينة لممارسة عملي في النيابة؛ أمر قائد محور تعز الجنود المرافقين له بإخراجي وعدم السماح بدخولي مرة أخرى.

 

كان المتورطان، هما اللواء محمد علي المقدشي، وزير الدفاع في الحكومة اليمنية، والعميد خالد فاضل، قائد محور تعز العسكري، حيث أصدر الأول في 8نوفمبر/تشرين الثاني 2016؛ قرارا بتكليف المدرس حسان للعمل رئيسا للنيابة العسكرية في تعز، دون أن يمتلك سلطة للتعيين، والثاني منع بالقوة وكيل النيابة المعيّن من السلطة القضائية من ممارسة عمله.

 

وما حدث كان بوجود عدد من المسؤولين، منهم اللواء عبدالكريم الصبري، الذي سيتم تعيينه فيما بعد وكيلا للمحافظ تعز، لشؤون الدفاع والأمن، وكذلك اللواء عبدالعزيز المحيا، رئيس لجنة صرف مرتبات محور تعز حينها؛ نائب قائد القوات الجوية حاليا، وآخرين.

 

حاول هؤلاء المسؤولون، إفهام قائد المحور، بأن منْع وكيل النيابة من ممارسة مهامه عملا مخالفا للقانون، غير أنه أشترط موافقة وكيل النيابة العباسي على تعيين المدرس محمد حسان نائبا له مقابل سماحه للعباسي بمزاولة عمله.

 

“رفضت هذا الشرط لأن فرْض مدرس لم يتم تعيينه من قبل المختصين في السلطة القضائية في منصب لا يوجد في هيكل النيابات، مخالفا للقانون”. يقول القاضي العباسي.

 

وقال اللواء عبد العزيز المحيا، لـ “IMF”، إن قائد محور تعز، منع بالقوة وكيل النيابة العباسي من ممارسة عمله، مشيرا إلى أن العباسي معيّن في منصب وكيل النيابة العسكرية في محور تعز، بقرار من الرئيس عبدربه منصور هادي.

 

توجه القاضي العباسي، إلى المحكمة الإدارية، في العاصمة المؤقتة عدن جنوبي البلاد؛ وتقدم بدعوى قضائية طلب فيها إلغاء القرارات الإدارية المتمثلة بالتكليف الصادر عن رئيس هيئة الأركان العامة اللواء المقدشي، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2016؛ للمدرس محمد حسان، في منصب رئيس للنيابة العسكرية في محور تعز، وكذلك إلغاء القرار الإداري رقم (22) الصادر من مجلس القضاء الأعلى، في10 يوليو/حزيران 2018؛ بتعيين 44 شخصاً في النيابات العسكرية، بالمخالفة لقانون السلطة القضائية، وقانون الإجراءات الجزائية العسكرية؛ ومازالت هذه الدعوى أمام المحكمة. حسب القاضي العباسي.

 

13 جهة حكومية علمت بما حدث

 

وحصل فريق التحقيق على أكثر من 49 مذكرة؛ تضمنت تفاصيل حادثة الاعتداء والمخالفات القانونية في قرارات التعيين، كان قد بعثها القاضي العباسي خلال ثلاث سنوات منذ العام 2017، لأكثر من 13 مسؤولاً وجهة في الحكومة اليمنية، في مقدمتهم مجلس القضاء الأعلى، وهيئة الأركان ، والنيابة العامة في تعز، ورئيس مجلس النواب، سلطان سعيد البركان ونائبه عبدالعزيز جباري، وكافة المسؤولين الذين تولوا منصب رئاسة السلطة المحلية في تعز؛ تجاهلت جميع هذه الجهات والأشخاص المذكرات، باستثناء محافظ تعز السابق أمين محمود.

 

لم يتخذ مجلس القضاء الأعلى أي اجراء، رغم أن القاضي العباسي وكيل النيابة العسكرية في تعز، كان قد بعث في 9 يوليو/حزيران 2018، مذكرة إلى رئيس المجلس، القاضي علي ناصر سالم، مذكرة طلب فيها اتخاذ الاجراءات القانونية، والتوجيه بتحريك الدعوى الجزائية تجاه منتهكي استقلال القضاء، والاعتداء على أعضائه المعينيّن، والغاء المخالفات في قرارات التعيين لعدد 44 شخصاً تم توزيعهم على جميع المناصب في النيابات .العسكرية

 

وفريق “IMF” أيضا، بعث مذكرة، إلى مكتب رئيس مجلس القضاء الدكتور علي ناصر سالم، والأخير، طلب الجلوس لمناقشة الموضوع، فتوجه الفريق من مدينة تعز إلى العاصمة عدن وزار القاضي في مكتبه بناء على طلبه، غير أن القاضي وما أن بدأ اعضاء الفريق الصحفي بطرح الموضوع انهاء اللقاء على الفور مهددا بإحالة الفريق للمحاكمة، في حال نشر التحقيق الصحفي، على اعتبار أن ذلك تدخل في شؤون القضاء، حسب تعبيره.

 

وكان النائب العام اليمني، الدكتورعلى الأعوش؛ أبرز المسؤولين تفاعلاً مع مذكرة بعثها له القاضي العباسي، إذ وجّه في 18 مايو/أيار 2017؛ مذكرة قانونية؛ إلى اللواء المقدشي، رئيس هيئة الأركان العامة في ذلك الحين، أوضح فيها: أن قيام العميد خالد قاسم فاضل قائد محور تعز بمحاولة فرض شخص مدني يعمل مدرساً بالعمل كعضو في النيابة العسكري؛ يشكل انتهاكا صريحا لنصوص الدستور واستقلال السلطة القضائية، ويخالف الشروط القانونية بشأن تعيين أعضاء النيابة العسكرية، ووجه باتخاذ الاجراءات اللازمة تجاه قائد محور تعز وفقا للقانون.

 

تم السير في الإجراءات القانونية: وفي 16نوفمبر/تشرين الثاني2019، بعث فريق التحقيق الصحفي إلى مكتب النائب العام مذكرة مرفقة وسلم إلى مدير مكتب النائب العام القاضي عيسى الثريب كافة الوثائق التي تبيّن المخالفات في التعيينات في القضاء العسكري، وعند استعراضه للملف قال: ما حدث كان يجب ألا يحدث.

وفي 18ديسمبر/كانون الأول 2019، أكد، في رده على رسالة عبر الواتساب، لفريق التحقيق؛ أنه تم السير في الاجراءات القانونية في الموضوع.

 

بدوره بعث رئيس نيابة الاستئناف في المنطقة العسكرية الرابعة؛ القاضي فضل الجوباني، مذكرة إلى اللواء فضل حسن؛ قائد المنطقة في 19 يوليو/حزيران2017 أخبره عن قيام قائد المحور في تعز بمنع وكيل النيابة العسكرية؛ في تعز القاضي العباسي من ممارسة مهامه وقام بتنصيب أشخاص مدنيين واستعمال اختام تحمل مسمى النيابة العسكرية بالمخالفة للقانون. ما جعل اللواء فضل حسن يوجه أمرا إلى قائد محور تعز العميد خالد فاضل بتمكين وكيل النيابة العسكرية القاضي العباسي، وكادر النيابة بممارسة عملهم، لكن قائد المحور لم يفعل.

 

تجاهل قائد محور تعز، كافة التوجيهات القضائية، إلا أنه، في 31 يوليو/تموز 2018، رد على محافظ تعز السابق أمين محمود، الذي طلب منه، توضيح أسباب عدم تمكين وكيل النيابة من ممارسة مهامه، منذ بداية العام 2017؛ بموجب قوانين القضاء. وهي المرّة الوحيدة التي رد فيها على مسؤول حكومي، يخاطبه عن قضية النيابة العسكرية في تعز.

 

وقال قائد المحور في مذكرة رده على المحافظ: إن ما قام به يأتي “استنادا إلى قرار رئيس الجمهورية رقم (81) لسنة 2018، وتعليمات مستشار القائد الأعلى للقوات المسلحة القائم بأعمال وزير الدفاع (اللواء محمد المقدشي)، بتاريخ 17يونيو/حزيران 2018؛ المتضمنة القرار الجمهوري بالتعيين في النيابات العسكرية وسبقها تكاليف وترشيحات من وزارة الدفاع والمناطق العسكرية للظروف الاستثنائية تم الموافقة عليهم من قبل مجلس القضاء بعد المناقشة بتفعيل دور القضاء العسكري.

 

وقال القاضي العباسي: “إن ما جاء في هذا الرد، هو بمثابة إقرار صريح بقيام قائد المحور، بمنعنا من ممارسة مهامنا المكلفين بها قانونا”.

 

وأضاف: إن ما ذكره قائد المحور من اسانيد وتكاليف وقرارات وتعليمات؛ هو دليل قانوني يثبت انتهاك اللواء المقدشي والعميد فاضل، للدستور والقانون، بشأن استقلال القضاء، وذلك بفرضهما؛ مدرسا مدني لا تتوافر فيه أي من شروط التعيين في وظيفة القضاء؛ والتعيينات القضائية العسكرية والمدنية؛ اختصاص حصري لمجلس القضاء الأعلى.

 

وشرع محمد حسان، وصلاح القميري، في ممارسة مهام القضاء؛ الأول بصفة وكيل النيابة العسكرية محور تعز، والثاني بصفة القائم بأعمال رئيس نيابة المنطقة الرابعة، واصطنعا لهما ختمين رسميين مزورين بهذه الصفات القضائية (وفقا للوثائق)، على الرغم من وجود رئيس نيابة المنطقة العسكرية الرابعة القاضي فضل الجوباني ووكيل نيابة المحور القاضي العباسي على رأس عملهما بموجب قرار مجلس القضاء.

 

وتسبب منع وكيل النيابة العسكرية القاضي العباسي، وفرض مدرس في منصبه بدلا عنه، بتعطيل دور النيابة من القيام بدورها لجهة التوثيق والتحقيق في سلسلة من الجرائم التي شهدتها محافظة تعز؛ ومنها جرائم الحرب المتمثلة بجرائم القتل خارج القانون، والانتهاكات بحق الأسرى والمخفيين قسرا، والتصفية الجسدية، وجرائم السلب والنهب بقوة السلاح؛ للممتلكات الخاصة والعامة واستهداف المدنيين داخل الإحياء السكنية، وتعريض حياتهم للخطر من قبل أطراف النزاع، وغير ذلك من الجرائم العسكرية وجرائم القانون العام الداخلة في اختصاص النيابة العسكرية.

 

في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2017؛ عقد مجلس القضاء الأعلى، في محافظة عدن جنوبي البلاد؛ اجتماعا لمناقشة مشروع الحركة القضائية للمحاكم والنيابات العسكرية، وقرر تأجيل المناقشة إلى جلسة قادمة، ولم يصدر أي قرار.

 

ولفرض أمر واقع التقى في اليوم التالي من اجتماع المجلس؛ نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر والعميد القاضي عبدالله الحاضري، مع من أسماهم خبر بثته قناة اليمن الفضائية الرسمية؛ اعضاء النيابات العسكرية لعدد من المناطق العسكرية رغم عدم صدور أي قرار بتعيينهم.

 

كان هذا اللقاء الذي بُثت تفاصيله في خبر رسمي؛ بمثابة رسالة موجهة إلى مجلس القضاء الأعلى؛ بأن التعيين الذي تم تأجيله من قبل المجلس في اجتماعه في مدينة عدن، قد صار نافذا بتدخل نائب الرئيس اليمني.

 

وأفاد خمسة من اعضاء السلطة القضائية، لـ “IMF”، أنهم من خلال متابعتهم للانتهاكات، التي طالت القضاء اليمني، علموا من مختصين في مجلس القضاء الأعلى، بأن نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، وجه رئيس مجلس القضاء الأعلى بتعيين 44 شخصا في النيابات العسكرية بدرجات قضائية عالية.

 

وبعد اللقاء الذي جمع الفريق محسن، والعميد الحاضري، الذي تم تعيينه في منصب محامي عام النيابات العسكرية بقرار لم يصدر رسميا حتى اليوم، مع من أسماهم اعضاء النيابات العسكرية، قدّم الحاضري إلى مجلس القضاء الأعلى، مستندات رسمية تحتوي على بيانات 44 شخصا؛ بغرض الموافقة على تعيينهم، وانصاع له مجلس القضاء الأعلى وأصدر قرارا بالموافقة على تعيينهم؛ بالمخالفة لنصوص القانون والدستوروانتهاكا لاستقلال القضاء الذي يصنفه القانون اليمني (جريمة لا تسقط بالتقادم).

 

وبمراجعة الوثائق والمستندات التي حصل عليها فريق التحقيق أظهرت أن 29 شخصاً من اجمالي الأشخاص الذين تم تعيينهم؛ هم مدنيون أو مجندون، و12منهم بياناتهم مزورة، وجميعهم لا تنطبق عليهم شروط التعيين المنصوص عليها في القانون.

 

تزوير تدليس

 

في 2 فبراير/شباط 2019؛ صدر عن دائرة شؤون الضباط في وزارة الدفاع، مستند حمل عنوان “التعيين والترقية”؛ أكد هذا المستند، أن 12 شخصا من الذين تم تعيينهم في مناصب في القضاء العسكري، تم منحهم بعد التعيين، رتبا عسكرية، أحدهم برتبة عقيد وتسعة برتبة رائد والبقية برتبة ملازم، وكذلك منحهم أرقاما عسكرية متسلسلة من الرقم 87718 إلى الرقم 87729؛ في حين كان العميد الحاضري قد قدّم بياناتهم في محررات رسمية أمام مجلس القضاء الأعلى بزعم أنهم، ضباط برتب مختلفة؛ ما يعني أن بياناتهم مزورة، ويتضح ذلك من خلال المستند الذي حمل عنوان “تعليمات محامي عام النيابات العسكرية” الصادر في 10 فبراير2018؛ ووضع عليه “سري جداً”، والذي تضمن بيانات 44 شخصا، على أنهم ضباط برتب عسكرية مختلفة وتوافرت فيهم الشروط القانونية، ذكر العميد القاضي الحاضري أنه تم تقديمهم إلى مجلس القضاء الأعلى، والأخير، وافق على تعيينهم في مناصب في النيابات العسكرية.

 

للخروج من مأزق تعيين مدنيين وجنود في القضاء العسكري، وزارة الدفاع تقع في مأزق أكبر بتزوير قرار رئيس الجمهورية.

 

معالجة فضحية تزوير.. بتزوير أخر

 

 وفي 26أبريل/نيسان 2018؛ أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي القرار رقم (81) للعام 2018؛ بشأن تعيين ضباط في النيابة العامة للعمل في النيابات العسكرية، بدرجات عالية لا ينالها القاضي إلا بعد مرور 15 عاما يخضع فيها للتقييم من هيئة التفتيش القضائي.

 

وكان هذا القرار قد صدر، بناءً على بيانات قدمها للرئيس مجلس القضاء الأعلى الذي بدوره تلقاها من العميد الحاضري.

 

وقعت وزارة الدفاع، في مأزق بعد صدور قرار الرئيس اليمني بتعيين أشخاص مدنيين وجنود؛ وهنا حدث تزوير أخر بتحريف قرار الرئيس هادي من خلال إصدار دائرة شؤون الضباط، ما سمي بلاغ نشر لقرار رئيس الجمهورية رقم (81)، تحت عنوان “التعيين والترقية” لـ12 شخص من الذين تم تعيينهم، وتضمن بلاغ النشر الصادر من وزارة الدفاع؛ اقتباسا لنص قرار الرئيس وأضاف عليه نص “ترقيتهم إلى مختلف الرتب” وهذا النص أُلحق زورا في قرار رئيس الجمهورية.

 

 المحاكم العسكرية

 

التعيينات غير القانونية لم تقتصر على النيابات العسكرية، بل شملت أيضا المحاكم العسكرية، وكان قد صدر عن الرئيس هادي قرار للعام 2019، قضى بتعيين 9 في محاكم المناطق العسكرية مع ايراد صفة قاضي عسكري قرين كل اسم.

ويؤكد خمسة من اعضاء السلطة القضائية لـ “IMF”، أن من تم تعيينهم ليسوا من ضباط القوات المسلحة، عدا العقيد القاضي فضل عبد الله علي.

 

اصرار مدمر

 

 

عمل القاضي العميد الحاضري، باصرار على الاجتثاث الشامل لجميع الكادر القضائي للنيابات والمحاكم العسكرية، والكادر الإداري أيضا؛ أدى إلى تدمير مؤسسة القضاء العسكري.

 

وكان الحاضري غادر البلاد؛ بعد اجتياح العاصمة صنعاء من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيون)، في سبتمبر/أيلول 2014، وتكرر ظهوره على القنوات الفضائية؛ متحدثا عن القضايا السياسية، والعسكرية، بزعم أنه خبير عسكري واستراتيجي ومحلل سياسي، رغم أن القانون اليمني يحظر على اعضاء السلطة القضائية، ممارسة السياسية والانحياز لأي طرف من الأطراف السياسية ويعاقب على ذلك.

 

وتردد اسمه في نهاية 2016، في بعض وسائل الإعلام بصفته مدير القضاء العسكري، ومحامي عام النيابات، بالرغم أن مجلس القضاء الأعلى لم يعاود الاجتماع في العاصمة المؤقتة عدن جنوبي اليمن، إلا في مارس/آذار 2017؛ ولم يصدر عنه قرار معلن بخصوص المنصب الذي يشغله الحاضري حاليا حتى اليوم، كما هو الحال بالنسبة لبقية القرارات التي تضمنت تعيينات في مناصب قضائية.

 

بعد سلسلة من المراسلات، أجراها فريق التحقيق الصحفي في”IMF” مع أكثر من 12 مسؤولا، وجهة حكومية مرتبطة بموضوع القضاء؛ شرعت بعض الجهات باتخاذ اجراءات؛ بشأن قرارات التعيين المخالفة للقانون.

 

وكان نادي القضاة اليمني؛ من أبرز تلك الجهات؛ تفاعلا مع مذكرة بعثها لهم فريق التحقيق في 16نوفمبر/تشرين الثاني 2019؛ لاستيضاح موقف النادي من المخالفات والانتهاكات في القضاء العسكري.

 

وفي 28نوفمبر/تشرين الثاني2019؛ تلقى فريق التحقيق الصحفي في”IMF”؛ عبر تطبيق الواتساب، ردا من القاضي الدكتورة رواء المجاهد؛ القائمة بأعمال رئيس نادي القضاة اليمني أفادت: أن نادي القضاة تلقى بلاغات عن وجود تزوير في التعيينات العسكرية، وغير ذلك من الانتهاكات بحق القضاء، وابلغ نادي القضاة في حينه، الجهات الرسمية ممثلة بمجلس القضاء الأعلى.

 

وذكرت أن مجلس القضاء رد على استفسارات النادي “أن التعيينات كانت وفق الآلية القانونية”.

 

غير أن المجاهد؛ أشارت إلى أن الأمر على خلاف ذلك تماما فمجلس القضاء عند التعيين في القضاء العسكري لم يتبع الآلية القانونية المنصوص عليها في المواد (22،23،25) من قانون الاجراءات العسكرية؛ وأضافت أن النادي يعمل على اعداد دراسة قانونية للرد على هذه المخالفات.

 

وأكدت في مقالة نشرت في 3أبريل/نيسان 2019 حول تسيس القضاء “أن مجلس القضاء الأعلى عمل على تدمير القضاء العسكري وبشكل ممنهج بتعيينات مخالفة للقانون”.

 

 

تحقيق | وجدي السالمي

صحافي يمني مختصّ في التحقيقات الاستقصائية، مؤسس ورئيس مؤسسة “FREE MEDIA” للصحافة الاستقصائيه.

 

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس