في حلقته الثامنة والأخيرة الصحفي أحمد الوافي يواصل شهادته ويروي: " لماذا قرروا التخلص من القائد عدنان الحمادي بشكل نهائي "

الثلاثاء 21 يناير 2020 - الساعة 09:35 مساءً
المصدر : الرصيف برس -نقلا عن صحيفة الشارع اليومية


 

  • كانت القوات الفعلية للواء35مدرع تزيد عن 7آلاف فرد، وصارت 3آلف فرد فقط لا غير، بسبب حزب ((الإصلاح)) على الحمادي
  • في البداية، أراد حمود سعيد فتح معسكر له في ((الصنة)) لكنه لم يجد حاضنة شعبية، فكانت ((يفرس)) خياراً بديلاً.
  • الموجود اليوم هو (( مؤسسة عسكرية )) تابعة لـ (( الإصلاح )) يراد صبغها لتكون ((الجيش الوطني ))
  • على الأحزاب أن لا تعترف بالجيش، إلا بعد إعادة بنائه على أسس عسكرية ومهنية ووطنية.
  • حزب الإصلاح خون الأحزاب وطعنها في ظهرها، منذ أول يوم، منذ قام بتأسيس((مؤسسته العسكرية الخاصة)) على حساب الجيش الوطني.
  • على الأحزاب أن تضغط من أجل تصحيح أو ضاع المؤسسة العسكرية بشكل كامل
  • على الأحزاب ربط بقاء شراكتها السياسية مع ((الإصلاح)) بالشروع الفعلي في تصحيح الجيش بشكل فعلي وجاد
  • يجب الضغط سياسياً لتغيير قيادة المحور العسكري في تعز، وعدم احتكار((الإصلاح)) للجيش والأمن

 

 

بعد تحرير المسراخ، لحق الإصلاح نفسه وصنع النصر في فتح خط الضباب عبر حمود سعيد العائد حينئذ من عدن، مع العميد صادق سرحان، واللذين بقيا في الحجرية بعد عودتهم تلك من عدن، وكان بقاؤهم تحت مسمى الاستعدادات للتحرير، بينما كانت مهمتهم الحقيقية هي بناء نفوذ قبلي لهما ولعلي محسن ، والمركز المقدس، وزراعة ((مشائخ البزغة)) الجدد، الذين ممكن عبرهم الإخلال بالأمن في الحجرية، ومواجهة مشروع الدولة، الذي كان الحمادي خير ممثل له، والذي سيلخبط الكثير من الحسابات التي بنيت عليها افتراضات جيوش "فرضة نهم " و "معسكرات ميدي " كان حمود سعيد يهدف إلى إقامة معسكره، الذي ظهر منه اليوم في "يفرس" في منطقة الصنة، وبحث عن مكان مناسب لحشده الشعبي الذي يعد أداة للخارج، ويعبر عن تطلعات جماعة الإخوان المسلمين، ويعمل في خدمتها، ضد الحمادي كمشروع، وليس الحمادي كشخص.. لكن حمود سعيد لم يجد، حينها، الحاضنة الشعبية للمعسكر في "الصنة" وكان أفضل مكان في "يفرس"؛ كمكان بديل.

 

 

كان الحمادي يشكل خطراً على القوى التي أدارت الدولة عبر الملشنة، وعبر أذرعتها العسكرية، وفق بنيتها الخاصة، بذات الطريقة التي تم فيها بناء " مليشيا أبي الحاكم " في صنعاء، أو "مليشيا سالم" في تعز، أو " الحسن أبكر" في الجوف. كان الحمادي، وما يشكله من مشروع جامع لكل أبناء الحجرية وتعز، واليمن بشكل عام، وبما يحمله من فكر يميز المنطقة وعنفوانها الثوري، امتداداً لعبدالرقيب عبدالوهاب، ولمحمد مهيوب الوحش، ولعبدالغني مطهر وعبدالله عبدالعالم، وعيسى ورفاقه.. هذا ما يجعلهم جميعاً (الإصلاح والحوثي) متفقين على مواجهة هذا المشروع معاً، حتى وإن كانوا مختلفين.. تجمعت الأسباب المنطقية؛ لإن يخوض الحوثي والإصلاح حرباً مزدوجة على الحمادي، لهذه الأسباب، ولكون ارتبط بطرف عربي يسعى إلى تقليص نفوذهم في المنطقة.

كانت معركة فتح "خط الضباب"، عن طريق حمود سعيد، وبيوم واحد، هي استهزاء بعقول أبناء تعز، كما أراه أنا فكيف لجماعة تستميت في أطراف "راسن" وفي جبال حيفان، وفي "الأقروض" وتضحي بالمئات، تنهزم وتندحر بتلك السهولة؟! ولعل الأكثر استغباء للعقول هو ما قاله حمود سعيد، إنه تم فتح " خط الضباب" بالطاسة والمرافع، وبـ "أحفاد بلال"، ودخل على ظهر الدبابة الأغلى في العلم، حيث تم أخذ تبرعات مالية كبيرة  من مئات التجار من أبناء تعز، في عدن وفي غيرها، وكان يقال لهم لشراء الدبابة.

كان ذلك إشارة واضحة بأن هناك مطبخ خارجي يدير سير المعارك ، باتجاه خدمة الطرفيين، حوثيين و"إصلاح"، وبما يُضرُ بـ"التحالف العربي"، و"الشرعية" لصالح مشروع جديد ربما نراه قريبا.. وكنت من أول المحذرين للقائد الحمادي والسياسيين من خطر هذا المشروع، وكان الحمادي في مرمى هذا التحالف وبقى هدفا له.

تغيرت قيادة محور تعز العسكري، وجاء خالد فاضل بديلاً عن الشراجي . وكانت مهمة القائد الجديد هي فكفكة قوة الحمادي، التي توسعت بعد الإنتصارات الميدانية، وبعد كسبه ثقة " التحالف"، وبعد نجاحه في بناء علاقات جيدة مع الأطراف الجنوبية، وبقى على اتصال وتواصل معهم، مجدداً لتاريخ ارتباط الحجرية القديم بالجنوب، وهو ارتباط عُمدَ بالدماء التي لا يستطيع أحد القفز عليها، أو محو صفحات التاريخ التي تتحدث عنها، وعن تبادل الحماية والتضحية، والإسناد بين تعز والجنوب، وبين منطقة الحجرية والجنوب بشكل خاص.. وحَرص القائد الحمادي على ذلك، للحفاظ على علاقة جيدة مع منفذ وحيد تتنفس منه تعز الصعداء؛ وذلك لم يكن إلا موقفاً وطنياً يراعي مصالح الناس، بعكس المواقف التي سعت إلى استخدام تعز كأداة صراع لمشاريع خارجية على حساب علاقتها التاريخية بالجنوب. كان القائد يعي هذه المعادلة، ويسعى إلى الحفاظ على علاقة طيبة مع الجميع، والتقى بالجميع، وكان حريصاً على ذلك.

 

جاء خالد فاضل، ومعه الرواتب للأفراد، ومعه لجنة شؤون أفراد، وبدأت معركة قصقصة قوات الحمادي المتواجدة على الأرض، وفي جبهات القتال من طور الباحة، حتى "الشقب"، ومن "الوازعية" حتى "الكدحة".

تم اعتماد أول راتب، وتم إسقاط 1800 فرداً وضابطاً ممن كانوا هم أول شعلة المقاومة في تعز، وأول من تواجد على الجبهات، لكنهم من غير المنتمين لحزب الإصلاح، وجعلوهم يبحثوا عن رواتبهم، فيما يقوم"الإصلاح" بصرف رواتب، وأرقام عسكرية، لألوية وهمية ليس لها وجود. كانوا يجندون من بيت إلى بيت، ومن قرية إلى قرية، عبر مقرات "الإصلاح" ومسؤولي الدوائر والمراكز التابعة له، فيما بقى آلاف من جنود الحمادي المتواجدين في الجبهات دون أرقام عسكرية، ومنهم شهداء وجرحى.

تعرض الحمادي لحرب باردة أشنع من حربه مع العدو: مليشيا الحوثي. وكان يعاني من أفتعال الأزمات والمشاكل، ومن سحب ومنع مخصصات، ومن السيطرة على جبهات ومناطق قام هو بتحريرها، ويقوم المحور العسكري لتعز بتسليمها إلى قوات وألوية محسوبة على حزب الإصلاح.

 

بقى الحمادي كالأسد الذي يواجه مئات الكلاب الوحشية، التي تتجمع حوله من كل اتجاه لتسقطه ضحية لهم، لكنه ظل واقفاً.. كنت ألتقى به في عدن، حينما ينزل إليها، وألاحظ الهموم التي عليه، وأشاهد تواصلاته وأتصالاته وهو يجد في كل طريق المشاكل والعوائق، وأسمعُ منه على المشاكل التي تفتعل له، وكان لا يعزو الكثير منها على أنها مؤامرة، ويعتبرها إشكالات عادية، لكنني كنت أعرف أنها مخطط كبير لإستهداف المشروع الذي يحمله.

 

تم إسقاط رواتب كثير من جنود اللواء 35مدرع.

طبعاً كان الهدف من إسقاط الأسماء من الكشوفات لغرض إيصال رسالة للأفراد مفاده: "نحن الدولة ، ولا يمكن للحمادي، ولا غيره، أن يقدر يعيد رواتبكم إليكم، إلا عبرنا.. وطاعتنا واجبة". حينها كانت لدى حزب الإصلاح الصلاحيات من أعلى هرم السلطة العسكرية، إلى أخرها.. كان "الإصلاح " ومازال، هو سلطة القرار كونه مسيطر على كل دوائر الجيش، ومن لم يسيطر عليه اشتراه بالمال من رواتب الرديات والوهمي.

كانوا يرغبوا في إثارة الأفراد ضد القائد عدنان الحمادي، وإحداث بلبلة في اللواء، وجَند حزب الإصلاح، والقادة التابعين لعلي محسن، ضباطهم ونشطائهم لمتابعة حالات فردية للضباط والأفراد لغرض فتح علاقة معهم، أما من صعب عليهم استمالته، أبقوا وضعه معلقاً، ولا بد أن ينزل إلى عدن لتذهب عليها ما يقارب راتب ونصف من ثلاثة رواتب صرفت أول مرة.

نجح العميد عدنان الحمادي في تجاوز تلك المشكلة، دون أن تحقق أهدافهم، ورتب الوضع، فقاموا بسحب جبهات كثيرة قام هو بتحريرها، وضمها، بأوامر عملياتية، إلى ألويتهم تابعة لحزب الإصلاح، كما قاموا بتوزيع مليشياتهم الجهادية( لواء صعاليك وحركة حسم ولواء الطلاب، وجماعات أخرى) إلى أولية، وتم فقط تغيير أسمائها.. كان اللواء 35 مدرع هو اللواء الوحيد الذي لديه جبهات قتالية كثيرة وحقيقية مع مليشيا الحوثي، إضافة إلى الجبهات التابعة للقائد السلفي"أبو العباس". وكان القائد الحمادي يواجه حروب داخلية هي الأشد والأقسى من كل دوائر محور تعز العسكري، وحروب أخرى تهدف إلى الإضرار بالحاضنة الشعبية للواء35مدرع، من خلال افتعال بعض الأحداث عبر اختراقات" الإصلاح " والمحور التابع لهم، والذي يُدَار من "المقر".

 

كان القائد الحمادي يواجه الخيانات أثناء مواجهته لمليشيا الحوثي. كان يواجه الحصار في المخصصات، وحالة استقطاب نشطة للضباط الذين يعتمد عليهم، وسحبهم من وحداته إلى وحدات أخرى. كان يواجه مؤامرات ودسائس، وفتن منظمة هدفها الوقيعة بينه وبين أفراد اللواء، وبينه وبين المجتمع، وبينه وبين القوى السياسية. أصبح الحمادي هو الهدف الأول لحزب الإصلاح أكثر من الحوثي، وكان الخصم الأول للحوثي.

 

حينما يواجه "الإصلاح" خصومه، أو من يراهم خطراً على مشاريعه ومصالحه، يبقيهم تحت المراقبة والتحريض؛ فكل كلمة، وكل تصرف، وكل تحرك منهم، يكون تحتَ المراقبة، وقابلة للاستغلال، وشن حملات التحريض. و" الإصلاح"، كما نعرفه، ليس لديه حدود قيمية وأخلاقية للخصومة، فعندما يعاديك تكون حياتك الخاصة هدفاً له، ويلجأ إلى الكذب والتشهير والدس، والشائعات هي أحد أهم وسائل "الإصلاح" للتشنيع بخصومه!

 

رغم كل هذه الحرب والضغوط، ظل القائد الحمادي قادراً على قطع الطريق على الجميع، وتجاوز الصعاب بحنكة ومهارة. وكلما كانوا يفشلون في مخطط، يتعرُوا أكثر أمام المجتمع، ويتكون لدى المجتمع وعياً بخطرهم. كان القائد يثول لنا: "ياجماعة؛ بالله عليكم كيف الواحد يعمل؛ يواجه الحوثي، وإلا يطارد المحور ، وإلا يعالج المشاكل، وإل يفهم الأغبياء الذين انجرفوا مع التيار"؟!.

لقد فرض عليه أن يكون في حرب متواصلة مع كل الأطراف الفاعلة؛ علي محسن، الإصلاح، الحوثي. وكان عليه أن يكون لديه ثمان أعين كي يرى كل ما يدور حوله.

 

سنشير هنا إلى بعض الأحداث. حادثة مقتل أحد بائعي القات من أبناء "الصبيحة" على يدي أفراد من اللواء 35مدرع، أثناء تنفيذ حملة أمنية.. وحصلت ردود أفعال من أبناء " الصبيحة " وحاول حزب الإصلاح استغلال تلك الحادثة، وكان جاهزاً لذلك، إن لم يكن المخطط لها من البداية. وتم إثارة الأمر حتى كاد أن يصل إلى مواجهة بين رفقاء السلاح، حيث أقدم خالد فاضل، قائد محور تعز العسكري، على إصدار قرار قضى بإيقاف القائد الحمادي عن العمل، وكان ذلك بأوامر من علي محسن.. ولم يتم محاسبة القادة العسكريين والأمنيين على خلفية جرائم " الإصلاح " في شوارع تعز، وأعمال البلطجة والسلب والنهب، ولم يتم إيقاف العابثين  وهم تابعين لقادة ألوية وحزب الإصلاح، بينما تم استغلال ذلك الخطأ الذي أرتكبه أحد أفراد اللواء 35مدرع، لتصفية الحساب مع الحمادي عبر إيقافه عن العمل! وكانت الحملة الإعلامية والتحرك الشعبي المدني في وجه هذا القرار بمثابة عاصفة في وجه محسن وأتباعه. حينها كتبت مخاطباً للقائد : " أنا اليوم أصبحت أكثر خشية عليك من الأمس، بعد أن جرب علي محسن حظه في قياس ردة فعل الناس لإقالتك، وإبعادك عن الجيش، ولن يكون أمامهم إلا إزاحتك بأي طريقة أخرى.. فاحذر منهم أن يقتلوك؛ لأن هذه الشعبية ستجعلهم أكثر قلقاً وخوفاً منك".

 

تم استهداف القائد عدنان الحمادي بشكل تصاعدي، محاولين تطويع وترويض الناس للإنصات لحملاتهم، التي بدأت بصورة انتقادات ثم تحولت إلى استهداف مباشر وتشويه متكرر.. وللأسف لم يقف المجتمع إلى جانب القائد بالطريقة الصحيحة لحماية المشروع الوطني، من خلال نشاط مدني منظم مواجه للنشاط الاستهدافي، رغم مكانة القائد العالية في نفوسهم، والحب الكبير الذي يكنوه له في قلوبهم؛ باستثناء جهود فردية هنا وهناك. وكانت تلك الجهود الفردية تشكل، أحياناً، عبئا على القائد، وليس عامل من عوامل الإسناد.

 

لم تقم الأحزاب بدورها في تخفيف تلك الحملات وذلك الضغط، الذي استهدف الحمادي واللواء 35 مدرع، وهو اللواء الوحيد الذي تأسس على أسس عسكرية مهنية، ويضم عسكريين من كثير من المحافظات؛ ومن مختلف التوجهات، وفق التقاليد العسكرية دونما حزبية، باعتبار الحزبية أمر مُحَرم في الجيش؛ كما كان يقول لهم القائد ذلك في أغلب كل خطاباته. وكان الجميع يعمل وفق رؤية القيادة في مواجهة الإنقلاب الحوثي وحماية المنطقة الجنوبية الغربية لتعز من الفوضى التي تعيشها مدينة تعز، نتيجة سيطرة "الإصلاح" عليها، وعلى المؤسسات العسكرية والأمنية والاستخباراتية فيها.

أتذكر أن أحد القادة السياسيين قال لي: " إن اللواء 35مدرع مخترق من "الإصلاح"، فرديت عليه بالقول: "اللواء هو في الأصل كان محسوب على "الإصلاح"، واصبح الحمادي قائداً له أعاد تأسيسه على أسس مهنية عسكرية، ونجح في ذلك، إلى حد كبير، ورفضنا لملشنة الجيش لا يعني إبعاد الإصلاح كأفراد من اللواء 35مدرع".

 

كان على الأحزاب أن تضغط، منذ وقت مبكر، من أجل تصحيح أوضاع المؤسسة العسكرية بشكل كامل، وربط بقاء شراكتها السياسية مع حزب الإصلاح بالشروع الفعلي في تصحيح الجيش بشكل فعلي وجاد. وكان يجب الضغط سياسياً لتغيير قيادة المحور العسكري في تعز، وعدم احتكار حزب الإصلاح للجيش والأمن في المحافظة. وكان يجب دعم القائد الحمادي والدفع به إلى قيادة المحور العسكري في تعز؛ لأنه بدأ عملية تأسيس الجيش في المحافظة، وكان أول من قاوم مليشيا الحوثي ودافع عن الشرعية والدولة في تعز.

كانت مواقف الأحزاب، والقوى المدنية، هزيلة، للأسف. وبدت الأحزاب وكأنها تقاسم " الإصلاح " مؤسسات الجيش جين تعامل مع اللواء 35 مدرع، الذي يجمع الكل على التزامه بمعايير الكفاءة والمهنية، كما لو أنه حصتها، وذلك ما اراده وخطط له "الإصلاح"، وأظهر عبر إعلامه أ، الصراع في تعز هو صراع حزبي على الجيش، وذلك غير صحيح.

 

ووقُلتُ كثيراً لعدد من القادة السياسيين، والناشطين المدنيين: " يا أحزاب، يامكونات مدنية لا تعترفوا بهذا الجيش، إلا بعد إعادة بنائه على أسس عسكرية منهية ووطنية، وإلا ستجنوا تبعات ذلك.. يجب أن يكون خطابكم واضحا، وهو أنه لا وجود لجيش وطني، بل وطنيين في إطار مليشيات". وقلت لهم: " حزب الإصلاح يخونكم ويطعنكم في الظهر، من أول يوم بقيامه بتأسيس مؤسسته العسكري الخاصة به"، وقالوا لي:" الوقت ليس وقت الخلافات وشق الصف"، والحقيقة أنه لا يوجد، اليوم، صف وطني أصلاً كي نشقه. وما هو موجود " مؤسسة عسكرية " تابعة للإصلاح يراد صبغها لتكون "الجيش الوطني ".

كان القائد عدنان الحمادي يرفض مواقفي الحادة ضد "الإصلاح"، رغم أنه عانى كثيراً من هذا الحزب. وعندما كنت أقول، بقناعة تامة: " إن الإصلاح يخون الوطن، ويخون الأهداف الوطنية، ويخون النضال والدماء"، كان القائد يطلب مني ألا أتطرف في مواقفي، وكنت أضطر لاحترام قناعاته وموقفه، رغم أنه لا تربطني به علاقة وظيفية، فأنا لست عسكرياً، ودوري كان مساند له لا أكثر.

كانت أحادية السيطرة "الإخوانية" على قيادة الجيش، والتفكك الذي فينا، كمجتمع مدني وكقوى سياسية، تحول دون اتخاذ المواقف السلمية، وفي الوقت المناسب. وكانت انتهازية البعض، وضيق أفق البعض الآخر، يعطي فرصة لجماعة الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح)، للمضي، عبر قيادة محور تعز العسكري، في مخططاته لتشتيت وتفكيك قوات القائد الحمادي: محاصرتها، منع المخصصات عنها، وتوزيعها على وحداتهم وألويتهم المليئة بكشوفات وهمية. وبعد أن كانت القوات الفعلية للواء35مدرع تزيد عن سبعة آلف فرد، صارت ثلاثة الف فرداً فقط لا غير. ولم يتم إنشاء لواء جديد من القوة التي أخذوها مناللواء35مدرع، بل وزعوها على ألويتهم، التي يقع مسرح عملياتها في شارع جمال، وفي أراضي الناس، وعمائر المغتربين داخل المدينة، أو في مناطق تولى اللواء 35 مدرع تحريرها، وسلموها لألوية تابعة لهم كي تقوم بإدارتها، لجلب الإيرادات منها، وتطويق اللواء35مدرع، كمقدمة لحصاره وتفكيكه، أو لمواجهته.

كانت علاقة القائد الحمادي بـ "التحالف" جيدة جداً، نتيجة الثقة التي نالها، جراء استخدامه للدعم المقدم من " التحالف " بشكل اقتصادي وجيد وفاعل في جبهات القتال. وكانت إنجازات اللواء على الأرض، والمعارك التي خاضها ويخوضها، تصور جوياً وتصل قيادة " التحالف"، مع كل التفاصيل. كما أن "التحالف" دخل اليمن تلبية لدعوة وجهها الرئيس هادي، لدعم "الشرعية" ضد الإنقلاب الحوثي. كانت تصرف مليارات للمحور العسكري في تعز كي يقوم بالتحرير، أو يستكمل تحرير المدنية والمحافظة، وكان المحور لا يقدم للواء35مدرع أي دعم مالي أو عسكري.. وكانت تلك الأموال تذهب للفاسدين، دون حسيب أو رقيب.. وحتى اليوم لم يتم استكمال تحرير تعز بسبب القادة العسكريين الفاسدين، الذين ما زالوا يسيطرون على تعز.

 

كانت علاقة القائد الحمادي بـ"التحالف" في إطار العلاقة مع " الشرعية"، ولم يكن يكن يوماً تابعاً لأي جهة. لكن "الإصلاح" وبعد صراع قطر مع " التحالف"، بدأ بتنفيذ حملات ضد "التحالف"، وصار يعتبر التعامل مع "التحالف" "خيانة"، وبدأ في تخوين كل من يتعامل مع الإمارات. وانطلاقاً من ذلك، تم استهداف القائد عدنان الحمادي، الذي لم يسمح لنفسه يوماً تلقي أي أمر لمواجهة رفقاء السلاح، بينما هم اقتحموا وقتلوا وصفوا كل الرفاق.

القائد عدنان الحمادي لو كان وافق على أن يكون خارج " الشرعية" لكان طلب الدعم من " التحالف" لمواجهة " الإصلاح "، ولكان تلقى دعماً أضعاف الدعم الذي يتلقاه معسكر العمالة في " يفرس"  واشعلها حرب بالوكالة، ودمر الحجرية وقراها فوق ساكنيها، لكنه لم يقم بذلك واكتفى باطلاع  الناس على حقيقة هؤلاء ومخططاتهم، وتجنب كل تحرشاتهم واعتداءاتهم وحملاتهم التحريضية، ووضعهم في وجه المجتمع والإعلام، وما زاد من سقوطهم، وكشف زيف ادعائاتهم.

 

في الآونة الأخيرة، أعطى ((الإصلاح)) أوامره لمنظومته الإعلامية لمهاجمة القائد الحمادي، وتشويه سمعته والتحريض عليه، تمهيداً لقتله، وإزاحته من المشهد؛ لأنه كان عائقاً حقيقاً يحول دون سيطرة " الإصلاح " على تعز، بشكل كامل؛ ولأنه سيكون عائقاُ أمام مستقبل أي تسوية قد تحدث بين "الإصلاح وجماعة الحوثي، وهذه تسوية تبدو قائمة اليوم دون إعلان رسمي من الجانبين. أو التسوية السياسية العامة المرتقبة؛ ولذلك سعى الطرفان إلى تعيين أتباعهما في الوظائف المدنية العليا والوسطى، وفي قيادة الجيش والأمن وتم منحهم رتب عسكرية كبيرة.. وإذا ما جاءت التسوية، سيتم إقرار تلك الرتب العسكرية والوظائف العليا!

كان القائد الحمادي مستاءً جداً من حملة التحريض عليه، وكان يقول:" ليش من يصدروا أمر لنا، من وزارة الدفاع، أو من الرئيس هادي، يمنعنا من التعامل مع  "التحالف"، أو مع الإماراتيين، ونحن سنلتزم بذلك؟! وإذا ما رفضنا ذلك، بعدين يقولوا إننا متمردين". وكان يسأل: ((بالله عليك، هل تخيلت، يوماً، أن أحد غير الحوثي ممن يقول إن اللواء 35 خونه وعملاء؟!)).

في الآونة الأخيرة كان اللواء قد سددوا ضربات قاتلة لتحالف الحوثي والإصلاح، وفضحه من خلال محاربة تهريب الأسلحة، حيث تم ضبط الكثير من شحنات الأسلحة وهي في طريقها من مناطق (( الشرعية )) إلى المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي.. وانت قيادات مليشيا الإصلاح متورطة في عمليات التهريب تلك، وتم إيضاح الأمر للرأي العام، وكان القائد يتعامل بذكاء وحنكة مع ذلك.

علاوة على كونه قائداً عسكرياً، كان عدنان الحمادي يتميز بقدرته على نسج العلاقات الاجتماعية الجيدة، وكان مثقفاً، ومطلع على الشأن العام. واعتماداً على ذلك، استطاع أن ينسج علاقات مع شخصيات مجتمعية وناشطين وسياسيين وصحفيين، وشخصيات عسكرية وقيادية في الجنوب ووظف كل تلك العلاقات في مواجهة حرب تحالف الحوثي والإصلاح على اللواء 35 مدرع، وبقى على مسافة من الجميع، ما جعل المبرر لحربهم الشعواء عليه منعدماً.

ورغم كل الضغوط الكبيرة، والحرب التي يتعرض لها من ((الإصلاح))، إلا أن الحمادي لم يخرج عن أخلاقه وأدبه، وعن رزانته وقوة منطقه. والضغوط والمشاكل الكثيرة لم تسرق الابتسامة الدائمة على محياه.. وعندما نجح في تجاوز كل المشاكل والعقبات التي وضعت في طريقه، قرروا التخلص النهائي منه: اغتياله.

وتبقى الجهات القانونية هي المخولة بتحديد قرار الإتهام للجهة التي اغتالته، أو التي وقفت خلف اغتياله وخططت لذلك.. ويبقى مطلبنا هو تحقيق العدالة، وإظهار الحقيقة، ومحاسبة القتلة، والمتورطين في الجريمة، وليس الأدوات فقط، مهما كان عددهم، ومهما كانت مناصبهم؛ فهم لن يكونوا بحجم الحمادي.

نم قرير العين أيها القائد الوطني الكبير، ولا نامت أعين الجبناء.

 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس