خصميات الرواتب ... لصوص أم قادة عسكريون في تعز ؟!

الاثنين 16 مارس 2020 - الساعة 09:57 مساءً
المصدر : صحيفة "الشارع"

عصر الاثنين الماضي، التقى محرر صحيفة “الشارع” بعض جنود محور تعز العسكري، بعد عودتهم من مقرات الألوية العسكرية التي ينتمون إليها، إثر استلامهم لراتب شهر فبراير الماضي.

 

كان محرر الصحيفة في جلسة مقيل مع بعض أصدقائه، في مدينة تعز، حين وصل ثلاثة جنود، وجلسوا في ضيافة صديقهم، صاحب “المقيل”. مباشرة أطلق أحد الشباب الجالسين، وهو جندي، سؤالاً لأصدقائه الثلاثة القادمين: “استلمتم الراتب؟ أنا راتبي موقف بسبب أنني متغيب، وأنا طالب في الجامعة، وبسبب أنني أعارض الخصميات التي تزيد كل شهر، فأنا شهر أستلمُ 30 ألف، وشهر أستلمُ 25 ألف، وآخر شهر استلمت 15 ألف ريال بس، وباقي الراتب أخذوه خصميات”. رد أحد الجنود الثلاثة، وهو يظهر إبهام يده اليسرى: “شوف بَصَّمت الآن على تسعة ألف ريال لا غير، وباقي الراتب خصموه لهم”.

 

بدأ محرر “الشارع” طرح استفسارات بشأن استمرار الخصميات، وجديد ما يحصل في “الجيش” داخل تعز.

 

الجندي الذي أظهر البصمة في إبهام يده اليسرى هو أحد أفراد اللواء 22 ميكا. سأله المحرر: “ليش استلمت 9 آلاف ريال بس، وهل هكذا كل شهر، وكم استلمت الشهر الذي قبل هذا؟”. رَدَّ الجندي: “استلمت هذا الشهر تسعة ألف ريال فقط، والشهر الذي قبله استلمت 25 ألف، والشهر الذي قبل ولا استلمت ريالاً.. وأكبر شهر استلمت فيه راتب.. تقدر تقول 40 ألف ريال”. والراتب الأساسي للجند هو ستون ألف ريال.

 

“ليش، لماذا جابوا لك هذا الشهر تسعة ألف ريال بس؟”؛ سألت.

 

أجاب الجندي: “هكذا أراد القائد..! هكذا يخصم كم ما يشتي من رواتب كل الجنود.. هذه المرة، ربما القائد يشتي يشتري له بيت جديد، أو أرضية جديدة!”.

 

أطلق الجندي نُهدة طويلة، ثم مضى يقول: “والله.. إن ما يحدث باطل وقهر.. يا رجل أحسن سارق من قادة الألوية يجيب للجندي نص الراتب ويسرق النص الثاني من الراتب”.

 

وأضاف: “يا رجل، أيام علي عبدالله صالح ما حصل هذا، وأعتقد إنه ما قد حصل في تاريخ اليمن كله؛ أن يسرق القائد راتب الجندي كله، ويعطيه أقل من ربعه فقط.. وأحياناً يأكله كله.. هناك عشرات الآلاف من الجنود يستلمون فتات مثلي، وهناك جنود ما يستلموا ريالاً”.

 

 

الجندي الثاني، أخذ يتحدث عن ما يحدث في اللواء الرابع مشاة جبلي، وما يتعرض له هو، وألفين و400 فرد، هم قوام هذا اللواء، الذي يتبع حزب الإصلاح. أكد الجندي أنه، وبقية زملائه في اللواء الرابع، يعانون، أيضاً، من مشكلة الخصميات من رواتبهم. قال: “تتعدد أسباب الخمصيات، وكل مرة تزيد، مرة تحت مبرر الغياب، ومرة تحت مبرر رفض الأوامر، وعشرات المرات بدون مبررات أو توضيحات. أحياناً نستلم أقل من ربع الراتب”!

 

وأضاف: “الشهر الماضي، ذهبت أستلم راتبي، وجلست أتفحص بنود الخصميات التي تراوحت بين خمسة ألف، وعشرة ألف، وألفين، ولمحت خصم جديد مقداره ألف ريال، فسألت الرجل المعني بتسليم الرواتب: حق أيش هذا الألف الريال؟، فقال: بطارية الجامع خربت، وخصمنا ألف ريال على كل فرد عشان نشتري بطارية للجامع”.

 

ضحك الجندي ساخراً ومتألماً، وضحكنا جميعنا معه، وتألمنا لألمه، وذهبنا لحساب هذا الخصم. يبلغ أفراد اللواء الرابع مشاة جبلي 2400 فرد، وخصم ألف ريال على كل فرد يعني أن إجمالي مقدار الخصم هي اثنين مليون وأربعمائة ألف ريال! ضحك الجندي الثالث، وقال: “هذه قيمة بطارية دبابة، أو طائرة؟! بطارية الجامع بـ 60 ألف، أكبر بطارية”!

 

الخلاصة التي توصَّلنا إليها، أن “بطارية الجامع” ما هي إلا واحدة من عشرات الأكاذيب والمبررات التي يبتكرها قادة الألوية العسكرية في تعز، بهدف نهب رواتب أفرادهم الجنود البسطاء، وكثيرة هي المبررات المضحكة والواهية التي يبتكرها هؤلاء القادة في كل شهر.

 

يقول هذا الجندي، العامل ضمن قوام اللواء الرابع: “مرة خصموا علينا خصم إضافي بمبرر علاج جريح. سألنا: ما اسم هذا الجريح؟ فقالوا: جريح وبس! قلنا لهم: جريح مجهول يعني”!

 

أضاف الجندي ساخراً: “جيب القائد هو الجريح المجهول، جيب القائد هو الجريح، والله ما في غيره”.

 

 

(م. ع. ش) جندي سبق أن قال لـ “الشارع”: “قبل أيام كَتَبتُ منشور في “فيسبوك” تضامناً مع غَدَر الشرعبي، بحكم أنه من قريتي، وقلت إن ما حدث ضد غَدَر هو تعصب من قبل أبناء مخلاف على أبناء شرعب.. فوقف قائد اللواء 22 ميكا [صادق سرحان] راتبي، وصادره”.

 

أضاف هذا الجندي: “عندما حضرت لاستلام راتبي، قالوا لي في اللواء: “الراتب موقف، وأنت مطلوب للتحقيق”! فسألت عن السبب، وفوراً أطلعني أمين الصندوق على الكشف، وقال هذا اسمك شوف أيش مكتوف مقابله: موقف ويحال للتحقيق”.

 

كثيرة هي القصص التي سيحكيها لك جنود محور تعز العسكري، بذات النبرة الحزينة، خصوصاً تلك المتعلقة بالخصميات التي تطال رواتبهم كل شهر. تقريباً لا يوجد جندي إلا ولديه قصص وحكايات عن ذلك.

 

 

الخلاصة، على لسان هؤلاء الجنود، هي أن “قيادة الجيش في تعز مستمرة في مسلسل نهب وسرقة رواتب الأفراد لتبني الفلل، وتشتري السيارات، وتملي أرصدتها في البنوك، غير هذا لا يوجد أي أمر، أو قضية أخرى، لا حوثي، ولا معركة تحرير”!

 

يستغرب هؤلاء الجنود من انعدام الضمير لدى قادة “الجيش” في تعز؛ “فلا قيادة راجعت نفسها، وتراجعت عن اللصوصية الزائدة التي تقوم بها ضد رواتب الجنود، ولا محافظ تحدث ووقف بجانب الجنود، وما نتعرض له من ظلم.. حتى وزارة الدفاع تغض بصرها، عن هذه الجريمة المستمرة، رغم الشكاوي التي تصلها من كثير من الجنود في تعز، وصولاً إلى تجاهل الحكومة، والشرعية، ورئيس الجمهورية، لأمر للاستقطاعات والخصميات الشهرية غير القانونية التي تتم لرواتب الجنود في تعز”.

 

يقول أحد الجنود: “الكل سرق ولصوص وناهبين، هذه هي حقيقة ما يحصل في تعز”.

 

ورغم الأصوات، التي ترتفع في تعز، للمطالبة بإيقاف الفساد والنهب الحاصل لمخصصات وموازنات “الجيش”، والخصميات المستمرة من رواتب الجنود؛ إلا أن قادة الألوية العسكرية مستمرة في أعمالهم، رغم انتشار عفن لصوصيتها البجح والقبيح! إن سلبية رئيس الجمهورية جعلت هؤلاء اللصوص يضاعفون من الفساد، وأعمال السرقة واللصوصية التي يقومون بها”.

 

المتتبع للسيناريو الحاصل في محور تعز العسكري، يصادف في طريقه الكثير من اللصوص، ويتعرف، أيضاً، على أساليب النهب واللصوصية التي يمارسوها؛ فمن نهب راتب الجندي، إلى نهب المخصصات المالية للمحافظة، إلى قيام قادة كتائب وفصائل تابعة لقادة عسكريين، بنهب بيوت وأراضي المواطنين.. حتى التغذية الخاصة بالجنود لا تسلم من عمليات سطو القادة!

 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس