كيف أصبح الإصلاح هو الحزب المتحكم في اليمن؟

الجمعه 10 ابريل 2020 - الساعة 04:40 مساءً
المصدر : متابعات

منذ تشكيل جماعة الاخوان المسلمين في مصر في العام 1929 لم تنجح الجماعة بالوصول إلى السلطة إلا في العام 2012 حين تم انتخاب محمد مرسي رئيساً لمصر، لكن الجماعة التي تسلمت زمام الحكم في 24 من يونيو 2012 لم تستطع البقاء في السلطة إلا عاماً واحداً فقط، حيث ثار الشعب ضد حكم الجماعة في ثورة 30 يونيو 2013 لتقوم القوات المسلحة بعزل مرسي في 3 يوليو 2013 ولتطوى مرحلة حكم الإخوان لمصر إلى الأبد.

بعد تسلمه مقاليد الحكم في مصر لم يستوعب مرسي أنه بات رئيساً لجمهورية مصر العربية، واستمر بتلقي التوجيهات من مرشد عام الجماعة محمد بديع والقيادي فيها خيرت الشاطر، وظل مرسي رئيسا صوريا بينما كان بديع والشاطر هما الحاكمان الفعليان، وهذا انعكاس لمنهجية العمل السري داخل التنظيم الدولي للجماعة.

خروج الشعب المصري في ثورة عارمة ضد حكم الجماعة جعل قيادة التنظيم الدولي يقومون بتقييم التجربة بغرض الاستفادة من ايجابياتها وسلبياتها في دول أخرى، حيث قرر التنظيم الدولي التمسك بمنهجية قيادة الظل بينما قرر عدم فاعلية الاستحواذ علي منصب الرجل الأول ما دام سيطر السيطرة الفعلية على الحكم الذي تمارسه قيادة الظل، لكن ذلك يستدعي بالضرورة أن يكون الرجل الأول ضعيفا أو من المقربين أو عديمي الحيلة، بما يسمح للقيادات الأدنى -والتابعة للجماعة- بالاستحواذ الكامل والتام على القرار، بينما تكون الجماعة بعيدا عن المسؤولية النظرية على الأقل طالما لا تحتل منصب الرجل الأول.

أسقط التنظيم الدولي لجماعة الإخوان استراتيحية الحكم هذه على اليمن والتي يمتلك فيها التنظيم الدولي نفوذا كبيرا من خلال تغلغله في الدولة العميقة خلال المراحل الماضية، ووجدت قيادات التنظيم أن الظروف في اليمن مواتية جدا وهي ترى أن المرحلة الانتقالية التالية لأحداث 2011 قد دفعت بالرجل الضعيف عبدربه منصور هادي إلى سدة الحكم، وإن بدا أن مقومات القوة المتمثلة في الشرعية الشعبية والدولية بين يديه إلا أنه لم ولن يحسن استخدامها بالتأكيد.

في العام 2013 دفعت جماعة الإخوان المسلمين بالقيادي فيها نصر طه مصطفى لمنصب مدير مكتب رئاسة الجمهورية، والذي قدم إليه مسنودا بقيادات إخوانية يتم تأهيلها للمراحل التالية وكان من ضمن هذه القيادات الشاب عبدالله العليمي الذي قام نصر طه بتعيينه في منصب رئيس دائرة السلطة المحلية في المكتب.

تدرج العليمي بخطى متسارعة داخل المكتب حيث تم تعيينه نائبا لمدير المكتب ومن ثم مديرا للمكتب منذ 3 نوفمبر 2016، وليبدأ بممارسة مهمته المتمثلة بالبداية بتعطيل مؤسسة مكتب رئاسة الجمهورية من كادرها ومن دورها أيضا، وليتحول المكتب السيادي الأول في الجمهورية إلى سكرتارية مصغرة لعدد قليل من الأشخاص الذين ينتمون لحزب الإصلاح، وليمارس العليمي بعد ذلك دور الرئيس الفعلي.

كما دفع الإصلاح بالشيخ العيسي لمنصب نائب مدير المكتب للشؤون الاقتصادية، ويقود العيسي لوبيا فاسدا يقوم باحتكار بيع المشتقات النفطية بصفقات فساد بالمليارات وبعيدا عن المساءلة القانونية نتيجة ضمه لقيادات عليا ونافذة ضمن هذا اللوبي.

باستيلاء حزب الإصلاح بشكل تام على مكتب رئاسة الجمهورية سيطر الحزب فعليا على صلاحيات الرئيس، حيث بات الإصلاح هو من يقوم بإصدار القرارات السيادية، ويتحكم بقرارات التعيين والإقصاء، كما يقوم بعرقلة مقترحات القرارات التي يتم ترشيحها من المستويات الأدنى لرئيس الجمهورية عبر إخفائها في أدراج مدير المكتب.

نجح حزب الإصلاح بالسيطرة على الهيكل الوظيفي للدولة بشكل شبه كامل من خلال إصدار آلاف القرارات المعلنة وغير المعلنة، والتي لا تلتزم بالقوانين ولا باللوائح وإنما تلتزم بمعيار الولاء الحزبي والخاضعة للتزكيات والتوصيات التي ترسلها قيادات الحزب إلى مدير مكتب رئاسة الجمهورية لترجمتها لقرارات مموهة بختم هادي الذي يجهل الكثير من القرارات التي أصدرت باسمه.

في ذات التوجه عمل حزب الإصلاح إلى الدفع بالقائد العسكري للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين في اليمن علي محسن الأحمر لتولي منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والذي تعين فيه في22 فبراير 2016، كما عمل الإخوان على جر هادي للانقلاب على التوافق وإزاحة المهندس خالد بحاح من منصبي نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ليتم تعيين علي محسن الأحمر في منصب نائب رئيس الجمهورية في 3 أبريل من العام نفسه.

الدفع بالأحمر لمنصب نائب رئيس الجمهورية، نائب رئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة كان له الدور الأبرز في تمكين الجماعة من الاستيلاء التام على السلطة، وعلى وجه الخصوص الاستحواذ المطلق على المؤسسة العسكرية والأمنية، وممارسة العبث غير المسبوق فيها، من خلال بناء جيش حزبي وصفه وزير الدفاع بأن 70% منه أسماء وهمية، هذا غير حالة العبث في توزيع الرتب العسكرية للمدنيين من أفراد الجماعة وتعيينهم في مواقع قيادية.

كما أن مكتب علي محسن الأحمر المتواجد في العاصمة السعودية الرياض تحول إلى وسيلة للاسترزاق لأعضاء الجماعة، حيث إن الإعلاميين التابعين للمكتب يبلغ عددهم 112 إعلاميا ويتم صرف مستحقات شهرية لهم تبلغ 560.000 ريال سعودي، كما يقوم المكتب بدعم 85 موقعا إعلاميا بمخصص دعم شهري يبلغ 1.275.000 ريال سعودي، وتصرف هذه الأموال من مخصصات الرئاسة التي تدفعها السعودية لمكتب نائب الرئيس، وفقا لما ذكرته المؤسسة الأهلية للتوثيق والإحصاء بعدن.

ولم تنحصر سيطرة حزب الإصلاح على مؤسسة الرئاسة ومكتب نائب رئيس الجمهورية فحسب، بل إن حزب الإصلاح يسيطر علي مكتب رئيس الوزراء، وتتمثل هذه السيطرة بمنصب مدير المكتب والذي يشغله أنيس باحارثة وكذا معظم الطاقم، حيث إن هذه السيطرة تساهم في إصدار الإصلاح للعديد من القرارات وعرقلة قرارات أخرى.

وبسيطرة حزب الإصلاح على هذه المواقع الهامة في قيادة الدولة فإن الحزب ينفرد بامتلاك كل المعلومات الخاصة بالدولة وسيادتها، وبات هو صاحب القرار الفعلي والمتحكم بسياسات الدولة، ما يعني أنه الحزب الحاكم المتحرر من المساءلة، وهذا الوضع هو ما يطمح حزب الإصلاح لاستمراره للأبد.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس