بعد سنوات من التخادم المفضوح .. إخوان "الطربال" في ضيافة الحوثي
الاحد 26 فبراير 2023 - الساعة 10:39 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
بعد أشهر من الاختفاء ، ظهر المطلوب الأمني الأبرز في تعز غزوان المخلافي بجوار القيادي الحوثي البارز سلطان السامعي في "مقيل" لتناول القات ، في صورة تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية وأثارت الجدل بشكل غير مسبوق.
وبعيداً عن تفاصيل اللقاء زماناً ومكاناً ، الا أن دلالات الصورة لا تقف عند هذه التفاصيل او عند كونها مجرد هروب لمطلوب أمني الى حضن جماعة الحوثي ، بل ان الصورة يمكن القول بأنها تجسيد مكثف لمسار ومحصلة الحرب في تعز بشكل خاص واليمن بشكل عام.
فالحرب التي فجرتها مليشيا الحوثي عام 2015م ، كانت مدينة تعز ساحتها الأبرز ان لم تكن أول ساحة لها بعد ان شهدت إعلان اول تشكيل عسكري ولاءه للشرعية ورفضه لانقلاب جماعة الحوثي ، وتمثل ذلك في اللواء 35 مدرع وقائدها الشهيد / عدنان الحمادي ، ليمثل ذلك شرارة المقاومة المسلحة ضد انقلاب الحوثي ، وهو ما منع سقوط أغلب مديريات المدينة والريف بيد مليشياتها.
نجاح تعز في كسر مليشيات الحوثي مبكراً ، جعل من مسالة تحريرها بالكامل من المليشيات أمراً محسوماً ، خاصة في ظل نجاح المقاومة الجنوبية في تحرير محافظات الجنوب بدءً من الضالع وعدن ولحج وفي ظرف قياسي وقبل ان تكمل عاصفة الحزم عامها الأول.
هذه النجاحات جنوباً وفي ظل الدعم السخي والكامل من قيادة التحالف، جعل من المشهد في 2016م يترقب فقط موعد بدء معركة تحرير تعز، لكن الأمر لم يمضي على هذا النحو، فقد كان هناك اعداد لمعركة أخرى لا علاقة لها بمليشيات الحوثي.
معركة يتم الاعداد لها بسلاح وأموال التحالف والشرعية ولكن لتحرير المحرر في تعز وانتزاعه ممن حرروه ، معركة خاضتها "مافيا الحرب" وهي خليط من الإخوان الذين رأوا ان الحرب لا بد وان تخدم أهدافهم الخاصة والانتهازيون داخل الشرعية ، الذين لا يرون فيها الا مصدر للإثراء والتربح ولو بدماء اليمنيين.
فمع حلول عام 2017م ، كان المشهد في تعز واليمن بشكل عام قد اتضح ملامحه التي رسمتها "مافيا الحرب" ، والتي حددت بأن العدو لم يعد الحوثي بل بات التحالف والقوى الحليفة له على الأرض كالجنوبيين ، والمعركة لم تعد تحرير صنعاء بل تحرير المحرر من خصوم هذه المافيا.
كانت تعز اول ساحة لهذه المشهد التي رسمته "مافيا الحرب" ، فبدأت صناعة الفوضى بشكل ممنهج في المدينة وريفها المحرر ، وعبر أدوات وأسماء مختلفة كان ابرزها المراهق غزوان المخلافي ، والهدف التخلص ممن يهدد مشروعها وعلى رأسهم اللواء 35 مدرع وقائده عدنان الحمادي وكتائب أبي العباس ، وهو ما نجحت فيه على مدى ثلاث سنوات لاحقة.
نجاح مافيا الحرب بمعركتها في تعز او غيرها وفق هذا المشهد لم يكن له ان يمضي دون تفاهمات من تحت الطاولة مع الطرف الأخر على الجبهة المتمثل بجماعة الحوثي، وظهرت ملامح هذه التفاهمات واضحاً بالتساقط المريب للجبهات شمالاً وبجمود جبهات تعز التي وضع عليها "الطربال" كاتفاق على وقف الحرب بين الطرفين.
كما أن ماحصل ويحصل من تخادم يؤكد انتكاسة لقوى الشرعية عبر المحسوبين على محور تعز ومن يسيطر عليه وهي جماعة الإخوان بوجه الخصوص ويؤكد هشاشة الوضع في جبهات الشرعية منذ سنوات واختراق الحوثين لها عبر حليفهم الذي تخادم معهم كل هذه المدة وكل ذلك يعزز عدم ثقة المواطن بأمن تعز المسيطر عليه من الجماعة وعجزه عن ملاحقة المطلوبين أمنيا كم يدعي وهو ليس أكثر من محاولة تغطية عجزه وفشله بتأمين المحافظة
ووفق ما سبق فان ظهور أحد أدوات هذه المافيا برفقة احد قيادات الحوثي ، لا يمكن اعتباره مشهداً مفاجئا او صادماً ، فلم يكن بين الطرفين أي معركة حقيقية ليكون هناك عداء تمنع لقاءهم ، فلم يكن يفصل بينهما سوى "طربال" لا أكثر.