لغز "تيليمن" .. كيف تعمدت الشرعية بقاء ملف الاتصالات بيد الحوثي ؟
الاحد 27 أغسطس 2023 - الساعة 07:03 مساءً
المصدر : الرصيف برس - خاص
عمار علي أحمد
بحقائق ووقائع صادمة ، سلط تقرير برلماني الضوء على حالة الانتكاسة المستمرة لدى الشرعية في ملف الاتصالات ، وعجزها منذ 8 سنوات بسحب ملف الاتصالات من يد مليشيات الحوثي أو انشاء منظومة جديدة بالمناطق المحررة بعيداً عن سيطرتها.
ونشرت هيئة مجلس النواب امس السبت التقرير النهائي للجنة البرلمانية لتقصي الحقائق بشأن ما أثير من مخالفات في قطاعات (الكهرباء – النفط – الاتصالات – الجوانب المالية) ، الا أن الجانب المتعلق بملف الاتصالات كان الأهم والابرز نتيجة حجم الفشل الحكومي في هذا الملف الى درجة تصل حد التواطؤ الواضح مع مليشيات الحوثي.
ولعل ابرز ما أورده التقرير في ملف الاتصالات ، كانت قصة التشفير الذي تعرض له الكابل البحري (AAE1) والذي يعد من أحدث الكابلات البحرية وساهمت فيه اليمن بمبلغ 58 مليون دولار وتم ربطه في عدن عام ۲۰۱۷م ، وكان نواة تأسيس بوابة عدن الدولية وشركة "عدن النت" لتزويد المناطق المحررة بخدمة الجيل الرابع 4G والتي تم تدشينها منتصف عام 2018م.
وبعد مرور 5 سنوات على تعثر الشركة، يوضح التقرير السبب وراء ذلك ، حيث يقول بأن وزير الاتصالات السابق لطفي باشريف قام باستدعاء مهندسين من صنعاء للعمل عليه وقام مهندسون دوليون بتدريبهم وبعد سفرهم المهندسين الدوليين، غادروا عدن، وعادوا إلى صنعاء، وقاموا بتشفير الكابل وتعطيله.
ويضيف التقرير بان الكابل البحري صار حالياً تحت سيطرة وتحكم جماعة الحوثي في صنعاء ، بل ان قامت ببيع السعات الدولية التي منحت لليمن في هذا الكابل ، مؤكداً بان ذلك "شكل ضربة قاتلة لمشروع عدن نت".
وعلى الرغم من فداحة ما يكشفه التقرير هنا ، الا ان الحقيقة الصادمة والكارثة الأهم تتجلى في ما وراء هذه الحادثة ، فتمكن جماعة الحوثي من تشفير الكابل البحري والتحكم به وعجز الوزارة والحكومة الشرعية حتى اليوم عن تشغليه يثير تساؤلاً هاما حول إدارة شركة "تيليمن" الحكومية والمعنية بالاتصالات الدولية لليمن والتابعة للمؤسسة العامة للاتصالات.
فالكابل البحري "المُشفر" كغيره من مئات الكابلات البحرية المنتشرة في أعماق المحيطات والبحار وتربط دول العالم بخدمة الانترنت ، تديرها شركات تجارية عالمية بمجلس إدارة يمثل الشركاء في الكابل ، وفي حالة الكابل البحري (AAE1) فان الموقع الرسمي للشركة المديرة له يوضح بان اليمن أحد شركاء الكابل ممثلاً بشركة "تيليمن" التي تظهر ايقونتها على موقع الشركة.
ما يثبت بوضوح ان عجز الشرعية عن استعادة الكابل البحري يعود الى عدم الاعتراف بالإدارة المعينة من قبلها لشركة "تيليمن" وبقاء الاعتراف والتعامل بالإدارة الخاضعة لسيطرة الحوثي في صنعاء وهو ما يشكل فضيحة مدوية تكشف لغز الفشل المستمر في ملف الاتصالات.
حقيقة تقر بها وزارة الاتصالات بشكل غير مباشر في ردها على أسئلة اللجنة البرلمانية، حيث اشتكت من عدم توفر الإمكانيات المادية على مدى السنوات الماضية "لإعطاء القضايا القانونية المتعلقة بشركة تيليمن مثل الكابلات البحرية والنطاق الأعلى لشركات قانونية دولية متخصصة في حل النزاعات".
ما يشير بوضوح الى ما تعانيه إدارة الشركة الشرعية في التعامل دولياً كممثل شرعي لليمن في ملف الاتصالات ، وتضيف الوزارة بأنها تمكنت مؤخراً من التعاقد مع شركة محاماة أجنبية تدعى "فولتيرا" بـ 150 الف دولار ، لمتابعة قضية تشفير الكابل البحري.
هذا الفشل او ما يمكن وصفه بالفضيحة ، كان قد ظهرت ملامحه من خلال ما كشفه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي قبل نحو عام ، حين اصدر في أغسطس 2022 قراراً بتعيين المهندس وائل محمود محمد طرموم مديراً عاماً للمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية.
حيث قال العليمي حينها بان طرموم ظل لنحو عامين مكلف بهذا المنصب دون ان يصدر له قرار جمهوري، وأن ذلك كان سبباً في عدم تعامل المجتمع الدولي معه في ملف الاتصالات ، والتعامل مع مدير المؤسسة المعين من قبل جماعة الحوثي في صنعاء ، مشيراً الى أن مجلس القيادة الرئاسي قام باستدعاء طرموم الذي ظل مقيماً خارج اليمن جراء عدم التعامل دولياً معه.
حقائق وحوادث تكشف مدى العبث والفوضى التي ادارت وتدير بها الشرعية المعركة ضد جماعة الحوثي على كل الملفات والجبهات ، عسكرياً واقتصادياً وسياسياً وحتى خدمياً ، حصدت بها الهزائم والخيبات على حساب تضحيات اليمنيين ومعاناتهم منذ 2015م.