برلمان "الأجيال" واتفاقية الاتصالات .. صمت دهراً ونطق لصراخ "العيسي"
السبت 09 سبتمبر 2023 - الساعة 08:08 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
بحسب ما تداولته وسائل إعلام تابعة لجماعة الإخوان ، من المتوقع ان يعقد مجلس النواب غدا الأحد جلسة استثنائية عبر تقنية الاتصال المرئي لأول مرة في تاريخ المجلس الذي يعد الأطول عمراً في تاريخ اليمن وربما العالم ، بعد ان بلغ عمره هذا العام الـ 20 سنة.
ووفق إعلام الإخوان فان الجلسة تعد خطوة جديدة من البرلمان لمواجهة إصرار الحكومة على موقفها المؤيد للاتفاقية التي وافقت عليها مؤخراً مع شركة اتصالات إماراتية لإنشاء شركة اتصالات حديثه بالمناطق المحررة بعيداً عن سيطرة مليشيا الحوثي ، والتي يطالب المجلس بإلغائها تحت مزاعم مخالفتها للدستور والقانون.
وكان رئيس المجلس سلطان البركاني قد وجه رسالة الى رئيس الحكومة مطالباً بإلغاء الاتفاقية استناداً الى تقرير لجنة التحقيق التي شكلها المجلس حول اتهامات بقضايا فساد في عدة ملفات من بينها الاتصالات ، وامهل الحكومة أسبوعين للرد على التقرير ، تنتهي يوم غد الاحد.
إصرار المجلس على عقد الجلسة وعدم انتظار انتهاء المهلة ، يأتي على الرغم من إعلان رئيس الحكومة معين عبدالملك الاثنين الماضي عن تشكيل لجنة وزارية برئاسية وزير العدل لرد على تقرير ورسالة البرلمان ، مفنداً في مؤتمر صحفي عقده يومها ما أورده تقرير اللجنة حول موضوع الاتفاقية.
كما ان إصرار البرلمان على التصعيد في وجه الحكومة بملف الاتفاقية يأتي على الرغم من إشارة معين عبدالملك بان الحكومة رفعت الملف الى مجلس القيادة الرئاسي بصفته السلطة التنفيذية الأعلى وصاحب القرار النهائي ، وهو ما يثير الاستغراب من موقف البرلمان والتسرع الواضح في التصعيد ضد الحكومة ، وعدم انتظار موقف مجلس القيادة الرئاسي.
موقف يراه مراقبون يعود الى ادراك البرلمان وكذا القوى التي باتت تحرك مواقفه مؤخراً ، الى ان موقف مجلس القيادة الرئاسي من الاتفاقية شبة محسوم بموافقة 4 من اعضاءه عليها وهم ممثلو المجلس الانتقالي "عيدروس الزبيدي ، فرج البحسني ، ابوزرعة المحرمي " بالإضافة الى العميد طارق صالح ورئيس المجلس رشاد العليمي ، مقابل موقف رافض للثلاثة الأعضاء المتبقين وهم ممثلو الإخوان "عبدالله العليمي ،سلطان العرادة" وانضم لهم عثمان مجلي.
اللافت هو الحماس الزائد لرئاسة البرلمان والأعضاء الموالون للإخوان ، الواضح في قضية اتفاقية الاتصالات دون باقي الملفات والأزمات التي تعاني منها المناطق المحررة بل وحتى المواضيع التي وردت في تقرير لجنة التحقيق وشملت ملفات الكهرباء والنفط والمالية ، وبدا ذلك واضحاً في رسالة البركاني الموجهة الى رئيس الحكومة.
كما ان الرسالة شملت لغة واضحة في التحريض والاتهام خلافا للغة المعتمدة للتخاطب بين مؤسسات الدولة الرسمية، وقد عبر رئيس الحكومة في مؤتمره الصحفي الذي عقده الأسبوع الماضي بقصر المعاشيق عن تحفظ واعتراض الحكومة على هذه اللغة.
وما يثير الاستغراب ايضاً ، قيام رئاسة البرلمان بنشر الرسالة وتقرير اللجنة على موقع البرلمان الالكتروني قبل وصولها بشكل رسمي على البرلمان ، في سلوك يعكس ازمة عميقة في علاقة المؤسسات ببعضها وغياب المسؤولية لدى قيادات الدولة الحالية وخاصة في مؤسسة كمجلس النواب التي يفترض انها تجسد ارادة الشعب وتتولى مهام التشريع والرقابة.
سلوك وتصرفات تثير الشكوك حول الدوافع الحقيقة من حماس مؤسسة البرلمان حول اتفاقية الاتصالات ، وتجاهل كل الازمات والكوارث التي خلفتها أداء الشرعية خلال سنوات الحرب وعلى مختلف الأصعدة والملفات ، دون أي موقف او تحرك من قبل البرلمان منذ إعادة انتخاب هيئة رئاسته في ابريل من عام 2019م.
أزمات وكوراث ليس أقلها الهزائم العسكرية المدوية امام مليشيا الحوثي بانهيار جبهات الشرعية شمالاً خلال عامي 2020-2021م حتى وصلت المليشيات الى اعتاب مدينة مأرب ، وسبق ذلك كارثة او خيانة اتفاق السويد أواخر 2018م الذي وقعته الشرعية ومثل طعنة في ظهر القوات المشتركة وحليفتها دولة الامارات وهم على مشارف ميناء الحديدة.
هزائم عسكرية لم تكن الا ثمرة لقيادة المعركة عبر حفنة من اللصوص والفاشلين تم تعيينهم بقرارات تعيين عبثية طالت كل مؤسسات الدولة من الجيش والأمن والسلك الدبلوماسي والمدني ، وصلت حد تعيين 13 وكيلاً لوزارة واحدة وبقرار واحد ، تحولت معها مناصب الدولة الى ما يشبه مؤسسة الضمان الاجتماعي للهاربين في فنادق الخارج وبالعملة الصعبة.
وبموازاة هذه الهزائم العسكرية ، كان عبث الشرعية يلحق بالاقتصاد في المناطق المحررة هزائم كاسحة لا تزال آثارها الكارثية مستمرة الى اليوم ، وعلى رأس كذا كانت جريمة طباعة العملة المحلية دون غطاء من العملة الصعبة وصلت الى نحو 2500مليار ريال لم تدخل خزائن البنك المركزي في عدن بل كانت تنقل مباشرة من الميناء الى الصرافين كما كشف ذلك محافظ البنك الحالي في مقابلة مع القناة الرسمية.
كوارث وجرائم لم تحرك اهتمام مؤسسة البرلمان ، بل كانت تجد الذرائع لتبرير صمتها وغياب دورها بأنها " ممنوعة من الانعقاد في الداخل " ، وهي ذريعة تبدو انها قد سقطت اليوم ، من خلال توجيه رئاسة البرلمان دعوة للأعضاء لعقد اجتماع عبر تقنية "الزوم" ، وكل ذلك من أجل المعركة ضد اتفاقية الاتصالات.
هذه المعركة التي يخوضها البرلمان اليوم ضد الاتفاقية لم تكن في حقيقتها الا مجرد تفاعل مع مقابلة تلفزيونية لرجل الأعمال النافذ الإخواني / احمد العيسي وجه فيها اتهامات لرئيس الحكومة ومن ضمنها الاتفاقية مع شركة الاتصالات الإماراتية.
مشهد يبرز معه العبارة التي قاله رئيس الحكومة في مؤتمر الصحفي حول أسباب الحملة ضد الاتفاقية واتهام الحكومة ببيع قطاع الاتصالات ، حيث رد بتساؤل لافت : بيع ايش ؟ رخصة فيها شراكة ، يعني الـ 30% لو كانت لنافذين كان الامر مر بدون صداع؟ يمكن.