شرعية "المنفى" .. جريمة "الرئاسي" وحكومته بحق المناطق المحررة سياسياً واقتصادياً
الثلاثاء 30 يناير 2024 - الساعة 10:18 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
"نحتاجكم لرفع المعاناة أو لنعيشها معاً" .. بهذه العبارة يناشد محافظ العاصمة عدن رئيس الحكومة والوزراء بالعودة اليها لمواجهة التحديات والأزمة التي تعاني منها العاصمة والمناطق المحررة.
مناشدة لملس التي نشرها على حسابه في منصة "أكس" الى رئيس الوزراء معين عبدالملك ، تفضح مصداقية التوجيهات التي كانت أصدرها معين قبل نحو أسبوعين الى اعضائها بالعودة الى العاصمة عدن ومزاولهم عملهم منها.
الوثيقة الصادرة حينها عن مدير مكتب رئيس الحكومة الى الوزراء المتواجدين خارج العاصمة المؤقتة عدن ، وجهت بسرعة عودتهم إلى مقار أعمالهم بحد أقصى يوم الخميس قبل الماضي (18 يناير) لممارسة مهامه من مكاتبهم في دواوين وزاراتهم.
توجيهات فضحتها اليوم مناشدة لملس الى معين وأعضاء حكومته بالعودة الى عدن، على الرغم من الوضع الكارثي الذي تعاني منه عدن والمناطق المحررة والتي وصفها لملس بالمعاناة ، جراء تواصل انهيار العملة والخدمات دون إي تدخل حكومي او رئاسي لوقفها.
وفي حين تكشف مناشدة لملس الى وجود أمل بتحرك حكومي ورئاسي لوقف هذا الانهيار الاقتصادي والخدمي ، الا أن الخطوة الأخيرة التي أقدمت عليها الغرفة التجارية والصناعية في العاصمة عدن ، كشفت عن فقدان الأمل لدى قطاع عريض من نخبة المجتمع في حصول تحرك رسمي لمواجهة الأزمة.
حيث ناشدت الغرفة التجارية والصناعية في العاصمة عدن، قيادة تحالف دعم الشرعية ممثلة بالسعودية والإمارات لوضع حد لتدهور العملة الوطنية وإنقاذ الشعب من المجاعة، مشيرة الى التردي المستمر للأوضاع المعيشية والاقتصادية الناتجة عن زيادة معدلات التضخم المتصاعد بنسب كبيرة مقابل التدهور المستمر في أسعار العملة.
مؤكدة بأن معظم السكان وصل بهم الحال إلى عدم القدرة على تأمين حاجتهم من الغذاء واقتصار الكثير من الأسر على وجبة واحدة في اليوم لا تكاد تسد الرمق، مضيفة إن تبعات الوضع الحالي سيقود حتما للكثير من الكوارث والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والتي باتت وشيكة وبدأ بعضها يلوح في الأفق، وهو تطور خطير لا يمكن التنبؤ بتبعاته وانعكاساته.
خطاب يعكس مدى اليأس في صفوف المجتمع بالمناطق المحررة من التحرك الرسمي في مواجهة الأزمات الاقتصادية والخدمية ، في ظل بقاء رئيس الحكومة واغلب الوزراء بالإضافة الى رئيس مجلس القيادة الرئاسي وعدد من أعضاء المجلس في الخارج ، في مشهد يذكر بالوضع الذي كان عليه قيادة الشرعية في عهد الرئيس السابق هادي.
وضعٌ الصق بسلطة هادي صفة "شرعية المنفى" ، ومثل ذلك أحد اهم أسباب إطالة الحرب لثمان سنوات وفشل حسمها عسكرياً بوجه مليشيات الحوثي في الجبهات او سياسياً واقتصادياً بتطبيع الوضع بالمناطق المحررة وتقديم نموذج جيد في الخدمات والادارة، وهو أمر كان كفيل بالإطاحة شعبياً بجماعة الحوثي.
فإلى جانب العبث والفساد ، مثل بقاء الشرعية في الخارج عاملاً هاماً في ضعف موقفها السياسي امام المجتمع الدولي في مواجهة سلطة انقلابية تدير المعركة والوضع في مناطق سيطرتها وتحاول انتزاع الاعتراف بها ، من خلال تقديم نفسها كسلطة شرعية تمثل اليمنيين وتدير مؤسسات الدولة من داخل العاصمة صنعاء.
هذا المشهد مثل احد عوامل المؤثرة في غياب اندفاع وحماس المجتمع الدولي لتأييد الشرعية واسنادها في مواجهة الحوثي ، وهو ذات الأمر الذي ينطبق حالياً مع مجلس القيادة الرئاسي وحكومته ، القابعين في الرياض ، على الرغم من التطورات والمتغيرات الأخيرة التي أحدثتها هجمات مليشيات الحوثي على الملاحة الدولية بالبحر الأحمر وخليج عدن.
تطورات أحدثت تغييرات واضحة في مواقف المجتمع الدولي وعلى رأسه الغرب في تعامله مع الملف اليمني ، والخطر الذي باتت تمثله جماعة الحوثي بهجماتها ضد الملاحة الدولية بإيعاز من النظام الإيراني ، دفع بواشنطن ولندن لتنفيذ ضربات ضد مواقع الحوثي بالداخل، وإعادة الإدارة الامريكية تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية.
وعلى الرغم من هذا التغير بموقف الغرب ، الا ان التصريحات الصادرة عن مسئوليه تشير الى عدم وجود رغبة في تصعيد المواجهة مع مليشيات الحوثي والبحث عن أوراق ضغط لوقف هجمات الحوثي ، وبرز ذلك من خلال لجوء امريكا الى الصين والطلب منها بممارسة ضغوط على النظام الإيراني لوقف هجمات الحوثي ، في حين أرسلت لندن اليوم وزير خارجيتها الى مسقط لذات الغرض.
توجه واشنطن ولندن للبحث عن ضغوط سياسية على الجماعة الحوثية، يشير بشكل آخر الى استبعادهما اللجوء الى اهم ورقة ضغط في وجه مليشيات الحوثي وهي خصومه في الداخل بالقوى الممثلة بمجلس القيادة الرئاسي وحكومته.
وهو موقف واقعي بالنظر الى التمزق الذي يعتري صفوف المجلس الرئاسي وغيابه عن إدارة الوضع من داخل المناطق المحررة ، ما يفقد الثقة لدى الغرب بوجود طرف محلي في الداخل اليمني يمكن اسناده ودعمه في مواجهة الخطر الحوثي.