نساء في سجون الحوثي .. المرأة اليمنية من مقاعد الحكم إلي مقصلة التعذيب والاغتصاب
الاحد 10 مارس 2024 - الساعة 09:10 مساءً
المصدر : الرصيف برس - خاص
د . نادين الماوري
في حين احتفل العالم قبل يومين باليوم العالمي للمرأة ، تقدم التقارير الدولية عن أوضاع اليمنيات في سجون الحوثي صورة مأساوية للوضع الذي باتت تعيشه المرأة في اليمن حالياً مقارنة بعهد ما قبل الحوثي.
فبينما وصلت المرأة اليمنية في العهود السابقة إلى مقاعد الحكم كوزيرة وسفيرة واستاذة في الجامعة، أصبحت تحت حكم مليشيا الحوثي أسيرة تتعرض للتعذيب والاغتصاب وصدور أحكام جائرة بالسجن والإعدام، في ظل غيبة القانون وعدم وجود أي ضمانات لمحاكمات عادلة.
وقائع تقشعر لها الأبدان كشفها تقرير للخبراء التابعين لمجلس الأمن، إذ يؤكد التقرير أن ن الحوثيين يسجنون النساء لأسباب مختلفة تتعلق بالنزاع، بما في ذلك انتماؤهن المتصوّر إلى أطراف النزاع المعارضة، أو انتماؤهن السياسي أو مشاركتهن في منظمات المجتمع المدني أو نشاطهن في مجال حقوق الإنسان أو بسبب ما تسمى "الأفعال غير اللائقة".
ويشير التقرير إلي أنهن يتعرضن للاعتداء الجنسي، وفي بعض الحالات يخضعن لفحوص العذرية، وكثيراً ما يُمنعن من الحصول على السلع الأساسية، بما في ذلك منتجات النظافة الصحية النسائية، كما أكد تعرض النساء المحتجزات للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك من "الزينبيات"، (الشرطة النسائية المستحدثة من قبلهم).
أما فاطمة صالح العرولي الناشطة الحقوقية فقد حكمت عليها سلطات الحوثيين بالإعدام في ديسمبر الماضي بتهمتَي التجسس ومساعدة جهة معادية، وتشير منظمة هيومن رايتس ووتش أن فاطمة البالغة من العمر 35 عاما وعضو اتحاد قيادات المرأة العربية التابع لجامعة الدول العربية لم تتمع بأي تمثيل قانوني في المحاكمة، ولم تتمكن عائلتها من الاتصال بها إلا مرتين منذ اعتقالها في أغسطس 2022، عند نقطة تفتيش خاضعة لسيطرة الحوثيين في مديرية الحوبان في محافظة تعز بينما كانت في طريقها من عدن إلى صنعاء.
وقال محاميها إنها كانت قد عادت لتوها من زيارة والدتها في الإمارات، مكان مولدها ومقر إقامة عائلتها حاليا. اتصلت العرولي بشقيقها عند نقطة التفتيش لتخبره أن الحوثيين أوقفوها، وانقطعت أخبارها عن أسرتها حتي يناير 2023
لاحقا، لم يتمكن أفراد أسرتها ولا المحامون من الاتصال بها قبل محاكمتها التي كانت في 5 ديسمبر الماضي، وخلال المحاكمة وفقا لتقرير هيومن رايتس ووتش حكمت النيابة الجزائية المتخصصة على العرولي بالإعدام، مشيرة إلى اعترافها بتجنيد أشخاص لدعمها في جمع المعلومات الاستخبارية لصالح الإمارات، فضلا عن انتحالها شخصية امرأة أخرى، ومن غير الواضح ما إذا كانت العرولي قد اعترفت، وفي أي ظروف، إن كانت قد فعلت.
العرولي ليست الوحيدة التي تعرضت لتلك المأساة، فقد تعددت صنوف الانتهاكات الحوثية ضد النساء اليمنيات منذ انقلابها على الدولة في سبتمبر 2014 وحتى اليوم، فمن التعذيب الى الاختطاف ورفض الافراج عنهن، وكذا الاخفاء القسري، مرورا بالإساءة النفسية والجسدية، وغيرها من الانتهاكات التي وثقتها المنظمات الحقوقية المحلية والدولية.
وكشفت الرابطة الإنسانية للحقوق أن ميليشيا الحوثي اعتقلت 1714 امرأة يمنية خلال الفترة من 2014 وحتى 2022، نهن 504 معتقلات في السجن المركزي في صنعاء، و291 إخفاء قسريا في سجون سريةـ وأشارت إلى أن الميليشيا الحوثية أصدرت 193 حكماً غير قانوني ضد النساء بتهم التجسس وشبكات الدعارة والحرب الناعمة.
كما لفتت إلى ممارسات الميليشيا ضد المعتقلات النساء من خلال التعذيب الجسدي والضرب بالعصي، والأسلاك الكهربائية، والصعق الكهربائي، وإيقاف التنفس بالخنق، والإهانة، والتعذيب اللفظي والتحقير، والصفع، والإجبار على الاعتراف بتهم لم ترتكب.
وتتعدد الانتهاكات الحوثية بحق المرأة، منها القتل والاختطاف والتعذيب، والاعتداء اللفظي والجسدي والجنسي عليهن، إضافة إلى حرمانهن من التواصل مع ذويهن لإبلاغهم بتعرضهن للاحتجاز، وذلك للمختطفات وعدم الإفراج عنهن إلا بعد دفع مبالغ مالية كبيرة، وأخذ التعهدات عليهن بعدم المشاركة في أي فعالية مطلبية.
كما تلجأ الميليشيا لاعتقال أقارب النساء بدلاً عنهن في بعض الأحيان، كما أنها تعمد إلى تلفيق تهم "الدعارة لبعض المعتقلات بهدف عزلهن عن المجتمع وإطالة أمد احتجازهن".
ماسأة أخرى تتعرض لها السجينات في سجون الحوثي، إذ تظل العديد من السجينات رهن الاعتقال على الرغم من انتهاء مدة العقوبة، وتشترط سلطات الحوثي مرافقة محرم للنساء السجينات للإفراج عنهن، وتحتجز سلطات الحوثي النساء اللواتي أنهين عقوبتهن في السجن إذا لم يكن هناك محرم ليرافقهن عند الإفراج عنهن، أو يُفرج عنهن ويرسلن إلى عهدة ملاجئ النساء إذا رفضت عائلاتهن استقبالهن.
لقد قضى الانقلاب الحوثي على المكتسبات التي حققتها المرأة اليمنية في ظل الثورة والوحدة، لتتصدر قوائم الانتهاكات التي تتعرض لها في اليمن وتحديدا في مناطق الحوثي. فمن العنف إلى التهميش والفقر، باتت المرأة اليمنية عنوان للكفاح المرير للبقاء على قيد الحياة.
وكشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة في عام 2022، عن تعرض ما يقرب من 5 ملايين امرأة وفتاة يمنية للعنف الجنسي منذ الانقلاب الحوثي على الدولة في عام 2014.
ناهيك عن الفقر حيث تعيش 80٪ من النساء اليمنيات تحت خط الفقر، حيث لا تتمكن من الوصول إلى الموارد الأساسية التي تحتاجها للحفاظ على حياتها وحياة أسرتها، خصوصا بعد فقدان عوائلهم نتيجة الحرب، وكذا انقطاع المرتبات.
كما تعاني ملايين اليمنيات من النزوح التي تسبب بها الانقلاب الحوثي، حيث يقدر عدد النازحين داخلياً في اليمن بنحو 4 ملايين شخص، منهم 1.6 مليون امرأة.
ولا شك أن المرأة اليمنية النازحة تواجه تحديات كبيرة، حيث تعيش في ظروف صعبة وغير صحية، وتعاني من نقص الغذاء والماء والرعاية الصحية، كما تتعرض للعنف الجنسي والجسدي.
وتقوم مليشيا الحوثي بإخفاء النساء قسراً في سجون سرية، حيث يتم حرمانهن من التواصل مع العالم الخارجي، وتتعرض النساء في سجون المليشيا الحوثية للتعذيب والإساءة الجسدية والنفسية، بما في ذلك الضرب المبرح، والتهديد بالاغتصاب، والتهديد بالقتل، يتم محاكمة النساء في سجون الحوثي في محاكمات جائرة لا تمنحهن الحق في محاكمة عادلة، غالبًا ما يتم إصدار أحكام غير عادلة ضدهن، بما في ذلك أحكام الإعدام.
وتؤكد التقارير الحقوقية، أن ما تتعرض لها النساء في سجون الحوثي يُشكل مخالفة واضحة للعديد من الاتفاقيات التي كفلت ووفرت الحماية الخاصة للمرأة ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة لاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة وغيرها التي كفلت العديد من الحقوق الأساسية للمرأة بل وجرمت أي اعتداء على تلك الحقوق أو حتى الانتقاص منها.
ربما تكون تلك الوقائع هي نقطة في بحر معاناة المرأة اليمنية في ظل حكم المليشيا الحوثية، فما يمكن توثيقه في ظل القمع والتعتيم الإعلامي، هو بالتأكيد أقل بكثير مما يجري على أرض الواقع، ولعل شهادات الناجيات من سجون الحوثي واللواتي وثقن تجاربهن تعد إشاؤة هامة إلي ما يجري في سجون المليشيا.
والسؤال الذي يحتاج إلي إجابةـ إلي متي سيصمت العالم والمنظمات الدولية على الانتهاكات في حق اليمنيات على يد ميليشا الظلام الحوثية، وإلي متى يظل الشعب اليمني كله أسيرا تحت حكم يعيش في عصور الكهوف.