"العيسي" بعد رحيل هادي .. أيقونة فساد تُصارع من اجل البقاء

السبت 07 سبتمبر 2024 - الساعة 01:35 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


أعادت حادثة وقف شركة "بلقيس" للطيران وخلافها مع السلطات الحكومية في عدن ، الضوء من جديد حول رئيسها رجل الأعمال النافذ / أحمد العيسي ، وتقدم صورة عن الانقلاب الكبير في حجم ومستوى التأثير والنفوذ الذي كان يتمتع به بالأمس واليوم.

 

صورة يمكن رسمها بسهولة من خلال ما قاله الرجل لإحدى القنوات التلفزيونية تعليقاً على وقف الشركة التابعة له مؤخراً من قبل وزارة النقل والهيئة العامة للطيران المدني ، ورد هاتين الجهتين ببيان مشترك على ما قاله.

 

حيث يقول البيان بأن "شركة بلقيس التابعة للأخ أحمد العيسي حصلت على رخصة المشغل الجوي عام 2013م من صنعاء قبل الحرب، وبتوجيهات من مكتب رئاسة الجمهورية، رغم عدم استيفاء الشركة لمتطلبات رخصة المشغل الجوي، وذلك بالمخالفة لقانون النقل الجوي ومعايير المنظمة الدولية للطيران (ICAO)، وبالمخالفة الجسيمة لأنظمة ولوائح هيئة الطيران المدني، ولم تعمل الشركة (لم تدشن عملها)".

 

هنا يشير البيان بوضوح الى طبيعة العيسي كأحد ابرز الشخصيات التي استغلت نفوذها السياسي في مضاعفة أرباحها التجارية في اليمن خلال العقود الثلاثة الماضية، وجاءت الفترة الذهبية للرجل مع تولي عبدربه منصور هادي حكم البلاد عام 2012م.

 

فوصول هادي الذي ينتمي لمحافظة ابين كحال العيسي ، قربت الأخير من دائرة التأثير الضيقة الملتصقة بهادي عبر ابناءه ، وتضاعف الأمر عقب اندلاع الحرب عام 2015م ، وانعزال هادي في الرياض بالسنوات اللاحقة ، ولم يكن مفاجئاً ان يظهر العيسي بصفة "نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية".

 

وهو ما يشير اليه البيان بالفقرة التالية ، حيث يقول بان العيسي تقدم "بعد عام 2016م لهيئة الطيران في عدن بطلب تجديد رخصة التشغيل، وحصل على الموافقة بدعم من مكتب رئاسة الجمهورية في الرياض نظراً لما كان يتمتع به الرجل من نفوذ".

 

توصيف دقيق ومن جهة رسمية لا يحتاج الى تعليق لشرح النفوذ الذي كان يتمتع به الرجل ، بل ان البيان يقدم ملخص موجزاً لاستمرار هذا النفوذ حتى عقب الإطاحة بهادي في ابريل عام 2021م ، حيث يقول البيان بأن شركة العيسي حصلت "على توجيهات استثنائية لتجديد رخصة المشغل الجوي خلال السنوات الماضية، من السلطات السياسية والتنفيذية العليا، رغم عدم توفر شروط التجديد".

 

وخلال فترة تولي هادي وبخاصة في السنوات الثلاث الأولى للحرب ، تصاعد نفوذ العيسي مع منحه مزايا غير مسبوقة أهمها منحه عقود تموين الجيش التابع للشرعية واحتكار استيراد المشتقات النفطية للمناطق المحررة ، ادرت عليه ارباحاً بمئات ملايين من الدولارات في يزعم الرجل بأن ما تدين به الحكومة له أكثر مما جناه من أرباح .

 

وهذه النقطة تحديداً تحولت الى ما يشبه السيف الذي يرفعه العيسي كلما تعرضت مصالحه للخطر ، كما حصل في قضية شركة "بلقيس" ، التي سبق وان صدرت بحقها مطلع العام الحالي توجيهات حكومية بوقف تجديد الترخيص لها والحجز التنفيذي على أموالها وارصدتها ، بناء على قرار من النيابة العامة بعدن.

 

وجاء قرار النيابة بناء على طلب موجه من وزير الإدارة المحلية ، بسبب تهربها عن دفع الرسوم المستحقة عليها لخزينة الدولة منذ تدشين نشاطها عام 2018م ، وهو ما لا ينكره العيسي في تصريحه الذي أدلى به لإحدى القنوات التلفزيونية اليمنية ، ويعرض ان تخصم الحكومة هذه الرسوم من "الديون" التي يزعمها.

 

تذكر حادثة شركة "بلقيس" بحادثة مماثلة قام بها الرجل عبر شركة أخرى تابعة له ، جرى الكشف عنها خلال قضية الاتصالات التي أثيرت العام الماضي ، وحملة الاتهامات التي طالت الحكومة ورئيسها السابق معين عبدالملك حول بيع 70% من شركة "عدن نت" الحكومية لصالح شركة NX  الإماراتية.

 

الحملة التي كان من الواضح وقوف العيسي خلفها ، رد عليه معين حينها بهجوم مضاد وشرس في مؤتمر صحفي تحدث فيه عن وقوف نافذين خلفها ، والمح الى العيسي بحديثه عن قصة شركة "واي" التي يملكها العيسي وكانت قد دشنت عملها في عدن في ذات العام وتوقف بعد 7 أشهر فقط.

 

حيث كشف معين بأن الشركة حصلت على رخصة تشغيل الجيل الرابع مجاناً بأوامر خاصة من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ، وقال بان الشركة أعطيت لها كل إمكانيات الدولة وكل التسهيلات وانها لم تدفع شيئاً للدولة ، بل أضاف ساخراً : لم يدفعوا فلوسهم الى الان ، الاغرب انهم يطالبون الحكومة في خطاب رسمي أن تدفع لهم 149 مليون دولار قيمة الرخصة التي دفعت في صنعاء للحوثي في 2016م.

 

تقدم هذه الحوادث صورة من جوانب مختلفة عدة حقائق ، فكما تعكس حجم المعاناة التي يعيشها العيسي اليوم للحفاظ على مصالحه بعد طي صحفة الرئيس هادي ، تعكس ايضاً حجم الفساد والعبث الذي يطبع الشرعية خلال حكم هادي وما يزال مستمراً حتى الان.

 

ليبرز معها الحقيقة المؤلمة ، كيف اصاب الفساد ولوبي المصالح داخل الشرعية معركة اليمنيين المقدسة ضد جماعة الحوثي الإرهابية في مقتل، وحولها من معركة مقدسة لاستعادة وطن الى معركة غنيمة لصالح حفنة من الانتهازيين وتجار الحروب.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس