انهيار العملة كثمرة للاتفاق المُذل .. هل أدرك "الرئاسي" والأشقاء كارثة الرضوخ للحوثي؟

الاربعاء 16 أكتوبر 2024 - الساعة 11:11 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


في تغريدة ساخرة له على منصة أكس ، يتهكم القيادي الحوثي / حسين العزي من مستوى تضخم أسعار السلع في العاصمة المؤقتة عدن وانهيار قيمة العملة بالمناطق المحررة ، وبأن قيمة الرواتب هناك أصبحت تكفي لشراء "حبتي طماط" باليوم فقط.

 

سخرية القيادي الحوثي تأتي على وقع الانهيار القياسي الذي شهدته العملة المحلية مقابل العملات الصعبة خلال الأسبوع الحالي ، تخطى فيها سعر صرف الدولار الأمريكي الـ 2000ريال للمرة الأولى، والريال السعودي تجاوز 527 ريال يمني وسط عجز حكومي عن وقف ذلك.

 

ولم يغفل القيادي الحوثي السخرية من هذا العجز بالإشارة الى سيطرة الحكومة الشرعية على منابع الثروات في اليمن في إشارة الى حقول انتاج النفط والغاز وموانئ التصدير ، وعلى الرغم من الدعم الدولي للحكومة.

 

وداخل هذا السخرية الحوثية ، سخرية مبطنة من مرور عامين على عجز حكومة الشرعية باستئناف تصدير النفط من موانئ حضرموت وشبوة بعد استهدافها بالطيران المُسير من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية ، وهو ما أحرم الحكومة من 70% من إيراداتها ، كما أحرمها ايضاً من اهم مصادر العملة الصعبة ، حيث كان من المتوقع ان تتجاوز إيرادات النفط لهذا العام 1.5 مليار دولار.

 

ورغم هذه الخسارة الصعبة والقاسية للحكومة وللمجلس الرئاسي والتي أتت بعد أقل من 6 أشهر على تشكله ، الا أن الأخير اكتفى بالرد عليها بقرار تنصيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية ، دون اتخاذ أي حلول لردع الجماعة واستئناف تصدير النفط دون الرضوخ لابتزازها بتقاسم عائداتها ، في حين اكتفت السعودية والامارات خلال العامين الماضيين بإبقاء الحكومة على قيد الحياة مالياً عبر منح وودائع ربما لا توازي عائدات عام واحد فقط من تصدير النفط. 

 

هذا الموقف الضعيف المُغلف برغبة الرياض في إغلاق ملف الحرب في اليمن بعد أكثر من 7 سنوات من فشل الشرعية عسكرياً في انهاء انقلاب الحوثي ، صب في مصلحة الأخير ، من خلال التوصل الى ما تم تسميتها بخارطة الطريق من خلال مفاوضات سرية بين الرياض ومليسيات الحوثي بوساطة عُمانية.

 

ورغم التكتم الشديد على تفاصيل هذه الخارطة الا أن ملامحها الرئيسية التي أعلن عنها المبعوث الأممي أواخر العام الماضي ، وكل المعلومات والتقارير والتسريبات حولها تؤكد بأنها مجرد تنازلات بالجملة لصالح الجماعة الحوثية على حساب معسكر الشرعية.

 

الا أن المليشيا وكعادتها ، رمت بالخارطة عرض الحائط ، وانخرطت في ضرب السفن التجارية بالبحر الأحمر وباب المندب تحت مزاعم نصرة الشعب الفلسطيني في غزة ، وهو ما تسبب بانقلاب الموقف الدولي من الجماعة وتتجمد معه مسار السلام وخارطته.

 

وبالتوازي مع تصعيدها بالبحر ، دشنت المليشيا الحوثي تصعيداً خطيراً بالملف الاقتصادي بإعلانها عن سك عملة معدنية في مارس الماضي والتهديد بطباعة عملة ورقية، ما دفع بإدارة البنك المركزي للتصدي لذلك ولعبث المليشيا بالقطاع المصرفي منذ 2015م ، بسلسلة قرارات هدفت الى فرض سيطرته على القطاع.

 

وعلى الرغم من تغيير الظروف وما لاقته خطوة البنك من دعم وتأييد شعبي كبير بالاضافة لتأيد غربي كخطوة انتقامية لإرهاب مليشيات الحوثي بالبحر ، الا ان المبعوث الأممي فاجأ الجميع أواخر يوليو بالتوصل الى اتفاق بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي يُلغي بموجبه المجلس الرئاسي كل قرارات البنك المركزي، والتعهد بعدم أصدار مثله مجدداً.

 

قرارات مثلت كابوساً مرعباً للمليشيا الحوثي دفعها الى التهديد بضرب المصالح الحيوية للسعودية لتضغط الاخيرة على حكومة الرئاسي بإلغاء قرارات البنك ، وهو ما تم ومثل صدمة وخيبة أمل غير مسبوقة لكل انصار الشرعية وخصوم مليشيا الحوثي.

 

كانت حسابات الرياض التي استجاب لها الرئاسي تنبع من الخشية أن تكون تهديدات الحوثي مخطط لفتح معركة أوسع في المنطقة تتجاوز اليمن ، في ظل النشوة التي كان يعيشها محور إيران حينها عقب طوفان الأقصى ، وفشل إسرائيل والغرب من خلفها في وقف الحرب وانهاء ملف غزة والعجز امام الهجمات التي تشنها مليشيا حزب الله في لبنان والمليشيات العراقية نحو إسرائيل والهجمات التي تشنها مليشيا الحوثي في اليمن ضد الملاحة الدولية.

 

الا أن الامر اختلف كُليا عقب الضربات العنيفة التي تعرض لها مليشيا حزب الله في لبنان ، وفشل الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران مطلع الشهر الحالي نحو إسرائيل وباتت اليوم تنتظر في رعب رد الأخيرة عليه ، وباتت تحاول التخفيف منه عبر التلويح بتحريك باقي اذرعها بالمنطقة وعلى رأسها مليشيا الحوثي في اليمن.

 

حيث تحاول إيران اليوم ابتزاز العالم بالتهديد باستهداف حقول الطاقة في دول الخليج وتحديداً السعودية رداً على أي ضربة قاصمة قد تتعرض لها من قبل إسرائيل، وهو ما سارعت مليشيا الحوثي العمل عليه من خلال اصدرا قياداتها مؤخراً تهديدات غير مسبوقة نحو السعودية.

 

مسارعة مليشيا الحوثي الى تهديد الرياض استجابة لأوامر إيرانية ، تكشف فداحة التنازلات المؤلمة التي قدمتها السعودية ومعها مجلس القيادة الرئاسي للمليشيا تحت وهم السلام معها وخوفاً من عودة الحرب ، التي باتت مليشيا الحوثي تهدد بها بشكل متصاعد مؤخراً.

 

وذات الأمر ينسحب على الملف الاقتصادي والتبريرات التي كانت تُساق حول التنازل المُذل الذي أجبرت عليه الشرعية بالضغط عليها من المملكة خشية من تداعيات التصعيد في هذا الملف على اليمنيين ، في حين تُقر اليوم الحكومة بشكل ضمني بان المليشيا لها يد في الانهيار الذي تشهده العملة المحلية بالمناطق المحررة.

 

حيث قال رئيس الحكومة بن مبارك خلال لقاءه اليوم بقيادة البنك المركزي في عدن بأن "التقديرات المالية والنقدية المؤكدة تشير الى ان ما حدث من انخفاض في أسعار الصرف وتحديداً خلال اليومين الماضيين غير مبرر او منطقي ولا يتوافق مع حجم الكتلة النقدية المتداولة وهذا يؤكد ان ما حصل ليس عفويا ويؤشر لمخطط مرسوم نحن مدعوون للتكاتف لمواجهته".

 

بل يرى بن مبارك بأن "الانخفاض غير المبرر في سعر صرف العملة الوطنية يجب التعامل معه على انه معركة توازي في أهميتها المعركة العسكرية القائمة لاستكمال استعادة الدولة وانهاء الانقلاب، ما يحتم على الجميع التعامل معها وفق هذا الأساس".

 

حديث صريح يعكس فداحة الانكسار الذي قامت به الشرعية ومن خلفها الرياض في المعركة الاقتصادية الأخيرة ، تحت مخاوف التداعيات والتكلفة وغيرها ، في حين تواصل مليشيات الحوثي منذ 2015م، التأكيد لخصومها وللعالم بان ثمن المعركة معها اليوم هو أقل منه غداً.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس