وسائل التواصل الاجتماعي: نافذة لتعزيز حرية التعبير في اليمن
السبت 09 نوفمبر 2024 - الساعة 11:09 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المشاهد نت
تعز - جمال الصامت
تضاءلت حرية التعبير في اليمن منذ اندلاع الحرب في العام 2015 في ظل تكاثر الجماعات المسلحة في البلاد، وتراجع حضور الدولة. هذا الواقع أجبر المواطن على تجنب انتقاد الأطراف المسلحة التي تسيطر على أجزاء متفرقة من البلاد.
استخدمت أطراف الصراع في اليمن القوة لإسكات الأصوات الناقدة في مناطق سيطرتها، وتقلص الفضاء المدني وممارسة الحريات العامة بشكل كبير منذ تصاعد الصراع في 2015. لكنها لم تستطع أن تمنع كل المواطنين من التعبير عن آرائهم.
في ظل وجود الإنترنت وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، يستطيع المواطنون كسر الصمت ورفع الصوت بمطالبهم والتعبير عن تطلعاتهم. ففي تعز، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي واحدة من الوسائل الأساسية التي تمكن السكان من تجاوز قيود الرقابة، وتمنحهم الفرصة للتعبير عن همومهم وقضاياهم.
إيما محمد، ناشطة سياسية في تعز، تؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعي مكنتها من التواصل مع مجتمعها وتجاوز القيود التي تفرضها أطراف الصراع على حرية التعبير.
تقول إيما لـ “المشاهد”: “في ظل الحرب والصراع السياسي والعسكري، من الصعب بل ونشعر بالخطر عندما نتحدث بصراحة عن قضايا الوطن، لكن وسائل التواصل الاجتماعي منحتنا مساحة آمنة نسبيًا للتعبير بحرية”.
تضيف: “أصبحت هذه المنصات وسيلة للتعبير عن الرأي، وأداة تعليمية وتثقيفية، إذ أتاحت لي فرصة التعرف على آراء متعددة ووجهات نظر مختلفة، وتعلمت كيف أن التغيير يمكن أن يبدأ من كلمة أو صورة”.
*تسليط الضوء على قضايا الفساد*
يرى الصحفي إبراهيم الجحيشي أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بفعالية في تنظيم حملات إعلامية تسلط الضوء على قضايا مجتمعية ملحة في تعز، مثل قضايا الفساد، بخاصة في ظل انحسار الصحافة الورقية في اليمن.
يضيف: “أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة ضغط فاعلة، ومكنت المواطنين من التعبير عن آرائهم والمطالبة بالتغيير والمحاسبة، مما أسهم في تعزيز وعي المجتمع حول العديد من القضايا. أصبحت هذه المنصات صوتًا قويًا يسلط الضوء على الفساد والتقصير في الخدمات، ويشجع المواطنين على الانخراط في الشأن العام”.
يؤكد الجحيشي على أهمية وسائل التواصل الاجتماعي لنقل هموم الناس في تعز، وتعزيز الوعي المجتمعي والسياسي، والقيام بدور محوري في تشكيل الرأي العام.
*وسائل الإعلام والقيود المفروضة*
يشير تقرير صادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” حول مؤشر حرية الصحافة العالمي للعام ٢٠٢٤، الذي يقوم بتصنيف ١٨٠ دولة حول العالم، إلى أن اليمن تحتل المرتبة ١٥٤، أي قريبة من الدول التي تواجه أكبر القيود والقمع على الصحافة.
سليمان الشميري، أكاديمي بجامعة تعز، يرى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أداة قوية لتعزيز الوعي الاجتماعي والسياسي لدى المواطنين، حيث يستطيعون الانخراط في النقاش الحر والتعبير عن الآراء السياسية، بعيداً عن القيود التي تعاني منها وسائل الإعلام مثل الصحف والإذاعات والمحطات التلفزيونية.
يوضح الشميري أن الشباب والنشطاء باتوا يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر آرائهم حول القضايا السياسية، مما أدى إلى توسيع دائرة النقاش العام وزيادة الاهتمام بالشأن السياسي المحلي.
يضيف الشميري لـ “المشاهد”: “وسائل التواصل الاجتماعي عملت على رفع مستوى المشاركة السياسية للمواطنين، وأتاحت للمجتمع الوصول السريع والمباشر إلى الأخبار والتحديثات السياسية اليومية، وهذا يعزز الوعي السياسي لدى المواطنين ويبقيهم على اطلاع دائم بالتطورات السياسية.”
يعتقد الشميري أن وسائل التواصل الاجتماعي تساعد المواطنين على تكوين آراء مبنية على مصادر متنوعة ومستقلة، بعيداً عن التحيز الذي قد يصاحب الإعلام التقليدي، وتشجعهم على التفاعل مع القضايا الراهنة ودعم المبادرات التي تهمهم.
يختم حديثه، ويقول: “وسائل التواصل الاجتماعي تمكن المواطنين من الوصول إلى روايات مختلفة ومستقلة عن الأحداث، مما يعزز قدرتهم على التحليل السياسي واتخاذ قرارات مستنيرة. وتسهم هذه الوسائل في مواجهة احتكار الجهات السياسية لمؤسسات للإعلام وتقديم منظور أوسع وأعمق بشأن التطورات السياسية والاجتماعية في البلاد”.