حادثة مقتل ضباط سعوديين .. هل تعيد الرياض حساباتها بملف حضرموت ؟

الثلاثاء 12 نوفمبر 2024 - الساعة 12:58 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


أعادت حادثة مقتل وإصابة ضباط من القوات السعودية داخل مقر المنطقة العسكرية الأولى الجمعة الماضية بسيئون، تسليط الضوء على تعامل الرياض مع ملف محافظة حضرموت ذات الثقل الاستراتيجي في المشهد اليمني.

 

وبحسب تصريح المتحدث باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن العميد الركن تركي المالكي فقد استشهد ضابط وضابط صف وأصيب ضابط بجروح نتيجة الحادث الذي وصفه بالغادر والجبان ، الا أنه أكد بان ذلك " لا يمثل الشرفاء من منسوبي وزارة الدفاع اليمنية".

 

وفي أحدث تطور يعكس حجم الموقف ، وصل الفريق الركن / وزير الدفاع محسن الداعري امس الأحد، الى مدينة سيئون، للإشراف على التحركات الأمنية والعسكرية للقبض على المتهم بالحادثة ويدعى / محمد صالح العروسي وهو أحد جنود اللواء 135 مشاة، التابع لقيادة المنطقة الأولى ومن أبناء محافظة عمران.

 

وكشفت تقارير إعلامية بان مدينة سيئون تشهد منذ الحادثة استنفار أمني وعسكري غير مسبوق ، حيث قامت قوات الأمن وقوات المنطقة الأولى بنشر قوات وآليات في أطراف المدينة وفي الشوارع الرئيسية ومداخل ومخارج الأحياء السكنية، واستحداث نقاط تفتيش دقيقة بحثا عن منفذ العملية ، الذي ما زال فاراً حتى اللحظة.

 

وفي حين تشير تقديرات أمنية الى ان منفذ العملية لا يزال مختبأ داخل المدينة ما يرجح إمكانية القبض عليه ، الا أن تفاصيل الحادثة وخاصة تمكنه من الفرار من داخل مقر المنطقة الأولى عقب ارتكابه للجريمة تطرح علامات استفهام كبيرة.

 

وإزاء الروايات التي تم تداولها عقب الحادثة عن أسباب الجريمة والمزاعم التي تحدثت عن وقوع مشادة كلامية بين القاتل والضباط السعوديين كمحاولة لتصويرها كحادثة جنائية فردية ، الا أن ما تلى ذلك يشكك في صحة هذه الرواية.

 

فتمكن القاتل من الهروب بسهولة من داخل مقر المنطقة التي تعج بالعشرات ان لم يكن بالمئات من الأفراد والجنود دون القبض عليه عقب اطلاق النار يشكك في رواية المشادة الكلامية ، وان ما حدث كان جريمة تم التخطيط لها بعناية.

 

وما يعزز ذلك هو تمكن القاتل من الفرار والاختفاء عن الأنظار بعد 3 أيام من الجريمة ، وإعلان إدارة الأمن بوادي حضرموت عن تقديم مكافئة قدرها 30 مليون ريال يمني (أي نحو15الف دولار) للقبض عليه ، وهو اعلان غير مباشر عن الفشل بالعثور عليه داخل المدينة.

 

ما يجعل السؤال الأهم حول وجود جهات تقف خلف الجريمة ، في ظل الإشادة الواضحة التي لاقتها الجريمة من قبل قيادات بارزة بمليشيا الحوثي الإرهابية والتي امتدح ايضاً المتهم بالجريمة، بالإضافة الى السؤال الهام حول دور قيادة المنطقة العسكرية الأولى من كل ما حدث.

 

فقيادة المنطقة الموالية لجماعة الاخوان وللجنرال علي محسن الأحمر ظلت طيلة السنوات الماضية محل شكوك من قبل أطراف مختلفة بأنها متواطئة في تسهيل عمليات التهريب النشطة للأسلحة الإيرانية القادمة من سلطنة عُمان او من السواحل الجنوبية للمهرة ومنها عبر طرق التهريب الصحراوية ابتدءاً من حضرموت ومأرب والجوف وصولاً الى جماعة الحوثي.

 

في حين ان الشكوك والاتهامات من قبل القوى الجنوبية وعلى رأسها المجلس الانتقالي وأبناء وادي حضرموت ، تدور حول موقف المنطقة الأولى من مليشيا الحوثي ، حيث ينتمي قيادة وأفراد المنطقة الى مناطق تحت سيطرة المليشيا في شمال اليمن.

 

وهو موقف عبر عنه بصراحة محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي في لقاء تلفزيون العام الماضي ، تساءل فيه عن موقف المنطقة العسكرية الأولى من مليشيا الحوثي، ولماذا لا يتم سحبها لمقاتلة الحوثي شمالاً ونشر قوات النخبة الحضرمية بدلاً عنها وهو المطلب المتكرر لأبناء حضرموت.

 

الشكوك الجنوبية بشكل عام نحو قوات المنطقة الأولى لا تعود في حقيقتها لأسباب مناطقية بحته ، بل الى خلفية التجارب التي شهدتها المناطق المحررة بشكل عام مع اندلاع الحرب عام 2015م ، وموقف قوات الجيش التي كانت تتمركز هناك من اجتياح المليشيا الحوثية.

 

ففي حين انضمت جزء من هذه القوات والمعسكرات مع المليشيا الحوثي ، فضل الجزء الباقي من افرادها الانسحاب والعودة الى محافظاتهم شمالاً ، وقد ذكر محافظ حضرموت في لقاءه التلفزيوني تجربة أبناء المحافظة عام 2015م مع قوات المنطقة العسكرية الثانية وكيف غادر منتسبوها ورفضوا قتال عناصر القاعدة التي سيطرت على مديريات ساحل حضرموت.

 

الا أن المطالب من قبل سلطة وأبناء حضرموت ومن خلفهم المجلس الانتقالي الجنوبي طيلة السنوات الماضية باستبدال قوات المنطقة العسكرية الأولى بقوات من النخبة الحضرمية ، ظل يواجه برفض سعودي نتيجة لحسابات خاصة بالرياض ، وكاد هذا الرفض ان يفجر الأوضاع بالمحافظة اكثر من مرة.

 

وفي محاولة سعودية لمنع ذلك ، قدمت الرياض عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي وعوداً للمجلس الانتقالي الجنوبي كشف عنها القيادي البارز بالمجلس ومحافظ حضرموت الأسبق احمد بن بريك باستبدال قوات المنطقة الأولى بقوات من أبناء المحافظة سيتم تجنيدهم ضمن قوات درع الوطن التي تشكلت حديثاً من أبناء المحافظات الجنوبية.

 

وبعد مرور عامين على ذلك ، اكتفت الرياض بتسليم منفذ الوديعة الحدودي بين اليمن والسعودية الى قوات درع الوطن ، دون وجود أي مؤشرات على تنفيذ وعودها بإحلال هذه القوات بدل قوات المنطقة العسكرية الأولى ، بل أن ما ورد في بيان ناطق التحالف عن مقتل وإصابة الجنود الثلاثة أشار الى أن تواجدهم كان بهدف "مساندة قوات المنطقة العسكرية الأولى لمكافحة الارهاب والتهريب".

 

وهو ما يطرح اليوم تساؤلاً جدياً حول ما اذا كانت الرياض ستعيد التفكير في سياسة تعاملها مع ملف حضرموت وخاصة موقفها المؤيد لبقاء قوات المنطقة العسكرية الأولى ورفضها فكرة استبدالها بقوات حضرمية حتى وان كانت موالية لها ، بعد هذه الحادثة؟.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس