كابل الحوثي وعلاقته بملف "تيليمن" .. كيف خسرت الشرعية معركة الاتصالات امام الحوثي؟

الثلاثاء 14 يناير 2025 - الساعة 01:29 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - خاص

 


من جديد أعادت قضية الكابل البحري (1 AFRICA) التي أثيرت مؤخراً، التذكير بملف الاتصالات والفشل الذريع الذي مُنيت به الشرعية طيلة العشر السنوات الماضية امام مليشيا الحوثي الإرهابية.

 

وأثارت الوثائق جرى نشرها مؤخراً جدلاً واسعاً حول طلب شركة تجارية تصريح بربط الكابل الى مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة المليشيا الإرهابية، حيث اظهرت مراسلات بين مسئولين حكوميين حول الأمر الى عدم وجود ممانعة في ذلك.

 

للمزيد اقرأ : فضيحة مدوية .. حكومة الرئاسي تُسهل ربط كابل انترنت جديد للحوثيين – وثيقة

 

 

وهو ما دفع الهيئة العامة للشؤون البحرية بالعاصمة عدن وهي احد أطراف المراسلات الرسمية ، الى نفى الأمر بتصريح لمصدر مسئول بالهيئة ، أشار فيه الى توجيهات وزير النقل للهيئة بعدم إصدار أي تصريح لأي شركة لمد اي كيبلات اتصالات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية. ٠

 

> واقرأ ايضا : الهيئة العامة للشؤون البحرية تنفي الموافقة على مد كابل ألياف ضوئية إلى الحوثي

 

وفي حين يظهر محاولة الهيئة ومن خلفها الحكومة الى امتصاص الغضب الذي فجرته الوثائق ، عبر نشر هذا التصريح مرفقاً بصورة لتوجيهات الوزير ، الا أن ذلك لا ينهي الأمر ، بل ان تفاصيل القصة وخلفياتها غير الظاهرة في الصورة تُعيد التذكير بالحقيقة المرة.

 

حقيقة عمرها عشر سنوات وتحكي فشل الشرعية في انتزاع قبضة مليشيا الحوثي الإرهابية على ملف الاتصالات في اليمن ، بل وفشلها حتى في انشاء اتصالات خاصة بالمناطق المحررة وبعيدة عن تحكم المليشيا في صنعاء.

 

وتحكم مليشيا الحوثي قبضتها على ملف الاتصالات من خلال شركات الهاتف المحمول التي تقع مقراتها في صنعاء بالإضافة الى تحكمها بشركة "يمن نت" المزود الرئيسي لخدمة الانترنت في اليمن.

 

فشل "عدن نت"

 

بداية الفشل للشرعية بملف الاتصالات ، كان النكسة التي تعرض لها مشروع "عدن نت" الذي عولت عليه الشرعية في كسر احتكار المليشيا ، عبر تقديم خدمات الجيل الرابع 4G للمناطق المحررة.

 

المشروع الذي بلغت تكلفته 100مليون دولار ، جرى تدشينه من قبل الرئيس السابق عبدربه منصور هادي منتصف عام 2018م في العاصمة عدن على ان يتوسع ليشمل باقي المناطق المحررة مع نهاية العام ، الا أن الأمر توقف بشكل مريب دون أي إيضاحات وظل نطاق الشركة محصوراً في عدن وببضعة الالاف من المشتركين فقط.

 

ليتم الكشف عن السبب بعد 4 سنوات ، وعلى لسان وزير الاتصالات الراحل نجيب العوج الذي كشف عن حدوث عملية تشفير للبوابة الدولية التابعة لـ"عدن نت" بعد ربطها بالكابل البحري الجديد (AAE-1) الذي ساهمت فيه اليمن قبل الحرب بنحو 58 مليون دولار ، والذي يعد من أحدث الكابلات البحرية لنقل البيانات في العالم.

 

وفي العام التالي أي منتصف 2023م، كشف تقرير برلماني عن تفاصيل الحادثة ، حيث أشار الى ان تشفير الكابل جرى في عهد وزير الاتصالات السابق لطفي باشريف الذي قام باستدعاء مهندسين من صنعاء للعمل عليه وقام مهندسون دوليون بتدريبهم في عدن ، وعقب انتهاء تدريبهم ومغادرة المهندسين الدوليين من عدن ، قام هؤلاء المهندسين بتشفير الكابل وتعطيله ، وفروا نحو صنعاء.

 

السر في "تليمين"

 

التقرير ذاته كشف أيضاً عن سبب عجز الشرعية وحكومتها في فك تشفير الكابل البحري ، حيث أورد التقرير رداً صادماً من وزارة الاتصالات بان السبب هو عدم الاعتراف الدولي بإدارة شركة "تيليمن" المعينة من قبل الشرعية ، واستمرار التعامل مع الإدارة الحوثية في صنعاء.

 

هذا الكشف أزال الغموض بشكل كبير عن اهم أسباب فشل الشرعية في انتزاع ملف الاتصالات من قبضة مليشيا الحوثي ، واستمرار تعامل شركات الكابلات البحرية بتزويد خدمات الانترنت عبر البوابة الدولية في الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثي ، والفشل بالوقت ذاته في فك تشفير بوابة عدن المرتبطة بالكابل (AAE-1) بل وفي ربط البوابة بكابل بحري آخر من بين عشرات الكابلات البحرية التي تمر من خليج عدن.

 

ويتعزز هذا الواقع المختل لصالح الحوثي من خلال حادثة الكابل البحري (1 AFRICA) ، ففي الوثيقة الموجهة من الهيئة العامة للشئون البحرية الى وزير النقل ، تقول الهيئة بأن خطاب التحالف المدير للكابل أشار الى أن الشركة اليمنية للاتصالات الدولية (تيليمن) هي إحدى الشركات المساهمة في مشروع نظام الكابل الذي سيتم عبوره وإنزاله في المياه اليمنية بالبحر الأحمر، وأنه سيكون له تفريعاً إلى الجمهورية اليمنية بمدينة الحديدة (الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي).

 

في حين ان المعلومات المتوفرة على شبكة الانترنت حول مشروع الكابل البحري (1 AFRICA) ، تقول بان التوقيع على مشروع الكابل من قبل الأعضاء المؤسسين تم في ديسمبر 2018، وتم بدء أعمال المشروع مطلع 2021م على أن يبدأ تشغيله بالكامل في عام 2025م .

 

ووفق المعلومات فقد بدأ تشغيل بالكابل مع حلول نهاية عام 2023م، بالربط بين دول كينيا وجيبوتي وباكستان والإمارات والسعودية ومصر وفرنسا والسودان، بالإضافة الى الجزائر وتونس وإيطاليا ، على أن يربط دولاً أخرى عام 2024م من بينها اليمن.

 

وهو ما دفع وزير الاتصالات السابق في حكومة المليشيا الحوثي غير المعترف فيها المدعو مسفر النمير الى التصريح في مارس 2024م بوجود ثلاثة مشاريع للربط من كابلات بحرية جديدة، وان وزارته "مستمرة في متابعتها والتنسيق لإدخال السفن إلى البحر الأحمر لإيصال تفريعات الكابلات لميناء الحديدة". 

 

ما يكشف في أن التعامل الدولي مع إدارة شركة تيليمن الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية مستمراً حتى الان ، مع فشل الشرعية في فرض التعامل مع الإدارة المعينة من قبلها ، وهو حجر الزاوية في فشل الحكومة الشرعية في ملف الاتصالات.

 

انسحاب من المواجهة

 

وفي هذا السياق لابد من الإشارة الى المحاولة الوحيدة الجادة من قبل الحكومة الشرعية في ملف الاتصالات ، وجرت العام الماضي باستغلال عودة التصنيف الأمريكي لجماعة الحوثي ضمن الكيانات الإرهابية.

 

وجاء ذلك بعد ان تقدم التحالف المدير للكابل  (AAE-1)الذي تم تشفيره على بوابة "عدن نت" ، بطلب تصريح الى الحكومة للسماح بإصلاحه ، حيث تعرض للضرر الى جانب كابلان أخران، بسبب سفينة "روبيمار" التي أغرقها الحوثيون في أواخر فبراير من العام الماضي.

 

حيث كشفت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية بأن الحكومة اليمنية التي رفضت طلب الترخيص بسبب رفض التحالف المدير للكابل التعامل مع الحكومة وإدارة تيليمن المعينة من قبلها.

 

بل أخطرت الحكومة الشركاء المساهمين في الكابل البحري بأنهم يخضعون للتحقيق لارتباطهم بشركة تيليمن الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي ، وإمكانية تقديمهم دعما ماديا إلى جماعة إرهابية محددة وأنهم "ربما يمولون الإرهاب بشكل غير مباشر".

 

كما كشفت الوكالة الأمريكية عن قيام النائب العام في عدن القاضي / قاهر مصطفى بمخاطبة أعضاء تحالف الكابل البحري AAE-1، بأن الحكومة بدأت التحقيق الجنائي "المتعلق بمزاعم غسل الأموال وتمويل الإرهاب" بسبب تعاملهم مع جماعة الحوثي.

 

الا أن الوكالة سرعان ما كشفت عقب شهرين فقط عن إتمام عملية اصلاح كابل بحري متضرر بالبحر الأحمر بعد تراجع الحكومة في عدن بشكل مفاجئ ودون سبب واضح عن موقفها برفض إصلاحه جراء سيطرة جماعة الحوثي عليه.

 

ورغم هذا التراجع الصادم ، الا أنه يقدم نموذجاً واحد عن الأوراق التي يمكن للشرعية ان تستخدمها بكل سهولة لقلب الطاولة على مليشيا الحوثي في ملف الاتصالات ، وتؤكد من جديد بأن الهزيمة التي تعاني منها الشرعية في مواجهة المليشيا في كل الملفات ما هو الا نتاج لغياب الإرادة الحقيقة في خوض معركة حاسمة ضدها.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس